قضايا المرأة عندنا في السعودية من أكثر الموضوعات حساسية ، وأكثرها إثارة للجدل وهي مطية سهلة لكل باحث عن الشهرة ، أو ساع إلى هدف .. الجميع يدعي الدفاع عنها وأنه معني بها وفي نفس الوقت كل طرف يتهم الطرف الثاني بالعدوان على كرامتها وحقوقها .. معظم الفتاوى المثيرة للجدل تتعلق بالمرأة .. كثير من المواد الإعلامية تتحدث عن لبس المرأة ، حجابها ، طلاء الأظافر ، صبغ الشعر .. كم كبير من كتابات الصحفيين تدور حول قضايا مللنا الحديث فيها والسماع بها وكأنها معضلة المعضلات التي لا يمكن حلها !! أحياناً يخيل إليك أن فتاوى المرأة – ولاحقاً تفسير أحلامها – هي مفتاح التنمية وهي سر النهضة ، وأكثر قضايا الوطن والأمة إلحاحاً ، وهي أكثرها تأزماً وأقلها قابلية للحل !! وإلا فما معنى أن يكون لهذه الموضوعات كل هذا الحضور والصدى في كل وسيلة إعلامية ، بل وتتحول إلى مادة مستمرة لحديث المجالس ، ويتبادل فيها كل طرف مختلف الاتهامات من التغريب إلى التغييب !! آخر هذه القضايا موضوع تأنيث البيع في محلات المستلزمات النسائية فلا زال هناك من يعيد طرح الموضوع بطريقة أو بأخرى ؛ فالقرار على المستوى الفعلي في طور التطبيق ، والفتاوى تأتي من كل جهة .. فبينما يقول سماحة المفتي : إن هذا العمل جرم وخطأ ومخالفة للشرع وامتهان للمرأة ، وفي نفس الوقت يخرج علينا من كتاب الرأي و أصحاب القرار من يتحدث عن إيجابيات هذا الأمر ويقول ما الفرق أن تضع المرأة بسطتها على الأرض في السوق وبين أن نسمح لها برفعها على الرفوف !! ويقال لك إن معظم البطالة في صفوف النساء حسب بيانات هيئة الاحصاءات العامة حيث تمثل نسبة البطالة بين الذكور حوالي 8 % بينما تبلغ نسبة البطالة بين الإناث أكثر من 28% في سن العمل. وبحسب بيانات وتقارير أخرى فإن نسبة العاطلات من خريجات الجامعات تمثل أكثر من 80% من نسبة البطالة بين النساء في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة البنات الملتحقات بالجامعات أكثر من 65% من إجمالي الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي ، مما يؤكد على أهمية تنويع فرص العمل للمرأة وعدم التضييق عليها .. وهل إذا اعتبرنا بيع المرأة على الرجل جالباً للمفسدة والفتنة ، ما الذي يجعل شراء المرأة من الرجل جائزاً ولا يجلب فتنة ولا مفسدة ، وهل لك أن تتخيل شعور المرأة وهي تقف أمام بائع غريب لتتحدث معه في خصوصيات ملابسها !! ويرد عليهم المخالفون بأنكم لا ترون المنكر الأكبر من هذا الأمر فهو باب لشرور كثيرة ولن يتوقف عند مجرد البيع .. وقد يمضي البعض للمبالغة ليقول إن المتضرر الوحيد من هذا الأمر هو أصحاب المحلات التجارية وكبار التجار الذين سيضطرون لدفع مرتبات أعلى ، وسيجدون منافسة قوية من النساء في بيع المستلزمات النسائية !! بالنسبة لي ؛ لست من يقرر ، وليس لي رأي محدد – وأجزم أنه ليس من الضروري أن يكون للإنسان رأي في كل مسألة – لكن ما أريد حقاً الوصول إليه هو إلى متى تبقى كل قضية تتصل بالمرأة محلاً لجدل لا ينتهي ومزايدة مستمرة ، و لماذا لا يتم نقاش مثل هذه القضايا بشكل واضح ودراسة معمقة من مختلف الأطياف على الأقل لترتاح رؤوسنا من صداع تلك القضايا التي يفشل المتنورون في تمريرها ، و يعجز المحافظون عن تبريرها .. وأين دور الكراسي البحثية ذات الميزانيات المليونية من هذا الأمر . خاتمة : يرفض المجتمع المستجدات عندما تكون فكرة ، ويسارع إلى تقبلها في التطبيق ، ثم يعمد كل طرف إلى إنكار موقفه السابق أو تبريره .. وتستمر الحياة غير عابئة بالطرفين .. أحمد بن عبد الله أباالخيل [email protected]