الدكتور الذي تجاوز سيارتي وهو في طريقه لكلية الطب لم يكلف نفسه فتح إشارة عندما أراد الانعطاف ، ثم أنه تجاوزني من اليمين وأكثر من هذا لم يعط أولوية المرور للقادم من اليسار في الدوار الذي تجاوزناه معاً – وأتساءل إذا كان هذا الأستاذ الجامعي وهو على هرم المجتمع علمياً لم يسعفه ذكاءه في الوصول إلى أهمية استخدام وسائل القيادة الأساسية السليمة ، كيف سيستخدم هذا الرجل وسائل السلامة في مقابلة مرضاه ؟ كيف يمكننا أن نثق بأنه يضع كافة الاحتمالات أثناء علاجه للمرضى ، الإشكالية أن هناك فجوة بين ما نعرفه وما نطبقه سواء على أعلى مستوى وهو الطب وحياة الإنسان أو على مستوى صغير جداً وبسيط جداً فيما تعلق بقيادتنا اليومية للسيارة ، هذه الأسئلة تفتح أسئلة كبيرة جداً في مستوى وعي المسئول سواء طبيب يعالج الناس في حياتهم و صحتهم اليومية أو على مستوى مهندس يشيّد ويشرف على إنشاء جسر يمر عليه عشرات الألف من البشر صباح كل يوم ! المهنية هنا تبرز من خلال وجود كم هائل وغير طبيعي من الأخطاء الطبية التي تطلعنا عليها وسائل الإعلام ومالا نعلم أكثر من أن يحصى والأخطاء الهندسية والأخطاء الإدارية والفساد أكثر مما نتخيل ، والسبب أن مستوى الوعي لدينا الكبار ( وأقصد أصحاب المناصب والمهن العالية جداً ) منخفض جداً فكيف سنتصور مستوى الوعي عند الخريج الجامعي والشاب وطلاب الثانوية العامة والوظائف الصغيرة ؟ قصة الوعي الذي نتحدث عنه نحمّله بالدرجة الأولى الطبيب والمهندس والإداري الكبير وهو يملك القرار يصنف نفسه أخر من يطبق هذا الوعي ويضعه على أخر أولوياته بحجه واهية وهي أن الناس لا تريد أو أنها غير متعاونة ، ذلك أن الوعي أحيانا يحتاج إلى فرض ، ساعة باللطف وساعة بالقوة وساعة بالغرامة وأحياناً أخرى بالإجبار ، فصعب جداَ أن نكتفي بلوحة إرشادية ونطالب الناس بالالتزام بها ما لم تسن القوانين التي تحمي جناب الوعي إذا لم يتضافر قوة القانون والنظام مع قوة الرجال ووعي الكبار .. أعود لنفس المثال في البداية : الطبيب الذي يخالف أبسط قواعد السير لو خاف من النظام وشعر به لما حدثته نفسه أني يخالفها ولأصبح أول الناس في الدعوة للوعي في قيادة السيارات ... بمناسبة الوعي بالوضع المروري :ألا تلاحظون أن تضليل السيارة جريمة لا تغتفر بعرف مرور القصيم بينما قطع الإشارة لا حس ولا خبر وكأنه لا توجد مشكلة أساساً رغم أنه يندر أن تمر من جانب إشارة مرورية واحدة دون أن تجد من يتجاوزها بصفاقة ؟