سافرت لعدد من الدول الأوربية (النمسا – سويسرا – المانيا – هولندا) ذهبت إلى هناك سائح متنقل بين هذه الدول في عواصمها وأريافها ومدنها ومتنزهاتها وعند وصولي هناك وإقامتي الأيام الثلاثة الأولي حمدت الله عز وجل أن خلقنا مسلمين وولدنا مومنين موحدين فلا يزود إيمانك وتتحمد رب العزة والجلال على نعمة الإسلام والإيمان إلا إذا أصبحت في بلاد ليست إسلامية لاتسمع الآذان ولاترى المساجد إلا قلة جداً، فالإسلام من اكبر نعم المولى عز وجل على العبد . لكن في الجانب الأخر تتحسر على وضعنا نحن المجتمعات العربية والخليجية بالنسبة لهم من حيث النظام والترتيب والنظافة والتعامل والحياة اليومية والاهتمام المفرط بالبيئة ومعرفة ما لك وما عليك، فقد واجهت عدد من المواقف وبعض الصور التي شاهدتها هناك ذهلت منها ولم أتوقعهم بهذه الصورة من التطور وحسن التعامل والبشاشة والاهتمام بالذوق العام اهتمام مفرط، اعلم أن هناك حالات شاذة لايعتد بها، أنا هنا أتكلم عن أغلبية التعامل والنظام هناك لا أتحدث عن حالات خاصة أو نادرة وان كنت ساورد بعض المواقف الايجابية التي تعجبت منها من باب الاستغراب ، تراهم يطبقون قول الباري سبحانه (وجعلنا الليل سكنا والنهار معاشا)،فمن مغيب الشمس يبدا السكون والركون للمنازل وعند اشراقة الشمس تدب الحياة في المدن والقرى والأرياف الكل الى عمله صغير وكبير، هم غير مسرفون في جميع احتياجاتهم من مأكل وملبس ومسكن لاتراهم (يهايطون) بسيارات فارهه او مسكن اوملبس فهل هم يعلمون عن قوله تعالى (كلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لايحب المسرفين)، الكل يعتمد على نفسه حتى الصغار يدربونهم على الاعتماد على النفس فالاعتماد على النفس من الصغر ينتج جيل قوى عملي فكانهم يعلمون عن حديث رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)، مالفت انتباهي هناك قلة استخدامهم لأجهزة الجوال (الهواتف الذكية) فقلما تشاهد مايحدث عندنا من إدمان برامج التواصل الاجتماعي في أجهزة الجوال، هم رياضيون من الدرجة الأولى كبارهم وصغارهم إلى نسائهم حتى الطاعنين في السن يمارسون الرياضة الصباحية بكل نشاط، الأغلبية الغالبة منهم لايعتمدون على العمال والخدم في منازلهم فالكل يقضي حوائجه بنفسة، حتى الطبقة الغنية معتمدون على أنفسهم،البيئة هناك مقدسة مستحيل أن تجد من يعتدي على البيئة كما يحدث عندنا فكان كل شخص منهم مسؤول عن البيئة بشكل عام ، أما قيادتهم للسيارة فهم يحترمون قواعد وأنظمة المرور بشكل رهيب لذلك لاتسمع (ابواق ومنبهات السيارات ) ابدا ، ولاترى حادث تصادم لان قيادتهم ليست تهورا واستعراض مهارات كما يحدث عندنا مع الأسف، هناك لاترى (مطب صناعي، ولا نقطة تفتيش، ولا حفريات، ولا صبات، ولا شاحنه بدون أنوار خلفية )، . مشاهدات من الرحلة . 