عاجل ( عبدالعزيز الزهراني ) يبدو أن حملة الشهادات الجامعية أو شهادات الدبلوم أو أية شهادة بعد المرحلة الثانوية في السعودية سيختلفون عن أقرانهم الذين تخرجوا من جامعات أو كليات في السنوات الماضية، نتيجة الأنظمة التي استحدثتها السعودية في مسيرة مؤسسات التعليم فوق الثانوي وتشرف عليها الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي كجهاز مستقل عن وزارة التعليم العالي يُعنى بتخليص مؤسسات التعليم بعد الثانوي من ترسبات العقود الماضية وما رافقها من ترهل في الأنظمة التعليمية ، إذ يقول أمين الهيئة الدكتور عبدالله المسلم في مؤتمر صحافي عقد الثلاثاء 23أبريل2013 تمهيدا للمؤتمر الدولي لضمان الجودة في التعليم فوق الثانوي الذي يرعاه الملك عبدالله ويعقد السبت المقبل في الدمام.. يقول :"إن نتائج عمل الهيئة ستنعكس على الاقتصاد الوطني وعلى التنمية الشاملة –البشرية والمادية- وسيستفيد منها بالدرجة الأولى الطلبة . حيث سينصف الطالب أو الطالبة في المؤسسة التي يدرس بها ، وسيحظى بمناهج متوافقة مع العصر ، وستتجه الجامعات بسبب متطلبات الجودة نحو تكثيف جانب المهارات حتى لو كان على حساب تقليل الجانب النظري وسيرتقي التعليم وسيزدهر البحث العلمي، بل ستستفيد المجتمعات المحلية المحيطة بالمؤسسات التعليمة من الانفتاح الذي سيطرأ على الجامعات في التعاون بين الجامعة ذاتها وبين مجتمعها، وسيستفيد المجتمع في دائرته الأوسع بالانفتاح الذي سيطرأ على الجامعات في دعم ومعالجة القضايا الوطنية. ولن يوجد مكان للأستاذ الجامعي الذي لا يحمل مؤهلات جيدة في الجامعات التي تعمل على الحصول على الاعتماد. مشيرا إلى أن هذه النتائج إنما هي جزء من سلسلة طويلة من النتائج المباشرة وغير المباشرة التي تتحقق تبعا لتطبيق معايير الاعتماد الأكاديمي على المؤسسات التعليمية والبرامج الأكاديمية ، وهي المعايير التي يمكن تلخيصها في كلمة واحدة هي(الجودة) أي أن الجودة هي الأساس في جميع معايير الاعتماد ال 11 التي يقوم عليها نظام الاعتماد الأكاديمي في السعودية. واستطرد الدكتور المسلم بقوله :"إن الغالبية في المجتمع الأكاديمي في السعودية لم يكونوا يعرفون الجودة في المنتج التعليمي خلال السنوات الماضية" وأضاف في حديثه عن نشأة الهيئة بأنه وفريق العمل معه عملوا لسنوات على وضع نظام لبلوغ مرحلة الجودة في مؤسسات التعليم العالي بمواصفات عالمية ويكون مراعيا للبيئة المحلية. فهم لم يستقوا أنظمة للتقويم الأكاديمي من الدول ذات التجارب العريقة (أمريكا واستراليا وبريطانيا)، بل بدأ العمل في وضع النظام "من الصفر" – على حد قوله – وأن نظام الهيئة السعودية للتقويم والاعتماد الأكاديمي تمت مراجعته من قبل فريق خبراء دوليين لتنقيحه ، وهؤلاء علقوا على النظام السعودي للاعتماد بعدما "فصفصوه" بقولهم إن نظام الاعتماد في السعودية لا يشبه أنظمة مدارس الاعتماد العريقة، في إشارة إلى أن النظام يعدّ في حد ذاته مدرسة جديدة من مدارس الاعتماد. متحديا هيئات الاعتماد الدولية بألا تعتمد ما يتم اعتماده في السعودية. واستخدم الدكتور المسلم مفردة "نفض الغبار" في حديثه عن مراحل تهيئة الجامعات للاعتماد الأكاديمي عبر برامج نشر ثقافة الجودة التي شملت آلاف من أعضاء هيئة التدريس والعاملين في مؤسسات التعليم بعد الثانوي. أما مدير جامعة الدمام الدكتور عبدالله الربيش فذهب إلى القول:"إن الجودة في مؤسسات التعليم بعد الثانوي إنما تحقق نهضة وطنية حقيقية، وأن