بعد 4 أعوام وعلى مدى 11 جلسة شهدتها الدائرة الفرعية التاسعة عشرة بالمحكمة الإدارية بجدة، أيدت الدائرة الأولى بمحكمة الاستئناف الإدارية بالرياض، الحكم الذي كانت المحكمة الإدارية بجدة، أصدرته لصالح موظفي المسجد النبوي الشريف بتحويل مرتباتهم إلى البنوك، ملزمة بذلك الرئاسة العامة للحرمين الشريفين بالمدينة المنورة بتطبيق الحكم بعد أن بات نهائياً وواجب النفاذ. وبالرغم من أن نص الحكم، الذي ورد في 14 ورقة، كان دقيقاً في وصفه للآلية التي يتم من خلالها تسليم الموظفين مرتباتهم عبر البنوك حيث ورد في نص الحكم "إيداع"، وهو ما يختلف إجرائياً في البنوك عن التحويل، إلا أن فرحة الموظفين ال 32 لم تكتمل، وهم ينظرون إلى المستقبل القريب بتوجس، فزملاؤهم من موظفي الرئاسة العامة في مكةالمكرمة صدموا من إجراء الرئاسة حين عمدت إلى تحويل مرتباتهم عبر البنوك وليس عبر الإيداع، الأمر الذي يقطع على الموظفين طريق الاستفادة من القروض البنكية والمزايا المصرفية الأخرى. وجاء الحكم حازماً في اختيار مصطلحاته وعباراته، ويظهر ذلك جلياً في رد ديوان المظالم على الرئاسة بالقول "إن أغلب البنوك الموجودة في البلاد بنوك ذات صبغة إسلامية، وتجري تعليمات الشرع المطهر على تعاملاتها، وتستعين بلجان شرعية يقوم عليها علماء كبار ذوو اختصاص في الاقتصاد الإسلامي مع العلم أن المدعى عليها وهي الرئاسة تعلم أن جل البنوك لا تقرض إلا عن طريق المرابحة الشرعية المباحة". وتلك الصيغة التي وردت في ثنايا الحكم تأتي ردا على ما تصر عليه الرئاسة، وهي تؤكد أن التحويل إلى البنوك فيه إجبار على التعامل بالربا، وذلك مخالفة للشريعة الإسلامية، بحسب تصريحات مسؤوليها. وفي الصفحة 11 من الحكم، يشير أعضاء الدائرة إلى أن من القواعد المعتبرة في الشريعة الإسلامية قاعدة (المشقة تجلب التيسير) وهو ما يسعى إليه المدعون حيث إن إيداع رواتبهم في البنوك يسهل عليهم حفظها فضلاً عن الاستفادة من خدمات تلك البنوك في سداد مدفوعاتهم، وتحويل الأموال في مختلف تعاملاتهم دون أن تضطرهم المدعى عليها للوقوف في طوابير طويلة ليودعوا رواتبهم في حساباتهم، وقد لا تقبل إيداعاتهم إلا عن طريق أجهزة الصراف الآلي، أو لا تدخل في حساباتهم إلا بعد يوم أو يومين في مشهد عناء متكرر شهرياً. ويعود الحكم ليؤكد ما سبق إقراره في الحكم السابق لصالح موظفي الرئاسة العاملين في مكةالمكرمة، حينما أشار إلى أن "رئاسة الحرمين ليست جهة للفتوى وليس ذلك من اختصاصها، والفتوى بالحل والحرمة التي يجب أن تسير عليها الجهات الإدارية إنما هي للجهة المختصة في الدولة، وهي هيئة كبار العلماء التي وضعتها الدولة لتبين الاتجاهات الشرعية لها، فقد أفتى مفتي عام المملكة السابق الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، بأنه لا مانع من ذلك ولا حرج فيه حينما سئل عن جواز فتح حسابات في البنك حتى يستلم الموظف منه راتبه". يذكر أن "الوطن" كانت قد انفردت بمتابعة القضية منذ بدايتها وعلى مدى 11 جلسة وزعت على مدى أربعة أعوام.