لا يختلف اثنان على أن مستوى الأمن قد تغير عن السابق, خاصة فيما يتعلق بالإرتكابات الجنائيه, فالصرامة والهيبة اللتين كان يتمتع بهما الأمن, وروح المبادرة للوقاية من الجريمة, وسرعة القبض على المخالف قد تراخت ولم نعد نراها اليوم, وهذا يتبين من خلال الواقع المشاهد للمواطن العادي, وتثبته معدلات الجريمة المرتفعة المسجلة في أقسام الشرطة وخاصة السرقه بالرغم من جهود رجال الأمن الذين نجلهم ونهب معهم لحماية وطننا الغالي .. كنا بالكاد فيما مضى نسمع عن جريمة حدثت هنا أوهناك, أما اليوم فالمخالفات الجنائيه بأنواعها من سرقات ومخدرات وقضايا أخلاقية وتفحيط تعد بالمئات خلال إسبوع في أحد الأقسام, وحال المواطن ليست كالسابق حينما كان يأمن على بيته أومزرعته أو سيارته أو محله التجاري, وسارق اليوم أصبح أكثر انتشارا وتفننا في وضع الخطط , كما أنه يتميز بهدوء يبهر من يراه أثناء ممارسته لمهنته, وهذا ما أثبتته الوقائع التي صورت بكاميرات المراقبه, وفي المقابل لانرى الأمن يواكب هذا التطور عند السراق بخطط قوية تجابهه, بل ان هناك تردي عجيب في القبض على السارق وتقديمه للعداله.. على ضوء هذا التغير الملحوظ في المستوى الأمني, بين وضع سابق كان مثالا أمام الدول الأخرى, ومحط إبهار للزائرين للملكه, والوضع الراهن الذي عليه ماعليه, لنا أن نحاول البحث عن الأسباب التي كانت باعتقادي عاملا رئيسا بعد الله في بسط الأمن في الفترة الماضيه أوترهله اليوم.. باعتقادي أن أسباب التغير تعود إلى وزارة الداخلية نفسها, وأولها هو تخلي الوزارة ممثلة بقطاع الأمن العام عن عنصر مهم كان له دور كبير في بسط الأمن, ألا وهو تسيير سيارات الدوريات الأمنية في الأحياء والقرى وحول الممتلكات العامة والخاصه, والذي كان معمول به في السابق... فحينما كانت سيارات ورجال الأمن تجوب الشوارع والأحياء ليلا ونهارا, لترصد كل من له حركات مشبوهة داخل الأحياء, ومن ثم القبض عليه ونزع هويته ومعرفة خلفياته, كان ذلك الفعل يثبت الأمن ويزرع الهبية في نفوس الناس,وبالذات فئة المخالفين, ويأد فرصهم في المخالفه, وتجعل المجرم يفكر كثيرا قبل الإقدام على الجريمه.. والسبب الآخر باعتقادي أنه "فعالية جهاز الحسبه"سابقا, هذا الجهاز الذي فقد كثيرا من دوره اليوم, فهذا الجهاز وكما هو معلوم يبرع في مكافحة نوع من الجنايات التي له خاصية معينة لا يستطيع أي جهاز آخر التعامل معها, وخاصة رجل الأمن العادي, لأنها تثقل كاهله وقد لايفهمها, كجنايات السحر والأعراض.. هناك الكثير من البيوت ومن المواطنين والمواطنات اللذين تم إنقاذهم من حبال السحرة على يد هذا الجهاز, والكثير من الفتيات اللواتي وجدن في كوادر الحسبة ملجئا مطمئنا لهن كي يتخلص من حبال المبتزين ومنتهكي الأعراض, وكانت ثقتهن بهذا الجهاز في حفظ أسرارهن وخلاصهن أكبر من ثقتهن بذويهن .. وفي الأخير لايفوتني هنا أن أذكر موقفا مع أحد الوافدين, حيث قال إني حينما كنت أهم بالقدوم للعمل في الملكة, أوصاني والدي المشفق وصية قال فيها " يا بني لو وجدت في الأرض مليون ريال احذرك أن تأخذها, كي لا تقطع يدك في السعودية فتكون عارا علينا وعلى نفسك طوال حياتك"! تركي الربيش [email protected]