إذا صحت الأنباء عن اعتقال الرجل الثاني في حركة «طالبان» الملا عبدالغني برادر، تكون إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قد حققت اختراقها الأمني الأكبر في حرب أفغانستان. وأُعلن أمس ان برادر اعتُقل خلال حملة سرية نفذتها الأسبوع الماضي الاستخبارات الباكستانية والأميركية معاً في مدينة كراتشيجنوبباكستان التي تواجد فيها لجمع تبرعات للحركة، ومحاولة تجنيد طلاب أفغان في مدارس دينية للانضمام الى التمرد. وأفادت معلومات بأن الاستخبارات الأميركية تشارك الباكستانيين في استجواب القيادي «الطالباني». (راجع ص 8) وكعادتها في دحض انباء عن تعرضها لانتكاسة، نفى الناطق باسم «طالبان» قاري يوسف أحمدي وقوع الملا برادر في الاعتقال او وجوده في باكستان، مؤكداً أنه «موجود في أفغانستان حيث يقود مقاتلينا في مواجهة القوات الأميركية في منطقة مرجه» في ولاية هلمند (جنوب). ويشغل الملا برادر منصب القائد العسكري لقوات «طالبان»، وهو أهم شخصية تعتقل في الحركة منذ غزو أفغانستان قبل 8 سنوات، حين أوقفته ميليشيات أفغانية قبل الإفراج عنه إثر تدخل الاستخبارات الباكستانية التي تغاضت لسنوات عن قياديين في الحركة. وفيما حاولت إدارة أوباما الإفادة من الاعتقال لتأكيد نجاحها في محاربة الإرهاب، وذلك في مواجهة انتقادات المعارضة الجمهورية في الولاياتالمتحدة، للتساهل مع الإرهابيين، وكذلك نجاح الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستانوباكستان والهجوم الواسع في مرجه، ربط مراقبون في إسلام آباد الاعتقال برغبة باكستان في الضغط على «طالبان» الأفغانية لدفعها نحو القبول بالحوار مع كابول. ولمّح هؤلاء الى توجيه إسلام آباد رسالة تفيد بأنها تملك مصير الحركة، وتسعى الى حماية مصالحها عبر كبح جماح الهند في أي محادثات مقبلة مع الرئيس الأفغاني حميد كارزاي. وتشكك شخصيات أفغانية في إمكان جلوس «طالبان»، في ظل الظروف الحالية، الى طاولة المفاوضات مع كابول. وابلغ رئيس الوزراء الأفغاني السابق أحمد شاه زي «الحياة» أنه رعى جولة مفاوضات بين أحد مسؤولي اللجنة السياسية في الحركة وثلاثة جنرالات أميركيين داخل أفغانستان خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لكن المحادثات «فشلت بعد مطالبة الأميركيين طالبان بوقف القتال»، وهو ما ترفضه الحركة بحجة استمرار انتشار قوات أجنبية في أفغانستان. وفي سياق عملية مرجه، صرح قائد أركان الجيش الأفغاني بسم الله ان القوات الحكومية وتلك التابعة للحلف الأطلسي (ناتو) تتقدم ببطء في المنطقة بسبب نشر مئات الألغام فيها، علماً ان قادة العملية المشتركة أعلنوا أول من أمس ان قواتهم سيطرت على معظم مناطق مرجه وجوارها. وقال النقيب الأميركي جوش ديدامز: نجد الألغام بأعداد تفوق ما كنا نتصوره». كما يؤخر حسم العملية قناصة «طالبان» الذين يطلقون النار من المنازل والمساجد، في وقت لم يسبق ان تصدى عناصر الحركة لهجمات شنتها القوات الدولية ضدهم.