الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبيه الكريم وآله وصحبه أجمعين ... أرسل الله تعالى نبينا محمد ليخرج الناس من الظلمات إلى النور, ومن الضلال إلى الهدى, وأكرمه سبحانه بالآيات البينات, وأيده بالمعجزات الباهرات, ومن أعظمها قدرا ً وأعلاها مكانة ً " القرآن الكريم " كتاب الله ووحيه المبارك, أحسن الكتب نظاما ً, وأبلغها بيانا ً, وأفصحها كلاما ً, وأبينها حلالا ً وحرما ً, فيه نبأ من قبلنا, وخبر من بعدنا, وحَكم ما بيننا, أعز الله مكانه, ورفع سلطانه, ووزن الناس بميزانه, من رفعه رفعه الله ومن وضعه وضعه الله, فإنها لكرتمة أن يكون بين أيدينا كتاب ربنا وكلام مولانا, فكيف هو حالنا مع القرآن ؟! نجد في حالنا وحياتنا مع القرآن العجب العجاب! إهمال في الترتيل والتلاوة! تكاسل عن الحفظ والقراءة! غفلة عن التدبر والعمل! انشغال بملذات الدنيا فلا نجد في وقتنا نصيبا ً للقرآن ! وترى أحدنا إذا قرأ القرآن لم يحسن النطق بألفاظه! ولم يتدبر معانيه ويفهم مراده ! فترانا نمر على الآيات التي طالما بكى منها الباكون, وخشع لها الخاشعون, فلا ترق قلوبنا! ولا تخشع نفوسنا! ولا تدمع عيوننا! فلننظر إلى حال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام كان يحب أن يتلو القرآن ويسمعه من غيره, ومن ورائه كانت تُسمع أصوات بكاء الصحابة, فما الذي يجعلهم يبكون وهم الرجال الأبطال ؟! هل سألنا نفسنا هذا السؤال ؟! لأن البكاء ترجمة حقيقية لتأثر القلب, والعيش الحقيقي مع القرآن, فكلما قرأنا القرآن أو استمعنا إليه فلنستحضر أنه كلام الله الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا, ولنتفكر ونتدبر كل آية وكلمة وسنجد في نفسنا العجب ! لنكن من أهل القرآن الذين جعلوا القرآن منهج حياتهم, وقيام أخلاقهم, ومصدر عزتهم واطمئنانهم, ولنؤدي له الحق العظيم علينا, فمن حقه علينا : o الاعتقاد فيه بعقيدة أهل السنة والجماعة . o إنزاله منزلته, وتعظيم شأنه, واحترامه وتبجيله وكمال محبته فهو كلام ربنا ومحبته محبة لقائله . o تعلم علومه وتعليمه والدعوة إليه مع إخلاص النية في ذلك . o الحذر ثم الحذر من القول فيه بالرأي وبلا علم . o المحافظة على تلاوته وترتيله بأن يكون لنا ورد يومي لا نتخلف عنه . o إقامة حدوده والعمل به, والتخلق بأخلاقه وتحكيمه, فالعمل به أساس النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة, وهجره طريق الذلة والهلاك في الدنيا والآخرة. وأخيرا ً ... إن العيش مع القرآن عيش كريم, ونعمة يتفضل بها الله على من شاء من خلقه, وحياة تعجز العبارات عن وصفها, ولذا حريٌّ بالمؤمن الناصح لنفسه ولغيره أن يجاهد نفسه للعيش الحقيقي مع القرآن . نحن ما زلنا في زمن الإمكان والقدرة على التوبة والاستغفار, فلنعلنها توبة ً نصوحا ً لله تعالى من تقصيرنا في حق كتابه, وتفريطنا في أداء حقوقه والقيام بواجباته, ولنجدد العلاقة مع كتاب الله قبل أن نبحث عنه فلا نجد له خبرا ً!! ونستعين به فلا نجد له أثرا ً !! فكيف يطيب لنا حال, ونهنأ بعيش أو منام, ونحن نعلم بأننا سنلقى الله يوما ً وكتابه بين يدينا ولم نحسن صحبته , وقد يكون حجة علينا ؟! اللهم اجعل القرآن ربيع قولبنا, ونور صدورنا, وجلاء همومنا, وحجَّة ً لنا لا علينا ... آمين مروة عبد القادر