تطالعنا الصحف اليومية الصادرة في بلادنا بين حين وآخر وبين الفينة وأختها بأخبار مألوفة اعتدنا عليها ، لا يخرج مضمونها ومحتواها عن ضبط رجال الأمانات المطعم الفلاني والموصوف بالشهير وهو يهم بتقديم اللحم الفاسد لزبائنه ، والمطعم العلاني قد حضر وجباته في دورة المياه ، و مطعم آخر عابر للقارات قدم طلبات زبائنه مشفوعة بالحشرات الزاحفة أو الطائرة ، والقائمة طويلة وتستعصي على الحصر . ولكن ، لماذا يا ترى ينتهج العاملون في هذه المطاعم هذا المستوى المنحط في إعداد ما يدخل أجواف عباد الله ؟ الإجابة على ذلك - حسب ما يتراءى لي صحته ، والعلم عند الله - في ما يلي من نقاط : 1- العاملون في أغلب الحرف - ومن ضمنهم عمال المطابخ والمطاعم - ينتمون إلى الطبقة الكادحة ومن تدنت مستوياتهم التعليمية ، ولذلك يصنفون في الغالب تبعاً للرعاع والدهماء الذين تقصر همتهم عن السعي إلى الكمال في ما يسند إلبهم من أعمال . 2- تختلف الشعوب التي أتت منها عمالة المطاعم في عاداتها وتقاليدها وأساليبها في إعداد الطعام ونوعيته ، واختلافهم أيضاً حول أهمية النظافة وضرورتها ، بل ويتعدى الأمر إلى تناولهم في بلدانهم الخبيث من المأكل والهوام وخشاش الأرض ضمن أطباقهم الرئيسة ، كالصراصير ويرقات الحشرات بأنواعها . 3- أغلب الناس ينخدع بمظهر العامل الأنيق ويغيب عن باله أسلوبه القذر في تقليبه الطعام وإعداده ، خاصة من الذين كانوا في غابر الأيام يدخلون البلدان فاتحين ، أما اليوم فيدخلونها عمالاً ، فسبحان مغير الأحوال وهو الحكيم الخبير . 4- إعداد الطعام خلف الكواليس ومن وراء عبارة : ممنوع الدخول لغير العاملين ، جعل هؤلاء العمالة في مأمن من مساءلتهم و من تحمل عبء الاهتمام بنظافة مايقدمونه . 5- السعي وراء تحقيق أعلى ربح بتقليل تكاليف ما يقدمونه بشراء ما كسد من الأسواق ، أضف إلى أن غالبيتهم لا يتورع عن استخدام لحم الحيوان النافق على رأس الأطباق المقدمة للزبائن الغافلين ، أو ما انتهى تاريخ صلاحيته في أحسن الأحوال ، ناهيك عما لا يصلح للاستهلاك الآدمي . 6- تستر البعض من ضعاف النفوس على هذه المطاعم وما أكثرهم وترك العمالة يفعلون ما يشاؤون ، جعلهم متحررين من أية متابعة ، وضعف الرقابة الرسمية أو انعدامها من الأساس ، وهزلية العقوبات والتراخي في تطبيق الغرامات . فبعد الإغلاق بيوم أو يومين يفتح أبوابه من جديد ، بنفس مستواه القذر المعهود ، يدعمه تهافت زبائنه عليه كتهافت الفراش على الثريا كأن شيئا لم يكن بالأمس ، وهكذا دواليك مع مطعم أخر . والله المستعان . سليمان علي النغيمشي