قرأت في إحدى الصحف مقالة بعنوان "مصر بعين لبنانية" للنائب نهاد المشنوق اللبناني, قد أظهر علمانيته بكل المعايير وهذا ما ترفضه الطائفة الكبرى في لبنان السنية ولا يمكن هذا التيار أن يقف في وجه تيار السلاح حزب الله الذي له أيدلوجية فكرية يستقطب جمهور الطائفة الشيعية ذات الولاء الإيراني في غالبيتها أو حتى مقاومة التيار الوطني الحر المتعصب لنصرانيته ومن المفارقات أن حلفاء تيار المستقبل من النصارى وبالذات القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع والكتائب بزعامة الرئيس أمين الجميل قد انضما إلى التيار الوطني الحر وحلفائه من المردة وغيرهم إلى القانون الأرثوذكسي الذي يدعو إلى أن تنتخب كل طائفة نوابها وهذا يعني ببساطة أن تيار المستقبل سيفقد عشرة مقاعد من كتلته النيابية.فهل يدرك نهاد المشنوق ومن معه في تيار المستقبل أن العلمنة لا تزيدهم إلا خسارة وبوار فيؤسفني أن يكون رجل مسئول في تيار المستقبل بفكرك. ثم ندلف إلى بعض المغالطات التي وردت في مقاله: أولا:فقد أعجب النائب نهاد المشنوق بالمظاهرات التي جرت في مصر للاحتجاج على الإعلانات الدستورية ووصفها بالشجاعة والاندفاع والمعرفة العميقة بالملفات المطروحة ومن الجهل وصفها بالمؤامرة .فنقول لسعادة النائب أنت تغالط فالمظاهرات ليست سلمية بل عنيفة بدليل محاولة اقتحام قصر الاتحادية وتعطيل حركة البلد وحرق مقرات الأحزاب السياسية الإسلامية فهل ترى في الأنظمة الغربية اختراق البيت الأبيض ليحرقوه في مظاهرات ويحرقون المؤسسات العامة والمقرات السياسية هل هذه الديمقراطية التي تريدونها بل السلطة الحاكمة كانت حكيمة متسامحة سمحت لهم بالتخريب بل المظاهرات تركتها السلطة تفعل ما تريد عكس المشهور دوليا. فدع عنك المغالطات. ثانيا:قال الأستاذ نهاد إن رئيس مصر الحالي لا يمكنه أن ينفرد بالسلطة وأن يتجاوز الحرية بمعناها الحقيقي مهما حاول الاستنجاد بالنص الإلهي والأنبياء والأولياء. فاقول :هل ترى أن الآيات والنصوص والوحي ليس فيها حرية وأن الحرية في الغرب فقط فهذا خروج عن الدين وتسفيه لدين الغالبية التي تنتمي إليها ،ثم يبدو أنك مخرف بدعي محترق فالاستنجاد بالأولياء بدعة وشرك وضلالة أم خرجت منك على سبيل الاستهزاء فهي شرك لأنك تستهزئ برجل رئيس دولة منتخب بإرادة شعبية أنه لن ينتصر ولو بمساعدة السماء. ثالثا:استهزاؤك بوضع الآيات خلف الرئيس مرسي ووضعه المصحف على طاولته وجعلته عملا معيبا يريد أن يؤسلم الدولة من خلاله.فأقول قاتل الله جهلك وقبح علمانيتك فهل مصر إلا أكبر تكتل إسلامي سني تريد أن يضع وراءه لوحة نيتشه أم ميكافيلي أم مفكري الغرب رجل مسلم يحب القرآن حاكم لغالبية مسلمة لماذا لا يضع المصحف ولو وضع شعارا للعلمانية لخرست ألسنتكم ولما تكلمتم بحرف واحد أليس شعار الإسلام –طبعا عند المسلمين وليس عند العلمانيين- أهم من شعار الدولة أم هي العصبية للدول والتكتلات لا للإسلام. والدولة التي طلبت نشر مقالتك في إحدى جرائدها شبه الرسمية هل رأيت علمها وقرأت الميثاق والنظام الأساسي لها فلماذا مرسي لا يجعل دولته مثل تلك الدولة أحرام على بلابله الدوح ، أم أن هناك معادلة أخرى ورسالة تريد إرسالها وهي هدم الإخوان كتكتل إسلامي سياسي.وبالتالي ليس المقصود الإخوان فما هم إلا شماعة ، وإلا فالبلد هذه في المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم قررت الإسلام دينها وحددت شعارها.ودستورها الكتاب والسنة والمادة السابعة يستمد الحكم في المملكة سلطته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهما الحاكمان على هذا النظام الأساسي للحكم وجميع أنظمة الدولة.فأنت تنشر مقالا ضد الدولة في صحيفتها شبه الرسمية. ثالثا:وذكر الأستاذ نهاد أن مشكلة الحكم حاليا في مصر هي تضارب بين شرعية دستورية وشرعية تاريخية وشرعية ثورة وشرعية فقهية دينية.