قالت الحكومة التركية اليوم (الثلثاء) إنها تتصدى «لمحاولة انقلاب مصغرة» تقوم بها عناصر في الشرطة والقضاء لخدمة مصالح قوى خارجية وداخلية تسعى للإضرار بالبلاد. وقال نائب رئيس الوزراء علي باباغان إن حزب العدالة والتنمية الحاكم سبق أن أفلت من مؤامرات انقلاب عسكري ومحاولات لحظره من خلال دعاوى قضائية وإنه لن يستسلم الآن أمام تحقيق في مزاعم فساد يستهدف الحكومة لكنه يضر بالاقتصاد الوطني بالفعل. وقال لقناة «سي.إن.بي.سي» الاقتصادية مكرراً إشارة رئيس الوزراء طيب أردوغان إلى وجود مصالح خارجية في الأزمة «هذه المناورات الأخيرة في القضاء والشرطة لا نستطيع أن نصفها بأنها انقلاب وإنما هي محاولة انقلاب مصغرة». وأضاف باباجان المكلف بالشؤون الاقتصادية: «ربما كان أوضح مؤشر لهذا هبوط أسعار الأسهم». مشيراً إلى أن القيمة السوقية للشركات التركية المدرجة في البورصة خسرت 49 بليون دولار مع إغلاق التداول أمس الإثنين. وتراجع المؤشر الرئيسي للأسهم بنسبة واحد في المئة اليوم. وكان أردوغان اتهم الحركة التي يتزعمها رجل الدين التركي المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله غولن بإقامة «دولة داخل الدولة» واستغلال نفوذها في الشرطة والقضاء في حملة لتشويه سمعة الحكومة. وتدير حركة «خدمة» التي يتزعمها غولن شبكة عالمية واسعة من المدارس والشركات. وتزايد التوتر بين الحليفين السابقين بسبب الخلاف على بعض بنود السياسة الداخلية والخارجية وتحركات لإغلاق مدارس جولن الخاصة في تركيا. وأصبح التحقيق في مزاعم الفساد علنيا في 17 كانون الأول(ديسمبر) عندما قامت الشرطة بسلسلة من المداهمات واعتقال رجال أعمال كبار مقربين من أردوغان وأبناء ثلاثة وزراء. وحفلت وسائل الإعلام المعادية لأردوغان منذئذ بقصص عن مداهمة الشرطة للمكاتب أو البيوت ومصادرة مبالغ كبيرة بالدولار. ودعا الرئيس التركي عبد الله غول إلى الوحدة في رسالة بمناسبة العام الجديد، مؤكدا على أهمية الفصل الواضح بين السلطات. وينظر إلى غول على أنه شخصية تدعو للوحدة ونأي بنفسه بشكل كبير عن الضجة الراهنة. وقال غول في الرسالة التي نشرت على موقع الرئاسة: «من واجبنا جميعاً تجنب المواقف التي من شأنها الإضرار بحقيقة وإدراك أن هناك قضاء مستقلاً ونزيهاً». ويقول أنصار أردوغان إن اتهامات الفساد تفتقر إلى أي شيء ملموس إلى الآن وأنها مدفوعة بطموحات سياسية. وقال باباغان «نحن كحكومة نؤدي عملنا. نحن حققنا هذا الاستقرار السياسي والاقتصادي بقوتنا. ولن نسمح بسهولة لأحد بأن يأتي لينتزعه منا. كم من جهود بذلت حتى الآن لزعزعة الاستقرار السياسي وتغلبنا عليها كلها». وشهدت تركيا في ظل أردوغان منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002 نمواً اقتصادياً كبيراً وفترة من الاستقرار السياسي لم يسبق لها مثيل في العهود الحديثة في تركيا. وأزمة الفساد الحالية ليست أول مشكلة خطيرة يواجهها أردوغان الذي أسس الحزب باسم العدالة والتنمية وهي كلمة تشير بالتركية إلى النقاء ومقاومة الفساد الذي لطخ سمعة أحزاب أقدم من حزب أردوغان. وسجن المئات من كبار ضباط الجيش بتهمة التآمر للإطاحة بأردوغان الذي نجح في إبعاد الجيش عن خضم السياسة. وكان الجيش أطاح بأربع حكومات تركية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وفي عام 2008 حاول المتشددون في القضاء حظر حزب العدالة والتنمية وهو ائتلاف من عناصر دينية محافظة وشخصيات من يمين الوسط وقوميين بتهمة الإضرار بالنظام العلماني للدولة. وبينما كان باباغان يدلي بحديثه ظهرت أنباء عن استقالات أخرى من حزب العدالة والتنمية. واستقال إلى الآن سبعة من نواب الحزب في البرلمان منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) منهم خمسة استقالوا منذ مداهمات 17 كانون الأول (ديسمبر). لكن لا توجد حتى الآن أي علامات على انسحاب أعداد كبيرة من الحزب الذي يهيمن على الحياة السياسية التركية. ولا يزال أردوغان يعول على ما يتمتع به من شعبية كبيرة بلا منازع وقد يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة العام القادم لتعزيز موقفه. وردت حكومة أردوغان على قضية الفساد بفصل نحو 70 ضابط شرطة من المشاركين في تحقيقات القضية أو نقلهم من مراكز عملهم ومنع موجة ثانية من التحقيقات كانت تستهدف بعض مشروعاته الكبرى في مجال البنية الأساسية.