من مسلسلي "مريم العذراء ويوسف الصديق" إلى فيلم عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يبدو أن إيران مصممة على رفع معدلات كراهية العالم السني لها بعرض هذا الفيلم بمهرجان فجر السينمائي الدولي، فبراير المقبل، بالعاصمة طهران. استفزاز مشاعر أهل السنة لا يزال قائمًا، وتحديدًا مع إعلان وكالة أنباء فارس أن الفيلم يعد الأضخم في تاريخ السينما الإيرانية، ويطوي حاليًا مراحله الفنية في الهندسة الصوتية والموسيقى والمؤثرات الخاصة، ويقوم الموسيقار الهندي عالمية آي آر رحمان بوضع موسيقى له. المرحلة الأخيرة يأتي ذلك فيما أوشك منتجو الفيلم الأضخم في تاريخ السينما الإيرانية، عن حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، على الانتهاء من مراحله الفنية الأخيرة في ألمانيا، ليتم بعدها طرحه في دور العرض السينمائية. مخرج الفيلم الإيراني مجيد مجيدي أكد أنه سيعرض الفيلم في مهرجان فجر السينمائي الدولي القادم، رغم ما أثاره من جدل بسبب تجسيد شخصية النبي والذي حرَّمه علماء وفقهاء السنّة بالإجماع، فيما أباحه عدد من مراجع الشيعة في إيران ليتم تجسيد الرسول الأعظم صوتًا وصورة. الفيلم يركز على مرحلة طفولة النبي عليه الصلاة والسلام، وسيكون بثلاث لغات هي الفارسية والعربية والإنجليزية؛ وفقًا لما نقله موقع "عربي 21" عن الوكالة الإيرانية. رفض سني وفي رد فعل سريع، أكد المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي تحريم تجسيد شخصية النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسائر الرسل والأنبياء عليهم السلام، ووجوب منع ذلك. فيما شدد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب على حرمة تجسيد شخص النبي محمد في أي عمل فني، سواء كان ذلك بالصوت أو الصورة. وفي عام 2011، اعتبر الأزهر أن الفيلم الإيراني، حين تم البدء في تصويره، أكبر من كارثة الرسوم الدنماركية المسيئة ودعا إلى التصدي له. وتجيز الطائفة الشيعية في إيران تمثيل الأنبياء، وتمثيل شخصياتهم الكريمة في صورٍ وشخوصٍ من التاريخ المعاصر، فيما سبق لإيران أن جسدت في مسلسلات وأفلام شخصيات أنبياء مثل يوسف وزكريا عليهما السلام، فيما يجري الحديث عن مسلسل ضخم جدا يجسد حياة النبي موسى عليه السلام. كوارث باسم السينما شعارات زائفة تتمسك بها إيران مع كل عمل درامي أو سينمائي تنتجه عن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما جرى في أول ظهور فني للنبي محمد، وتم تصوير مشاهد الفيلم في منطقة كرمان ومدينة نور السينمائية الواقعة جنوب شرق إيران، وجرى تصوير المشاهد المتعلقة بهجوم إبرهة الحبشي، وأجزاء من المدينةالمنورة، وحركة القوافل بين مكةوالمدينة قبل البعثة. وفي تجاوز صارخ، بنى القائمون على الفيلم مجسّمًا لكعبة صغيرة مبنية من الأحجار ومغطاة بالقماش والمعلقات المتعلقة بالعصر الجاهلي وقد ملأتها الأصنام، كما تم جلب عدد من أشجار النخيل من منطقة بم بشرق إيران وزرعها في أطراف المدينة السينمائية، بجانب إنشاء نحو 60 بيتًا لتصبح أجواء الفيلم أكثر واقعية. وبعد سنوات من الشائعات عن الفيلم واسمه وميزانيته ظهرت بعض التسريبات في عام 2012 بأن المبلغ يقترب من 35 مليون دولار، أي أكثر 20 مرة من ثاني أكبر انتاج سينمائي إيراني حتى الآن. ليست الأولى وسبق أن أنتجت إيران مسلسل "الحسن والحسين"، الذي عرض خلال شهر رمضان 1330 ه، ما أثار حالة من الغضب آنذاك، فضلا عن أعمال أخرى جسدت السيد المسيح والسيدة العذراء مريم، لم تقل في أزمتها عن مسلسل حفيدي النبي صلى الله عليه وسلم. وتنتهج إيران نهجًا غربيًا في هذا الإطار، ولعل ما يؤكد ذلك إنتاج فيلم "نوح" الذي رفضت ثلاث دول عربية عرضه لمخالفته الشريعة الإسلامية.