مصائب قوم عند قوم فوائد" مثلٌ يُعتبر وصفاً دقيقاً ينطبق على الوضع الذي تعيشه أسواق المواشي في المملكة هذه الأيام؛ فبينما يعاني مربو الماشية وتجارها ويشتكون من ارتفاع أسعار الشعير يتفاءل بهذا الارتفاع على الطرف الآخر مستهلكو اللحوم أملاً بانخفاض أسعار المواشي بشكل عام والذبائح والأضاحي بشكل خاص. وقد تجاوز سعر كيس الشعير في بعض المناطق 55 ريالاً، فيما لا تزال أسعار الأغنام والمواشي ثابتة على ارتفاعها السابق، وإن حدث انخفاض في بعض المناطق فإنه يعتبر انخفاضاً لا يُذكر مقارنة بالأسعار التي تشهدها غالبية أسواق المواشي في المملكة، خاصة في المنطقة الغربية. ومن جانبهم اشتكى مربو وتجار الماشية من ارتفاع أسعار الشعير، وعدم جدوى البدائل التي ارتفعت أسعارها هي الأخرى، رغم أنها محلية الإنتاج، مطالبين بزيادة الإعانة على الشعير المستورد، ومعبرين عن قلقلهم من الارتفاع التدريجي لأسعار الشعير الذي بدأ منذ نهاية شهر شعبان الماضي، ووصل ذروته خلال الأسابيع الأخيرة، فيما ما زالوا يكابرون ويمتنعون عن بيع المواشي بأسعار منخفضة رغم الخسائر التي توالت على الغالبية منهم؛ كون الأعلاف باتت تشكّل هاجساً كبيراً وتقلل من أرباح المربين وتجار الماشية. ويتفق سلطان سعود ومحمد الروقي وفلحان السبيعي على أن زيادة إعانة الشعير باتت ضرورة ملحة لما تشهده أسواق الأعلاف من أزمة تؤثر بلا شك في الثروة الحيوانية؛ كون الكثيرين من مربي الماشية سيضطرون مع استمرار ارتفاع أسعار الشعير إلى ترك تربية المواشي للخسائر الفادحة التي باتت تتوالى عليهم؛ كون أسعار المواشي لم تعد تغطي تكلفة تغذيتها. وطالب مربو الماشية وزارة الزراعة بسرعة التدخل والعمل على زيادة إعانة الشعير، مع تكثيف الرقابة على الموردين والموزعين؛ لمنع التلاعب في أسعار الشعير. مؤكدين أن غالبيتهم من ذوي الدخل المحدود، وأنهم يعولون أُسراً كبيرة، فيما انعكس ارتفاع الأسعار سلباً على دخل هذه الأسر. وفي الطرف الآخر يجد مستهلكو اللحوم أن ما يحدث من أزمات في أسعار الشعير يأتي نتيجة جشع ومغالاة مربي الماشية وتجارها؛ حيث وصلت أسعار الذبائح إلى 1300 ريال دون أدنى مبرر، رغم انخفاض أسعار الشعير في الفترة الماضية إلى مبالغ وصلت إلى 30 ريالاً للكيس. واتفق كل من: بندر العتيبي وخالد البقمي وناصر حمدان على أن زيادة إعانة الشعير تُكلّف الدولة مبالغ طائلة من الأولى صرفها في مشاريع تخدم الجميع؛ حيث إن الإعانة التي تدفعها الدولة كل عام للشعير تكلف أكثر من مليار ريال، وهو مبلغ كفيل بإنشاء عشرات المستشفيات والمشاريع التنموية التي ستحتضن العاطلين عن العمل. وقال مستهلكو اللحوم إن إعانات الدولة للشعير لم تدفع تجار ومربي الماشية إلى خفض أسعار المواشي التي واصلت الارتفاع حتى وصلت إلى مبالغ خيالية، اضطر معها البعض للاتجاه للحوم البيضاء أو الاستغناء عن اللحوم، خاصة الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود. وطالب المستهلكون الجهات المختصة بالاتجاه إلى النظام المعمول به في معظم الدول العربية، الذي يتم من خلاله بيع المواشي عن طريق وزنها؛ وذلك لمنع جشع تجار المواشي والتلاعب الذي يحدث في هذه الأسواق التي تتزعهما العمالة الوافدة، والإفريقية على وجه الخصوص.