أعاد فيلم "عمر قتلني" للمخرج رشدي زام قضية البستاني المغربي عمر الردّاد، الذي اتهم بقتل مشغّلته؛ إلى الأضواء، بعد بدء عرض الفيلم على الشاشات السينمائية في مجموعة من البلدان، من بينها فرنسا والمغرب، وهو ما دعا السلطات لإعادة فتح ملف القضية. فحوص الحمض النووي وبعد عرض الفيلم، تم قبول طلب الردّاد بإجراء فحوص جينية لتحليل آثار حمض نووي ذكوري عُثر عليها عام 2002، مختلطة بدم الضحية غيلان مارشال، والذي كُتبت به جملة "عمر قتلني"، وقد بيّنت الفحوص أن تلك الآثار لا تطابق الحمض النووي للردّاد، ما يعني أنه ليس الجاني الحقيقي، وفقاً لإعلان لجنة مراجعة المحاكمات الفرنسية. ويبرز الفيلم واقع الآلة القضائية الفرنسية التمييزية، التي حاكمت العرق العربي لعمر، بعيداً عن المساواة والمحاكمة العادلة، التي تدعو إليها فرنسا المعروفة بأنها دولة القانون، والعدالة والإنسانية. وفي هذا الإطار، قال زام: "لما تعمقت في البحث حول تفاصيل القضية، التمست عناصر مهمة، كان من شأنها المساهمة في تبرئة عمر الرداد"، مضيفاً أن إيمانه ببراءة عمر هو ما جعله يصر على إنجاز الفيلم، الذي حاول أن يكون موضوعياً، في تناوله. ويصور الفيلم كيف حاول عمر الردّاد أن يشرح للمحققين أنه بريء، وأنّ الضحية كانت بمثابة أم ثانية له. وهي لم تكن لترضى بتشغيله بستانياً، وهو الشاب الأمي الآتي للتوّ من منطقة جبال الريف شمال المغرب، لولا أنها كانت تعرف والده منذ عام 1962، إذ كان يشتغل بستانياً عند جارتها لغاية تقاعده. عفو من جاك شيراك ومنذ حصوله على عفو من جاك شيراك، رئيس الجمهوريّة الفرنسي آنذاك، بفضل تدخل الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، خاض عمر الرداد معركة إعلامية وقضائية شائكة، امتدت سبعة أعوام، لكن القضاء رفض كل الطلبات التي تقدّم بها البستاني المغربي على مدى السنوات العشر الأخيرة، لفتح الملف مجدّداً، ومراجعة الحكم الصادر بحقه، وإعادة الاعتبار إليه. وظل يعاني من قسوة العدالة ويصر إلى اليوم على براءته ويطالب بإعادة محاكمته من جديد، وفق ملف وأحداث جديدة، إلى أن عرفت قضيته تطوراً بفتح التحقيقات من جديد مباشرة بعد العروض الأولى للفيلم في القاعات السينمائية، مما أحيا الأمل من جديد لدى البستاني المغربي، الذي سبق وحوكم ب18 سنة سجناً، ليحظى بعفو لم يبرئ ذمته، مع أن الرأي العام كان يرجح براءة عمر الرداد حين مثوله أمام محكمة نيس خريف 1994. لكن الاستراتيجية التي تبناها الدفاع بقيادة المحامي المثير للجدل جاك فيرجس، لم تؤت أكلها حسب ما تداولته الصحافة في تلك الفترة، لأن المرافعات فضلت تحويل المحاكمة إلى محاسبة النظام القضائي الفرنسي، بدلاً من إبراز الأخطاء والثغرات التي شابت التحقيق، واصفة إياه بالعنصرية وبأنه ينطلق من خلفيات استعمارية في مواجهته لبستاني مغربي فقير. حقائق عن الفيلم الجزائري رشيد بوشارب، منتج الفيلم، والذي كتب السيناريو رفقة الكاتب الفرنسي أوليفييه غورس، اعتمدا على كتاب جان ماري روار "عمر الردّاد: اختلاق متَّهم" (1994)، وهو كاتب آمن ببراءة الرداد، فاستقر في مدينة نيس (مسرح الجريمة) ليجري تحقيقاته الخاصة في القضية، إضافةً إلى سيرة الرداد التي كتبها بعد خروجه من السجن. يستند البناء الدرامي للفيلم على الكثير من اللحظات العصيبة التي عاشها الرداد بالسجن: إضرابه عن الطعام، محاولته الانتحار، واللحظات المشرقة التي كانت تؤكد براءته قبل أن تتحول إلى كوابيس. إضافة إلى العناصر الأخرى التي تطرح علامات الاستفهام حول مجريات التحقيق وملابسات الجريمة. أدى أدوار بطولة الفيلم، كل من الممثل الفرنسي ذي الأصول التونسية سامي بوعجيلة في دور "عمر الرداد"، والممثل الفرنسي، دنيس بوداليداس، في دور النائب العام في المحكمة، والممثل موريس بن عيشو في دور المحامي الشهير "جاك فيرجيس"، وشيرلي بوسكي في دور الضحية "جوسلين مارشال"، التي قتلت يوم 23 يونيو/حزيران 1991، والممثلة الفرنسية من أصل جزائري نزهة خوادرة، والعديد من الوجوه السينمائية الفرنسية، والمغاربية.