حث رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان الأتراك على الاحتشاد حوله لمحاربة ما وصفه بمؤامرة قذرة تنفذها عناصر مدعومة من الخارج تستهدف "الخبز على موائدكم والأموال في جيوبكم وعرق جبينكم". وقال اردوغان في كلمة أذاعها التلفزيون بمناسبة العام الجديد "التاريخ لن يغفر لمن تورطوا في هذه اللعبة." وكرس اردوغان كلمته للحديث عن تحقيق في مزاعم فساد يقول إنه دبر في أروقة الشرطة والقضاء لتقويض حكومته وإضعاف نفوذها في الشرق الأوسط وخارجه. وداهمت الشرطة مكاتب ومنازل واعتقلت رجال أعمال كبارا مقربين من الحكومة وأبناء ثلاثة وزراء في 17 ديسمبر . ورد أردوغان بفصل أو نقل نحو 70 من ضباط الشرطة المشاركين في التحقيق ومنع تحقيقا ثانيا في بعض مشروعات البنية الأساسية الكبرى التي روج لها. وقال اردوغان في كلمته "أدعو أبناء شعبنا الستة والسبعين مليونا فردا فردا إلى الدفاع عن أنفسهم والدفاع عن الديمقراطية وأن يكونوا صفا واحدا في مواجهة هذه الهجمات القبيحة على بلدنا." وتمثل الفضيحة أكبر تحد لأردوغان منذ وصوله إلى السلطة قبل 11 عاما وتثير احتمال شق صفوف حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه قبل الانتخابات العامة القريبة وتلحق الضرر بالنمو الاقتصادي الكبير. كذلك تضعه الفضيحة في مواجهة مع فتح الله جولن وهو رجل دين تركي مقيم في الولاياتالمتحدة يتمتع بنفوذ كبير في صفوف الشرطة والقضاء في تركيا ويتهمه أنصار أردوغان بالإيعاز بالتحقيق في قضية الفساد. وينفي جولن الذي كان حليفا لاردوغان هذه المزاعم. وقال اردوغان "هذه المؤامرة تستهدفكم جميعا بلا استثناء أيا كان الحزب الذي تؤيدونه. تستهدف الخبز على موائدكم والأموال في جيوبكم وعرق جبينكم." ويصور اردوغان الذي فاز في ثلاثة انتخابات متعاقبة الفضيحة على أنها حملة من جانب قوى ظلامية في الداخل ومنظمات مالية أجنبية ووسائل إعلام وحكومات يسيئها أن تتبع تركيا سياسة خارجية أكثر استقلالية عن حلف شمال الأطلسي والولاياتالمتحدة. ويحتل جولن المكان الأول في شكوك أردوغان. ويتمتع جولن برغم أنه ليس له حزب سياسي بنفوذ كبير في مؤسسات الدولة الرئيسية يستند عموما إلى شبكته العالمية من المدارس ووسائل الإعلام. ويختلف الرجلان حول بعض السياسات الداخلية والخارجية ومصير المدارس التي سعى اردوغان في الآونة الأخيرة لإغلاقها لكن هذه الخلافات لا تناقش في العلن. وقال اردوغان "الدوائر التي لا ترتاح لنجاح تركيا ونموها الاقتصادي وسياستها الخارجية النشطة ومشاريعها ذات النطاق العالمي نفذت مؤامرة جديدة ضد تركيا." وحقق أردوغان هيمنة كبيرة منذ فوز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه في انتخابات عام 2002 استنادا إلى وعود بالقضاء على الفساد ومن شأن الإطاحة به من السلطة في فضيحة فساد أن يسبب صدمة مؤلمة لتركيا. لكن لا يزال في وسعه الدعوة لانتخابات مبكرة لإظهار استمرار شعبيته الواسعة وزيادة قدرته على التصدي للاتهامات الموجهة إليه. وقال أردوغان أيضا إن التحقيق يستهدف تقويض "صورة الإخاء" في عملية السلام الهشة مع المقاتلين الأكراد التي بدأت في عام 2012 وتهدف إلى إنهاء الصراع الذي سقط فيه 40 ألف قتيل. وقال اردوغان إن الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اجتاحت تركيا في يونيو حزيران وفجرها قمع الشرطة لمظاهرة احتجاج على خطط تطوير متنزه جيزي في وسط اسطنبول كانت جزءا من المؤامرة ذاتها. وأضاف "مثلما كانت أحداث جيزي تتستر وراء الأشجار والمتنزهات والبيئة تخفت مؤامرة 17 ديسمبر وراء ستار الفساد." وأضاف إنه ليس من قبيل المصادفة أنها تزامنت مع ما وصفه بأنجح سنة في تاريخ تركيا الحديثة الممتد 90 عاما. وشهدت السنة ارتفاع اسواق المال التركية الى مستويات قياسية وتحسنا في تصنيف الجدارة الائتمانية وسداد ديون البلاد المستحقة لصندوق النقد الدولي. ودعا الرئيس عبد الله جول الذي نأى بنفسه عن الخوض في موضوع التحقيق إلى الوحدة في رسالته للعام الجديد مشددا على ضرورة استقلال القضاء وعدم تعرضه لضغوط من أي جانب. واختتم اردوغان كلمته بنبرة تحد قائلا إن عام 2014 سيكون العام الذي ستمضي فيه محادثات الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي قدما وستزيد فيه وتيرة تطبيق الإصلاحات الديمقراطية. وأضاف "لا تقلقوا: تركيا في أيد أمينة وتواصل مسيرتها الظافرة نحو المستقبل."