فرضت قوات الأمن و”الشبيحة”, أمس, إجراءات أمنية مشددة في دمشق, التي شهدت تجاوباً كبيراً مع الدعوة إلى العصيان المدني, غداة تظاهرة حاشدة أسفر قمعها عن سقوط قتيل على الأقل, وسط حالة من الرعب الحقيقي في أوساط النظام مع وصول الثورة قلب العاصمة. وقال المتحدث باسم تنسيقية دمشق وريفها محمد الشامي “هناك انتشار امني في دمشق وهذا ليس جديداً, ولكن الانتشار في المزة هو الكثيف, وهناك حواجز أقيمت (أمس) في محيط المزة لفصل المناطق بعضها عن بعض”. واضاف الشامي ان “الكثير من المحلات مغلق في برزة والقابون وجوبر وكفرسوسة” التزاماً بالاضراب العام والعصيان المدني الذي دعت إليه المعارضة “رغم الخوف من انتقام الاجهزة الامنية”. كما خرجت تظاهرات طالبية في مناطق الحجر الاسود والميدان وجوبر وبرزة بعد انتهاء الدوام الدراسي, فيما أظهرت مقاطع بثها ناشطون على الانترنت تظاهرة في حي القدم بدمشق, ردد المشاركون فيها هتافات ضد النظام ومؤيدة لحمص وحي المزة. من جهته, كشف المتحدث باسم تنسيقية المزة ابو حذيفة المزي ان “قوات الامن اجبرت اهل الشهيد سامر الخطيب (34 عاما) الذي سقط (اول من امس) برصاص الامن في تظاهرة المزة على دفنه عند السابعة صباحاً”, في ظل انتشار امني كثيف, فيما كان التشييع مقررا عند العاشرة والنصف. وقال ناشطون آخرون ان قوات الامن كثفت وجودها لمنع تحول جنازة الخطيب الى مظاهرة مناهضة للنظام, كما حدث اول من امس خلال تشييع ضحايا العنف الدامي الذين سقطوا في تظاهرات الجمعة الفائت. وأكد الناشطون ان 15 شاحنة خفيفة تقل قوات الامن و”الشبيحة” طوقت الجنازة حيث دفن الخطيب في هدوء. واضافوا ان سيارات الشرطة وعربات جيب تقل أفرادا من ميليشيا “الشبيحة” قامت بدوريات في المزة في حين انتشر أفراد الشرطة السرية (المخابرات) وقاموا بإيقاف الرجال عشوائيا والتحقق من بطاقات هوياتهم. وقال الناشط معاذ الشامي في اشارة الى الشارع الرئيسي ان “السير في المزة ينطوي على خطر الاعتقال. المنطقة هادئة وحتى متاجر الطعام المشهورة في الشيخ سعد خالية”. ويظهر احتجاج دمشق الى ان الحركة المناهضة للنظام لم تأبه بالقمع وانها تضم قطاعا عريضاً من المجتمع السوري. وبالتوازي مع الإجراءات المشددة في دمشق, تواصل القصف المتقطع للقوات النظامية على حي بابا عمرو في مدينة حمص, فيما تعرض حي باب السباع لاطلاق نار كثيف. ولفت ناشطون في ريف دمشق الى تحرك قوة عسكرية امنية على الطريق الدولية من دمشق الى حمص, كما تحدثوا عن استقدام قوة مدرعة الى محيط مدينة رنكوس في ريف دمشق. واكد المرصد السوري لحقوق الانسان هذه المعلومات, موضحاً في بيان ان “25 دبابة وناقلات جند مدرعة و10 شاحنات” وصلت الى محيط رنكوس, فيما توجهت “قافلة قوامها نحو 32 حافلة كبيرة ترافقها سيارات اسعاف وسيارات عسكرية” الى حمص. وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله في اتصال من حمص “كان القصف متقطعاً صباحا على بابا عمرو ولكنه أصبح عنيفاً جداً (بعد الظهر) بمعدل اربع قذائف في الدقيقة”. واضاف انه “في باب السباع وباب الدريب والصفصافة, كان القصف متقطعاً وليس كثيفا”, مشيرا الى عدم القدرة على احصاء الاصابات “لاننا غير قادرين على الوصول الى المناطق المستهدفة”. وتخوف من “تكرار ما جرى في بابا عمرو مع احياء اخرى مثل باب السباع والخالدية والبياضة, او القضاء على من تبقى في بابا عمرو”, سيما بعد “التعزيزات غير المسبوقة التي أتت من دمشق”. وقال العبدالله “تسربت لدينا أخبار من ضباط في الجيش انه سيكون هناك اقتحام دموي يحرق الاخضر واليابس في بابا عمرو, وان هذا الاقتحام كان مقررا قبل أمس (اول من أمس) لكن الاحوال الجوية العاصفة حالت دونه”. واضاف ان الحالة الانسانية “كارثية” في بابا عمرو, مشيرا الى ان “بعض العائلات ممن فقدت منازلها وضعناها في المساجد, لكن لا نعرف ماذا نفعل بهم الان مع تعرض المساجد للقصف”. وكشف أن الناس في بابا عمرو يجمعون مياه المطر في ظل انقطاع المياه عن المدينة. وفي محافظة حلب, ذكر المرصد ان رجلا قتل اثر اصابته برصاص حاجز امن على طريق الاتارب – معرة مصرين. واضاف ان امرأة قتلت في مدينة السخنة الواقعة في البادية السورية على طريق تدمر – دير الزور اثر اقتحام قوات الامن المنطقة, كما قتل محام في بلدة العشارة في محافظة دير الزور برصاص قوات الامن التي اقتحمت البلدة. وفي محصلة غير نهائية, أفادت لجان التنسيق المحلية, التي تواكب حركة الاحتجاج على الأرض, أن 20 مدنياً على الأقل قتلوا أمس برصاص قوات النظام, غالبيتهم في ادلب.