فأقول صدقت وهذا نزاع عند الجميع لكن تغلبت الشرعية الفقهية الدينية الإسلامية بمعدل 64% وهذا ما أثار حفيظتك لأنك تريد شرعية دستورية تعزل الدين عن الحياة ويغيظك الديمقراطية لو كانت في صالح الإسلاميين أم غيرهم فلا. رابعا:اعتراضك على السلفيين لأنهم اعترضوا على أن الشعب مصدر السلطات. فنقول لو لم تكن علمانيا لم تعترض فالدين والشريعة والوحي مصدر لكل السلطات وليس الشعب بل للشعب حرية في الاختيار بناء على نظام دولة القانون فالشرع فوق كل شيء وفوق كل نظام وليس الشعب الذي يسيس بالإعلام في ديمقراطية مقنعة بالدكتاتورية فأنتم تريدون إعلاما منفتح الآفاق يؤثر على الناس لتفوز الدكتاتورية باسم الديمقراطية فيفوز أصحاب الاموال القادرين وأصحاب السلاح كما هو معلوم ولكنك تغالط ، ولكن هؤلاء يريدون الحكم لله كما قال تعالى إن الحكم إلا لله. خامسا:تنتقد المادة التي جعلت الأزهر هيئة مستقلة سيادية.بالتأكيد من الطبيعي أ ن تنتقدها لأنك بعدها انتقدت أن الشريعة مصدر السلطات وانتقدت المادة 219 أن الشريعة مبادئها وأدلتها الكلية المعتبرة والفقهية والأصولية في مذهب أهل السنة والجماعة.ثم قلت هذا خلط واضح بين الدستور والعقيدة. فالجواب لأنك مدخول علماني ففي كل أنظمة الدول التي تقتدي بها الدستور يذكر العقيدة الرسمية للبلاد ويحترمها كما أنه في بعضها لا يتولى رئاسة الدولة إلا من كانت من طائفة معينة دينية ينص عليها وفي الدساتير تقريبا تنص الدساتير على دين الدولة الرسمي فلماذا حرام على المصريين والأزهر حلال لبني علمان قدواتك فالخلط عندك للخلط الذي في فكرك وعلمانيتك القبيحة فقد أبنت عن سوء طويتك وفكرك العقيم.كما أن من حق الأزهر الاستقلال كإدارة ومؤسسة تعليمية دينية إرشادية إصلاحية فعجيب ضلالك هذا وما فسروه في المادة 219 هذا هو الإسلام أتنكر على الإسلام أم على أسلمة البلاد وكلاهما أبشرك كفر وضلال.إذا كنت تعتقد ذلك ولكنك لا تعلم. سادسا:انتقدت التحالف بين الدولة والجيش وانتقدت أسلمة الدولة.فنقول هذا عجب وبهتان ولا عجب على بني علمان فإن أي فصيل سياسي فائز في الانتخابات يجب أن يحسن علاقاته ويتعاون مع مؤسسات الدولة التي كانت تحكم من قبل كالجيش وغيرها وأي دولة في العالم يفوز فيها حزب يكون كبار المسئولين من هذا الحزب كما في أمريكا وغيرها ولكنكم إقصائيون متعصبون أكلت العصبية قلوبكم فصرتم تهذون وتغالطون فمن حق الفصيل الحاكم والحزب الحاكم أن يؤسس الدولة على وفق سياساته كما هي في كل أنظمة العالم.والإخوان والسلفيون من حقهم أسلمة البلاد لأنهم مسلمون ليسوا علمانيين كما أن النظام السابق علمن الناس كلها بما فيها مؤسسات الدولة المهمة وكما في السعودية فالدولة جعلت البلد وفق النظام الأساسي للدولة. واقول ختاما:وقد قلت إذا أسلمتم الدستور فأين حقوق الأقليات.أقول هذا من تمام علمانيتك وتكذيبك بالتاريخ وطعنك في الإسلام فمتى كان الإسلام حابس للحريات بل ضحك عليك الغربيون وأفهموك أن أسلمة الدستور تضيع حقوق الأقليات وأقول الأقليات لم تعش حياة أحسن مما عاشتها في الإسلام بل الإسلام كفل كل الحقوق والحريات وتاريخه يشهد بهذا. ثم أنقل تلك العبارة عن الأستاد نهاد قال(قد تسفر المواجهة القائمة عن انتصار مفاجئ للتيار المدني الذي يضم علمانيين ويساريين وناصرين وحقوقيين واقتصاديين وليبراليين ويساريين ونخبة ثقافية وفنية وإعلامية وحقوقية واقتصادية وأقباطا وهو ما يعدنا بتطور هائل لمستقبل السياسة في كل العالم العربي ويحقق بسرعة قياسية الآمال البعيدة لطموحات الثورة العربية) أقول يبدو أن الأستاذ نهاد ليس لديه مانع من تأييد أي تيار إلا التيار الإسلامي فالناصريين واليساريين المخاصمين له في لبنان يمكن أن يكونوا حلفاء له طالما يحاربون أسلمة الدولة والمستقبل في العالم العربي للتيار الليبرالي وليس للإسلامي ويعقد عليه الآمال وهو دليل إفلاس وخيبة وهو ما ترفضه غالبية التيار الذي تمثله مع كامل الأسى والحزن. كتبه أ.د محمد بن يحيى النجيمي.