قبل 48 ساعة من «يوم الحسم» اجتاحت التظاهرات المليونية أمس، جميع المدن المصرية للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي ونظام جماعة الإخوان الحاكم، وكما كان متوقعاً فقد حدثت اشتباكات عنيفة بين الجانبين أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وإحراق 5 مقار لحزب الحرية والعدالة، إذ كان أشد المواجهات في الاسكندرية التي شهدت مقتل شخصين وإصابة العشرات بجروح وإحراق مقر «الإخوان» في المدينة بعد السيطرة عليه، بينما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع للتفريق بين المشتبكين، في وقت قتل شخص وأصيب العشرات في اشتباكات وقعت فجر أمس بين الجانبين في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، بينما شهد ميدان التحرير في القاهرة وأحياء أخرى في العاصمة المصرية تظاهرات عارمة ضد مرسي، بينما لم يفلح «الإخوان» في حشد مليونية للمشاركة فيما أسموه جمعة «الشرعية خط أحمر» لدعم رئيسهم، فيما حذّر الجامع الأزهر من اندلاع حرب أهلية. وقتل متظاهرين اثنين أحدهما مصوّر صحافي أميركي طعناً وأصيب 88 في الاشتباكات الدامية التي وقعت بمدينة الإسكندرية بين عناصر «الإخوان» والمتظاهرين الذين خرجوا بالآلاف ضد حكم مرسي، وقال مصدر أمني إن معظم المصابين أصيبوا بطلقات خرطوش أمام المقر الرئيسي لمقر جماعة الإخوان في منطقة سيدي جابر، وأضاف أن الأسلحة البيضاء والزجاجات الفارغة والعصي والحجارة أيضا استخدمت في الاشتباكات. وقالت مصادر متطابقة إنه بعد كرٍّ وفرٍّ بين الجانبين لمدة ثلاث ساعات انسحب عناصر «الإخوان» ليقتحم مئات المتظاهرين مقر «الجماعة» ويقوموا بإحراقه. من جانبه أشار إيهاب القسطاوي منسق حركة «تغيير» المعارضة أنه «فور وصول مسيرة القائد إبراهيم إلى ميدان سيدى جابر، أطلق مجهولون الخرطوش على المتظاهرين، مما أدى إلى إصابة ثمانية متظاهرين على الأقل بطلقات الخرطوش». اشتباكات وحرق مقار وفي محافظة الدقهلية التي أعلن عن وفاة رابعة إثر اشتباكات الأربعاء بمدينة المنصورة، أصيب أصيب خلالها العشرات بعضهم جروحهم خطرة إثر الاشتباكات العنيفة بين «الإخوان» ومتظاهرين أمام مقر حزب «الحرية والعدالة» في منطقة أجاالذي قام المتظاهرون بإحراقه. وفي مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، شيّع المئات شاباً قتل في اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وجماعة الإخوان قرب مقر الجماعة الذي تعرّض للحرق فجر أمس، واستُخدمت خلالها الأسلحة النارية والبيضاء، حيث أصيب عدد غير محدد من الجانبين. وفي مدينة حوش عيسى بمحافظة البحيرة، أطلق مجهولون النيران بكثافة على المتظاهرين المعارضين لمرسي أثناء انطلاقهم بمسيرة حاشدة بوسط المدينة من غير أن يعلن عن وقوع إصابات. وفي محافظة كفر الشيخ أحرق مئات المتظاهرين مقرين لحزب «الحرية والعدالة»، كما أحرقوا مقر الجماعة بشبراخيت. تظاهرات ميدان التحرير أما في القاهرة، فشهد ميدان التحرير اقتحاماً لمجهولين فجرا أطلقوا النار على عشرات المعتصمين بالميدان ما أدى إلى حالة من الذعر بالموقع وأدى الحادث لوقوع إصابة واحدة على الأقل. وعند الظهر في وقت صلاة الجمعة وما بعدها شهد الميدان تظاهرات مليونية تنادي بسقوط مرسي ونظامه وقام عدد من المتظاهرين بحرق صورة مرسي وصورة السفيرة الأميركية في القاهرة. وتجمعت