1-أثناء نزولي من القمة الثلجية بكابرون بعربة التلفريك المفتوحة على الهواء وأثناء تصويري سقط جوالي من يدي إلى أسفل الجبال الثلجية، تحسرت عليه وقلت ربي عليك العوض ثم استدركت وقلت لعلي إذا وصلت القاع اكلم المسئول هناك لعله يساعدني في استرداد جوالي كلمته وشرحت له فرد لي بابتسامة عريضة (انتظر عشرين دقيقة) وأشار لكرسي بجانبه وقال استرح واترك الباقي علينا جلست وأنا لست متأكد من رجوع جوالي حتى اتصل الشخص الذي ذهب لإحضار جوالي بالجهاز اللاسلكي على المسئول الأرضي وقال له (طمن السائح أني وجدت الجوال ولاتدعه قلق حتى رجوعي) ،وبعد استلامي للجوال أحببت أن أعطيه مكافئة على مساعدتي فناولته مبلغ من المال فغضب غضب شديد ورفض المبلغ وقال هذا من صميم عملنا لانتقاضى عليه مال ولكم الحكم في هذا الموقف؟ 2-ذهلت من نظامهم في المترو والقطارات والباصات يركبون وينزلون على مبدا الثقة والصدق الكل على انه قد قص التذكرة فلا احد يسال عن التذكرة إلا أحيانا فقد تسئل عن التذكرة وقد لاتسئل . 3-رأيت سيده مع صغيرها تحمل بضاعتها من عربة التسوق تضعها في سيارتها وعند انتهائها من تحميل بضاعتها قالت لصغيرها اذهب وضع عربة التسوق في مكانها المخصص وهي تراقبه بشدة (فكانها تعطيه درس في التربية واحترام ممتلكات الآخرين) قس على هذا الموقف مايحدث عندنا عند الانتهاء من عربة التسوق؟؟؟؟؟؟؟ واحكم بنفسك. 4- هناك الكل مشغول بنفسه لا يتدخلون بما لايعنيهم ولايرفعون اصواتهم لجذب الانتباه كما يحدث عندنا، حتى انك تتعجب من عدم تحديق بصرهم بك؟؟؟ فهم مشغولين بانفسهم فقط فهل هم يعلمون عن حديث رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه). 5 – لفت انتباهي تقسيم (حاويات النظافة) حاوية للبلاستيك وأخرى للخشب وأخرى للزجاج وأخرى للحديد وهكذا، فالمواطن هو من يذهب بنفسه إلى هذه الحاويات ويرمي نفاياته في القسم المخصص لها . 6- في كثير المطاعم هناك أنت المسئول عن ترتيب الطاولة بعد انتهائك من الأكل وحمل بواقي الطعام للمكان المخصص، ويجادلك مقدم الطعام في طلبك فقد يناقشك في الطلب إذا كان أكثر من حاجتك، فهم يهتمون بالموارد ولا يهمهم كم ستدفع على طعام لن تأكله . (وفي الختام ليت قومي يدركون معنى الاهتمام بالبيئة وترك العادات السئية فيها من قطع لشجرها ورمي للنفايات وتدمير لخصوبتها وتحريك لحجر وقتل لطائر للمتعه فقط؟؟؟؟؟ ، وليت قومي يدركون معنى الالتزام بالنظام والتقيد فيه، وليت قومي يدركون معنى حسن الخلق والتعامل بلطف مع قريب وغريب وليت قومي يدركون أن الدين المعاملة فالله عز وجل غني عن صلاتنا وصيامنا وعبادتنا وينظر الى خلقنا وتعاملنا مع أطياف المجتمع، فنحن المسلمون أولى منهم بحسن التعامل واحترام النظام والاهتمام بالبيئة فديننا يحثنا على ذلك، وليت قومي ينشغلون بانفسهم ويتركون الخلق للخالق سبحانه،فلو أن كل شخص منا اهتم بنفسه اولا ومن تحت يده من ابناء وبنات وزوجة وأصلحهم وحاول قدر المستطاع أن يكون لبنةً صالحةً في مجتمعه وشمعة مضيئة لمن حوله من صغار يعلمهم حسن التعامل والالتزام بالنظام والمحافظة على البيئة لنتج لدينا جيل جديد لديه وعي يغير مجتمعنا للأحسن ان شاء الله لكن مشكلتنا اننا محبطون ونريد التغيير بسرعة فلا بد من التريث لحصد النتائج فالمجتمع الأوربي لم يولد بيوم وليله ليصبح بهذا الشكل الرائع ) والله من وراء القصد،،،،، عبدالرحمن بن عبدالعزيز التويجري – القصيم - الطرفية