حسمت محكمة الاستئناف الإدارية في الرياض قضية تحويل رواتب موظفي المسجد النبوي الشريف إلى البنوك بشكل نهائي وقاطع وصادقت على الحكم الصادر لصالحهم بإلزام الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بتحويل رواتب الموظفين. وجاء تأييد الحكم من محكمة الاستئناف ليكتسب الحكم القطعية ويصبح حكمًا نهائيًا وواجب النفاذ. وفي تفاصيل الحكم وصدر بعد أكثر من 4 سنوات من المداولة- انه وإعمالًا لقاعدة الضرر يزال، ولما كان تصرف المدعى عليها وغيرها من جهات الإدارة منوطًا بالمصلحة والتيسير على الموظفين وعدم المشقة عليه، وذلك متحصل في تحويل رواتب المدعين للبنوك وحيث إن مطالباتهم جاءت متوافقة مع صريح النظام وصحيح أحكامه فإن الدائرة تنتهي إلى القضاء بإلزام المدعى عليها بتحويل رواتب المدعين إلى البنوك التي يرغبونها اعتمادًا على ما جاء في القواعد العامة والإجراءات التنفيذية لتحويل رواتب موظفي الدولة عبر نظام التحويلات المالية (سريع). وتضمن الحكم الذي جاء في 14 صفحة أن ما دفعت به الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وما تستند إليه أن في التحويل إلى البنوك إجبار على الربا، وذلك مخالف للشريعة الإسلامية فكلامها مردود بأن التحويل إلى البنوك ليس إجبارًا على التعامل بالربا؛ إذ إن أغلب البنوك الموجودة في هذه البلاد ولله الحمد بنوك ذات صبغة إسلامية وتجري تعليمات الشرع المطهر على تعاملاتها وتستعين بلجان شرعية يقوم عليها علماء كبار ذوو اختصاص في الاقتصاد الإسلامي مع أن المدعى عليها تعلم أن جُل البنوك لا تقرض الموظفين إلا عن طريق المرابحة الشرعية المباحة ومن أراد الربا وصل إليه ولو لم يحول راتبه على البنك كما أن إيداع رواتب الموظفين بالبنوك يسهل عليهم حفظها فضلًا عن الاستفادة من خدمات تلك البنوك في سداد مدفوعاتهم وتحويل الاموال في مختلف تعاملاتهم بكل يسر وسهولة دون أن تضطرهم المدعى عليها للوقوف في طوابير طويلة يودعون فيها رواتبهم وقد لا تقبل إيداعاتهم الا عن طريق اجهزة الصرف الآلى ولا تدخل في حساباتهم إلا بعد يوم أو يومين في مشهد عناء متكرر كل شهر وموظفو المدعى عليها قائمون على خدمة بيت الله سبحانه وقبلة المسلمين يؤدون اعمالًا ليست كأعمال غيرهم فكان بالأحرى بالمدعى عليها ألا تذيقهم المشقة والعنت في سبيل الحصول على رزقهم وقوتهم وان تجعل لهم من سبل الراحة ما يسهل عليهم أداء مهمتهم ولا أقل من أن ينعموا كغيرهم بهذا التيسير في تحويل رواتبهم آليًا لحساباتهم في البنوك. واستطرد القضاة المختصون بنظر القضية في سرد الأسباب التي دعتهم لهذا الحكم أن تمسك الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بمنعها تحويل رواتب موظفيها خوفًا من الوقوع بالربا ليس له وجه في ظل وجود مصارف إسلامية تشرف عليها هيئات شرعية والمدعى عليها ليست جهة للفتوى وليس ذلك من اختصاصها والفتوى بالحل والحرمة التي يجب ان تسير عليه الجهات الإدارية إنما هو للجهات المختصة في الدولة وهي هيئة كبار العلماء التي وضعتها الدولة لتبين الاتجاهات الشرعية لها وقد أفتى مفتى المملكة السابق الإمام عبدالعزيز بن باز بأنه لا مانع ولا حرج فيه. ولكل ما سبق وإعمالا لقواعد التنفيذية لصرف رواتب موظفي الدولة بواسطة البنوك الوطنية وأخذًا بكون البنك إنما وكيل عن المدعي وحتى تتحقق المساواة في المعاملة الواجبة بين الموظفين في الدولة الموجودين في مراكز نظامية واحدة فإن الدائرة تنتهي إلى إلزام المدعى عليها بتحويل رواتب المدعين إلى البنوك.