عشرات التظاهرات التي ضمت عشرات الآلاف من أحياء وميادين القاهرة في الجامع الأزهر السيدة زينب ومسجد الحسين ومصطفى محمود ودوران شبرا والخلفاوي والجيزة لتلتقي في ميدان التحرير عن العصر وتهتف بسقوط مرسي وسط تحليق كثيف لطائرات تابعة للشرطة الجوية. أما تظاهرات «الإخوان» الذين دعوا إلى مليونية تحت مسمى «الشرعية خط أحمر» فانحصرت في ميدان رابعة العدوية وقدرت الأعداد بالآلاف، وهتف أعضاء الجماعة بهتافات مؤيدة لمرسي ومنددة بمعارضيه، واتهموا في هتافاتهم التي أطلقوها ما أسموه «محاولة فلول الحزب الوطني المنحل إشعال الفتنة في البلاد»، ورفع أعضاء الجماعة لافتة مكتوباً عليها «رحيل مرسي عشم إبليس في الجنة». كما شهدت مدن المنوفية والمحلة ومحافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد ورفع المحتجون والمتظاهرون أعلام مصر ولافتات باللغتين العربية والإنكليزية تطالب برحيل مرسي، وحملوا مكبرات صوت تذيع أغنيات وطنية. «الأزهر» والكنيسة في السياق، حذر الجامع الأزهر من «حرب أهلية» في مصر ودعا للهدوء، وقال رئيس المكتب الفني لمشيخة الأزهر وكبير مستشاري شيخ الأزهر حسن الشافعي في بيان: «يجب اليقظة حتى لا ننزلق إلى حرب أهلية لا تفرق بين موالاة ومعارضة ولا ينفعنا الندم حين ذلك». ودان الأزهر «العصابات الإجرامية التي تسببت في سقوط ضحايا ومصابين من شباب مصر الطاهر»، واستنكر «بشدة حصار بعض المساجد في المنصورة وغيرها من بعض الجهلة الذين لا يريدون الخير لمصر وأهلها». إلى ذلك، قالت مصادر مقربة من الكنيسة إن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أمر بتجميد الأنشطة المختلفة بالكاتدرائية بالعباسية وذلك لمدة أسبوع نظرًا للأحداث الراهنة التي تمر بها البلاد، وتشمل هذه الأنشطة مدارس الأحد والاجتماعات العامة والمؤتمرات والندوات. من جانبها، قالت حملة «تمرد» في بيان موجّه لجماعة الإخوان إن «الدم المصري كله حرام»، وأضافت: «اتقوا الله في أنفسكم وفي شبابكم وشباب مصر». أوضحت الحملة، أن رسالتها إلى شباب مصر كلهم «الدم المصري حرام والمواجهات لن يستفيد منها إلا قيادات تقف تشاهد ما يحدث ولا يشارك أحد من أبنائهم في حماية مقار للجماعة، فلم يسمع يوماً عن ابن قيادي إخواني أصيب أو قتل»، على حد قولها. دعوات حوار وفي سيل ردود الأفعال الدولية على المشهد الدامي، دعت وزارة الخارجية الروسية، السلطات المصرية وكافة القوى السياسية في البلاد إلى العمل في إطار القانون، وتجنب أعمال العنف. في السياق، حضّت الولاياتالمتحدة الأميركية على الحوار بين الأطراف السياسية المختلفة في مصر، مشيرة إلى أنها تراقب عن كثب التظاهرات الجارية هناك. على الصعيد، دعا كلٌ من الاتحاد الأوروبي ومنظمة العفو الدولية طرفي النزاع إلى احترام حق التجمّع السلمي. مقاطعة منتجات دعت حملة «تمرُّد» مساء أمس الشعب المصري إلى مقاطعة منتجات مصانع ومحال تجارية تقول إنّها مملوكة لأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين. ووضع أعضاء «تمرُّد» بمحطات مترو الأنفاق وبالشوارع الرئيسية في وسط القاهرة ملصقات تتضمن قائمة ب 52 مصنعاً وشركة متنوعة وسلاسل أسواق تجارية، قالت إنها مملوكة لقيادات وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المصري محمد مرسي وتمثِّل النظام الحاكم، داعية المصريين إلى مقاطعتها.