قال جليل جيلاني وكيل وزارة الخارجية الباكستانية بعد المفاوضات مع ممثلين عن الولاياتالمتحدةوأفغانستان إن السلطات الباكستانية مستعدة للإفراج عن جميع عناصر حركة "طالبان" الذين يقضون عقوبة السجن في باكستان. وبذلك سيخرج من السجن الرجل الثاني في حركة "طالبان" ملا برادر. وينهي هذا القرار مرحلة دامت أكثر من عشر سنوات من "التعاون في مكافحة الإرهاب" مع الولاياتالمتحدة التي بدأها الرئيس الباكستاني السابق بيرفيز مشرف. وأجاب جيلاني على سؤال حول ما إذا كان الوعد يشمل ملا برادر النائب السابق لزعيم "طالبان" الملا عمر، قائلا إن "هدفنا هو الإفراج عن الجميع". وقامت إسلام آباد بأول خطوة على هذا المسار في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث تم الإفراج آنذاك عن نور الدين ترابي وزير العدل السابق بحكومة "طالبان"، وهو مسؤول عن الإعدامات أمام الجمهور في فترة حكم "طالبان" من عام 1996 إلى عام 2001. وأثار إعدام الزعيم الأفغاني السابق نجيب الله ضجة أكثر من غيره. وعلاوة على ذلك، يعد ترابي صاحب قرار تفجير تماثيل بوذا الشهيرة في باميان. كما تم الإفراج عن أنور الحق مجاهد قائد عمليات "طالبان" في كهوف تورا بورا، حيث كان يختبئ سابقا "الإرهابي رقم واحد" أسامة بن لادن. ويبقى أكثر من 100 عنصر من حركة "طالبان" في السجون حاليا. ومن خلال سعيه للإفراج عنهم، يحاول الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إشراك القسم الراديكالي من المعارضة في عملية السلام. وبذلك تستكمل السلطات الباكستانية التحول الجذري في سياسة إسلام آبام حيال حركة "طالبان". وكان مشرف قد انضم في عام 2001 إلى تحالف مكافحة الإرهاب الذي أنشأه جورج بوش. وبعد ذلك لاحقت إسلام آباد عناصر من حركة "طالبان" على مدى بضعة أعوام. ولم تملأ باكستان سجونها فحسب، بل قامت أيضا بإرسال معتقلين إلى سجن غوانتانامو. إلا أن تدهور العلاقات بين إسلام آباد وواشنطن أثر سلبا على تعاون البلدين في مجال مكافحة الإرهاب. وأصبحت التغييرات التي طرأت على السياسة الأمريكية حيال أفغانستان، توجها محوريا آخر. ووافق الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال المفاوضات مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في منتصف يناير/ كانون الثاني في واشنطن لأول مرة على تقنين أوضاع حركة "طالبان" وفتح مكتب لها في الدوحة. ودعا أوباما "طالبان" إلى التخلي عن الكفاح المسلح والمشاركة في العملية السياسية. ويذكر أن الولاياتالمتحدة كانت تتعامل في المرحلة الأولى من العملية في أفغانستان وفقا لمبدأ "لا مفاوضات مع الإرهابيين". إلا أن العديد من الخبراء يعتبرون،مع ذلك، أن سياسة كابل بخصوص "استئناس" الراديكاليين الإسلاميين خطرة. ولا يعني الإفراج عن "طالبان" أنهم سيصبحون أكثر قابلية للتفاوض، بل قد ينشطون جهودهم لإسقاط كرزاي الذي يرون فيه دمية أمريكية. وعلاوة على ذلك، فان خطر خطر انتشار الإسلام الراديكالي يتجدد في الدول الآخرى بآسيا الوسطى. وقد لا يكتفي "طالبان" باستعادة مواقفهم في أفغانستان.