نتائج التطوير وفق معايير الاعتماد تؤثر في الناس كافة سواء كانت لهم علاقة مباشرة بالمجتمع الأكاديمي أم كانوا فرادا خارج منظومة العمل الأكاديمي والدراسة. مذكراً أن الجودة مطلب إسلامي قبل أي شيء،وأن "الجودة" اليوم لا تعد خيارا أمام مؤسسات التعليم ، بل هي مطلب ملح في ظل التغييرات المتسارعة. وأشار الدكتور الربيش إلى أن جامعة الدمام مرّت بتجربة "مضنية" أثناء (التقويم التطويري) ولكنها تجربة "مفيدة" ، و(التقويم التطويري) هو تقويم حقيقي لكنه ينتهي باعتماد غير معلن،وذلك بغرض تهيئة المؤسسة التعليمية ومساعدتها في الوصول إلى مرحلة قريبة من الاعتماد الفعلي. مؤكدا أن جامعة الدمام استفادت كثيرا من إجراءات التقويم والاعتماد في تسحين برامجها.وأن الجامعة لا تعدّ الاعتماد الأكاديمي "غاية" في حد ذاته ، وإنما هو وسيلة تُعين على تحسين الأداء،وجَعْلْ برامج الدراسة الأكاديمية متوافقة مع المعايير الدولية،بما يتمخض عنه على سبيل المثال تقارب الحصيلة المعرفية لدى خريج الهندسة في جامعة الدمام مع حصيلة أي خريج في أي جامعة متقدمة في أي دولة من دول العالم. فيما عاد أمين هيئة الاعتماد الدكتور المسلم ليقول إن نظام الهيئة الوطنية للتقويم لا يفرق بين مؤسسة تعليمية حكومية ولا خاصة ، وأن النظام يطبق على حد سواء على كافة مؤسسات التعليم فوق الثانوي ، وذكر أن نظام القويم التطويري الذي ينتهي بنتيجة غير معلنة ،كوسيلة لتهيئة مؤسسات التعليم فوق الثانوي أنشأ بسبب أن كثير من مؤسسات التعليم بعد الثانوي في السعودية لم تكن جاهزة لدخول مراحل التقويم الفعلي من أجل الاعتماد. وعن قلة الجامعات السعودية الحاصلة على الإعتماد الأكاديمي أشار الدكتور عبدالله المسلم إلى الهيئة اعتمدت منذ بدأت مرحلة التنفيذ عام 1430 ثمان جامعات سعودية بين حكومية وأهلية إضافة إلى اعتماد 30 برنامج أكاديمي مبينا أن تطوير التعليم في مراحل مابعد الثانوي يحتاج إلى وقت وجهد ، فيما بيّن مدير جامعة الدمام الدكتور عبدالله الربيش أن توافق المخرج مع سوق العمل متلازم في العملية الدراسية مشيراً إلى أن وزارة التعليم العالي تقوم بتقليص بعض البرامج التي ليس لها قبول في سوق العمل لافتا إلى أن ثلثي مخرجات التعليم العالي يجب أن "يمتصها" القطاع الخاص وليس القطاع الحكومي. وعن برامج (التعليم عن بعد) ذكر المسلّم بقوله :"إذا تم تنفيذه بطرق صحيحة فإنه سيكون ناجحاً في مخرجاته" ، لافتاً إلى أنه تم مراجعة برامج التعليم الإلكتروني بحيث يتم تطويرها كما يجب. فيما أشار الدكتور الربيش إلى أن وزارة التعليم العالي ستوقف التعليم الألكتروني خلال السنوات الخمس القادمة بحيث يقتصر هذا النوع من التعليم على الجامعة الإلكترونية فقط. وعن المعوقات التي تعيق تطبيق الجودة في مؤسسات التعليم العالي أشار الدكتور المسلّم إلى أن حداثة مفهوم الجودة في مؤسسات التعليم العالي هو أول المعوقات ،إضافة إلى قلة خبرة أعضاء هيئة التدريس في مسائل الجودة ،مما حدا الهيئة إلى الاستعانة بخبراء دوليين . وبين أمين الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي الدكتور عبدالله المسلم أن دور هذا المؤتمر الذي يعقد كل عامين يأتي في إطار نشر ثقافة الجودة ،لافتاً إلى أن الهيئة بدأت تركز من خلال مؤتمراتها على تطبيق الجودة بالشراكة مع الجامعات. مؤكدا أن الشفافية هي مبدأ عمل الهيئة بالدرجة الأولى حيث لا مكان للمجاملة في علاقة الهيئة مع مؤسسات التعليم التي تعمل معها