لست عالماً شرعياً ولا فقيهاً في علم الواقع و حدود معرفتي بالإعلام لا تتجاوز ما أقرأه أو أو أكتبه أنا و أنت أخي القارئ مجرد مستقبلين لما يلقى على مسامعنا من الوعاظ و المتكلمين و دهاقنة الإعلام التقليدي أو الإلكتروني .. لكن لا ينبغي لهذا الأمر أن يسلبنا حقنا في تقييم المواقف و الأحداث وفقاً لما نعتقده من ثوابت الشرع أو ما تقره منظومتنا الأخلاقية أو الاجتماعية !! نلاحظ جميعنا أن بعض وسائل الإعلام تهتم بأخبار الفضائح الأخلاقية و الجرائم بمختلف مستوياتها !! و لست بصدد التبرير أو توجيه اللوم و النقد لوسائل الإعلام فهي صناعة تسعى للانتشار و الربح .. رغم الآثار الوخيمة لمثل هذه الاهتمامات الإعلامية التي تجعل المنكرات و الفضائح أمراً معتاداً و تظهر المجتمع و كأنه منغمس في الرذيلة و تجعل من تدعوه نفسه إلى ارتكاب المنكر أكثر جرأة ووقاحة ! و لا ألوم من يدعوه فضوله لقراءة مثل هذه الأخبار ! لكن الغريب و المزعج حقاً هو طبيعة الردود على هذا النوع من أخبار الفضائح !! معظم الردود تحمل لغة الاحتقار و التشفي بل ربما الشتم و السباب و التطاول الذي قد يتجاوز صاحب الفعل ليصل إلى أسرته أو بلده أو الحي الذي يسكنه !! بعض الردود و التعليقات الشفهية أو المكتوبة تحمل من التعالي و الشماتة ما يجعلك تعتقد أن من يطلقها لم يرتكب في حياته مخالفة أو ذنباً ، أو كأنه يملك ضماناً بعدم وقوعه في المعصية أو ابتلائه بالفضيحة .. وفي المقابل لهذا الهجوم نجد أن مواقف كثير من الناس تحمل تعاطفاً غير عادي مع مرتكبي جرائم القتل ، بل قد يتطوع الكثير منهم للدعوة للتبرع لعتق رقبة القاتل ، وقد يبالغون في تبرير الفعل ، و تهوين شأن الاعتداء على النفس ( رغم كل الوعيد الذي تحمله النصوص الشرعية ورغم الآثار المدمرة للجريمة في ترويع الناس وفقد أسر لمعيلها ..) !!! هل هذا التقييم طبيعي ومنسجم مع ثقافتنا الشرعية !! هل نحن إزاء خطاب وعظي أو إعلامي مارس بوعي أو من دون وعي تصنيف الجرائم و المعاصي بشكل غير صحيح فقلب الترتيب و برر جرائم الاعتداء على النفس أو الاعتداء على المال العام وبالغ في تناول الجرائم الأخلاقية !!؟؟؟ لا أملك جواباً نهائياً في الموضوع !! لكننا جميعاً ندرك أن العاصي ومرتكب الجريمة أياً كانت وراءه شيطان يستغل ضعف النفس ، وقسوة القلب، وتغلُّب الشهوة، إلى أن ينتهي بالعاصي إلى ما هو عليه .. لذا فليست قضية المسلم الأساسية كشف العورات أو تتبع السوءات بل الواجب النظر إلى صاحب المعصية (خصوصاً إن لم يتسبب في ضرر غيره) كما ننظر إلى المريض أو الغريق الذي يحتاج التعاطف و المساعدة ، مع الأخذ بما يقتضيه الشرع أو النظام من العقوبة أو الحد . و الغريب أن نفس الوسائل الإعلامية لا تهتم بنشر العقوبات الرادعة بقدر اهتمامها بنشر خبر الجريمة نفسه ، و تحتفي بأخبار العفو في قضايا القصاص أكثر من اهتمامها بتطبيق الحد الشرعي !! خاتمة : في ظل النظام ومقتضيات السرية و الشرع الذي يأمر بالستر .. لا أكاد أفهم كيف يتم تسريب مثل هذه الوقائع لوسائل الإعلام بوصفها إنجازاً مهنياً !!! أحمد بن عبدالله أباالخيل