بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : أولاً : أبارك للأمة الإسلامية قدوم شهر رمضان المبارك، جعله الله تعالى قدومَ خيرٍ وبركةٍ ونصرٍ للإسلام والمسلمين في كل مكان، إنه على ذلك قدير . ثانياً : في الآونة الأخيرة ومنذ ما يقارب الخمس سنوات أو تزيد يكثر الجدل والنقاش مع قرب شهر رمضان المبارك بين الفلكيين والشرعيين فيما يتعلق بدخول شهر رمضان المبارك، حيث أنه طالب بعض الفلكيين بالاعتماد على الحساب في اعتبار دخول شهر رمضان المبارك، بل جزم بعضهم أن بداية الشهر ستكون في يوم كذا وتاريخ كذا اعتماداً على الحساب . فأقول وبالله التوفيق : إن الله تعالى أمرنا بكتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن نعتبر دخول شهر رمضان بالرؤية المجردة، حيث قال تعالى :" فمن شهد منكم الشهر فليصمه " وقال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" إذا رأيتموه – أي الهلال – فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فاقدروا له " متفق عليه، فعلق الحكم صلوات الله وسلامه عليه على الرؤية فقط ولم يعلقها على الحساب، بل ولم يُشرْ إلى ذلك ولا إشارةً صلى الله عليه وسلم، ولمسلم " فإن أُغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين " وللبخاري " فأكملوا العدة ثلاثين " وله في حديث أبي هريرة " فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " وجاء عند أبي داود وغيره من حديث ابن عمر : " تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه " . فهذا النصوص الشرعية وغيرها تدل على أن الاعتبار والاعتماد في دخول الشهر برؤية الهلال لا بالحساب، وعليه فيكون دخول الشهر بأمرين اثنين لا ثالث لهما: الأول: برؤية هلال رمضان . الثاني : إن لم يرَ الهلال تُكمل عدة شعبان ثلاثين يوماً . وهذا لا خلاف فيه بين العلماء رحمهم الله تعالى، بل نقل الإجماع على ذلك ابن تيمية – رحمه الله – في الفتاوى (25/132) . ولا يخفى على كل ذي لب الفساد العظيم المترتب في اعتماد الحساب وترك الرؤية أو على أقل تقدير إهمال الرؤية وأن تُجعل أمراً ثانوياً في الاعتبار، من هذه المفاسد : أولاً : التعدي على نصوص الشرع التي أُمرنا باتباعها، قال تعالى : " تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون " ففي اعتماد الحساب والمطالبة بذلك تعدٍّ على النصوص الشرعية السابقة . ثانياً : أنه لا يجوز لأحدٍ كائناً من كان أن يتقدم بين يدي الله ورسوله لا بقولٍ ولا برأيٍ، قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم " وترك الاعتماد على الرؤية المعتبرة شرعاً وتقديم غيرها كالحساب من التقدم بين يدي الله ورسوله، ولذا قال " واتقوا الله " . ثالثاً : أن اختيار الحساب على الرؤية، اختيار على قضاء الله تعالى ورسوله، ولا شك في حُرمة هذا الفعل، قال تعالى : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً " فتأمل أن الله تعالى حكم على من يختار على اختيار الله ورسوله أنه يكون عاصياً بقوله في سياق الآية " ومن يعص الله ورسوله " ثم وصفه بأن " ضل ضلالاً مبيناً " ويكفينا في هذه عبرة ووقوفاً عندها . رابعاً : المطالبة باعتماد الحساب يترتب عليه ترك النص الشرعي وعدم العمل به، وهذا ليس من صفات المؤمنين في شيء، قال تعالى :" إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " . خامساً : الاعتماد على الحساب وترك الرؤية من عدم التسليم لله ورسوله . سادساً : سبق نقل ابن تيمية – رحمه الله – الإجماع على اعتبار رؤية الهلال في دخول الشهر، والاعتماد على الحساب فيه مخالفة لإجماع المسلمين، قال تعالى : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " . وغير ذلك من المفاسد التي لا تخفى على كل ذي لب، وعليه فليتق الله مَنْ يهتم بالعلوم الفلكية ويقدمها على النصوص الشرعية . وبناءاً على ما سبق أطالب الجهات المختصة ذات العلاقة بمعاقبة مَنْ يطالب بالاعتماد على الحساب وترك الرؤية المعتبرة شرعاً بالنص والإجماع، وأن يتم ردعهم، حيث أن هذه البلاد وفقها الله تعالى تعمل بشرع الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . وعلى الجميع احترام وتقدير النصوص الشرعية والتسليم التام لها، هدانا الله جميعاً لما يحبه الله تعالى ويرضاه، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد . وكتبه الداعية - يوسف بن عبدالله بن عطاالله الدخيل بريدة @yyy1391