"حياكم الله على عيدنا".. عبارة تسيل بعذوبة الأعياد وبركاتها، تتردد أمام موائد الطعام التي تمتد من أول الشارع حتى آخره، وينادي بها أصحاب تلك الموائد لدعوة المحتفلين بالعيد لتناول ما يشاءون من الطعام ابتهاجًا بالأعياد. هذا أحد التقاليد الموروثة التي يحييها أهالي حائل في احتفالهم بالعيد، ومن بينها أيضا لقاء الجيران بعد أداء صلاة العيد، ويجتمع أبناء الحي مع المغتربين من جنسيات متعددة تسكن في ذات الحيّ لتبادل بهجة العيد معهم. وتختلف طقوس العيد في قرى حائل، اختلافًا بسيطًا، بحسب عادات كل قرية عن الأخرى، وتعمد العديد من القرى إلى توزيع العيد من بعد أداء صلاة العيد من كبير القرية ثم تتوالى أعايد كل شخص بحسب مكانته بالقرية. وفي ساعات الصباح يتزاور أهالي القرية عند كل أسرة للمعايدة، ثم تقام ولائم العيد في فترتي الغداء والعشاء لمدة ثلاثة أيام. ويحرص الحائليون على معايدة جيرانهم قبل أقاربهم في تعبير واضح عن مدى التقارب بينهم. ويقول محمد المذكر: "يبدأ عيدنا مع جيراننا منذ سنوات طويلة، هم أيضا أهلنا، وعلاقتنا معهم قوية، وبعد ما ننتهي من معايدتهم، نعايد أقاربنا. وعن طقوس العيد في حائل، يقول نايف الشمري: "نبدأ في الإعداد لاستقبال عيد الفطر قبل أيام، يتم تغيير أثاث المنزل وشراء الحلويات وشراء الذبيحة وبعض الاحتياجات المنزلية؛ استعدادا لاستقبال العيد. ومن داخل المطبخ تقول أم مساعد: "نبدأ في طبخ الوليمة منذ الساعة الواحدة صباحا، فيما تقوم الفتيات بإعداد الحلويات وترتيب المنزل لاستقبال المعايدين. ونسعى نحن نساء الحارة للتنافس فيما بيننا في إعداد أفضل وليمة يمدحها المُعايدون". وتضيف أم مساعد: "نحرص كثيرا أن نطبخ عيدنا في المنزل للحفاظ على ما تبقى من عاداتنا الأصيلة والكريمة، وأن السعادة الحقيقية في العيد هي الابتسامة والشعور بالقرب بين أهالي الحيّ". وفي اليوم الثاني والثالث، يزور أهالي حائل أقاربهم، وتكون أعايدهم في فترتي الغداء والعشاء، وتعمد العديد من الأسر حجز المنتجعات والاستراحات لعدة أيام، وتكون مقر معايداتهم بعيدا عن المنازل. وهنا يقول فيصل العنزي: "ندفع أنا وأقاربنا (القَطّة)– جمع مبلغ من المال- لحجز منتجع في القاعد أو الخطة، ويكون مقرا لأعيادنا بعيدا عن صخب المدينة، وفي أجواء عائلية رائعة". وحرص حائليون على ألا تكون وسائل التواصل الاجتماعي سببًا من أسباب طمس عادات العيد، فأغرقوها بصور أعيادهم واحتفالاتهم وعادتهم.