الحمدلله أما بعد : فقد كنت متردداً في إرسال شعري الذي كتبته قبل الحج ولكني لا أريده حبيس دفتري كحال بعضٍ من قصائدي . فاليوم سأبوح به ولن أطيق بقاءه . فبعد موت معمَّر القذافي وبعد الفرحة العامرة الغامرة التي ملأت قلوبنا فرحاً بقتله من قبل قوات التحالف والثوار إلا أنَّ ثمَّة تساؤلات كثيرة بقيت في الذهن عن تحرك الحلف الأطلسي بهذه السرعة لنصرة ليبيا بينما نراه يتبرأ من المشاركة في سوريا لقد كان الغرب إذا أرادوا أن يحسموا شيئاً حسموه بأنفسهم لا ينتظروا من الجامعة العربية قراراً فما بالهم اليوم تشبَّثوا بالجامعة العربية هل لأنَّ الجامعة العربية ليس بيدها قرار تنفيذي؟ هل لأجل أن العرب لا يكادون يفقهون كيداً ؟ أو لا يكادون يتفقون رأياً!!. إني ما زلت أقول وراء الأكمة ما وراءها ووراء هذه الثورات مصالح غربيةٌ ستتجلى وتتضح في المستقبل , فنحن سنستمتع بمصالحنا وأفراحنا بهلاك المجرمين ونقف ولو مع العدو ضد عدوٍ هو أشدُّ منه لكن يجب أن نفكِّر بجديِّة عما بعد هذه الثورات وعمَّن تسلل لواذاً يستغلُّ النصر لتحقيق مصالحه فليس الغرب غبياً ليتفرج على هذه الأحداث !! فقد سبق أن جَيَّش الجيوش لتحقيق مصالحه فأهلك الحرث والنسل وسفك الدماء ولم يُفرِّق بين شيخ كبير ولا طِفلٍ صغير فلن يقف الغرب مكتوف اليدين أمام خطرٍ يُهدده أو عدوٍ يتربَّصُ به . إنَّ سمع العقلاء لايزال يصغي إلى أنين أحبَّتنا في أفغانستان والعراق , لقد كانت أمريكا غبيَّة جداً فقد كسبت كراهية الناس وقد استطاعت أمريكا اليوم أن تستعمل مصالحها بذكاء ودهاء فكلَّما أحست بوهن الموالين استعملت موالين آخرين يضمنوا لها كرامتها ومكانتها. لست أُنكر أنَّ الشعوب كان لها الأساس في إسقاط الزعماء وخاصة في تونس ولكن ليس خوفنا من هذه المرحلة الثورية فهي تسعدا لمظلوم وتفرح المهموم إنما خوفنا لمستقبل هذه البلدان . ما النظام الجديد الذي ينتظر تلك البلاد؟ ما الوجه الجديد الذي سيشرق مبسمه على العالم ؟ ربما نجد أنَّ أكثر المشجِّعين لهذه الثورات من المفكرين لا يهمهم بدرجة كبيرة أن يحِلَّ إلى تلك البلاد أي نظام حتى ولو كان عاريَّة غربية . سيأتيني من يقول : تفاءل إنِّي متفائل إلى النخاع وأملي بالله عز وجل كبير أن يقيض الله تعالى لهذه البلاد من يحكم بالحقِّ والشرع , لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنَّ المؤمن لايلدغ من جحر أكثر مِن مرِّة ولكن كم خدعنا الغرب من مرة؟ ولا يعني كلامي هذا أني لا أظهر الفرحة والسعادة بهلاك كل طاغية مفسد كما فرحنا لهلاك معمَّر لأجل أحبَّتنا في ليبيا بل قد غمرتنا الفرحة والسرور بهلاكه لكن كان الخوف على مستقبل ليبيا أكبر والأيام حُبلى وستُبدي بعض الخافي والله المستعان ولن تكتمل فرُحتنا ولا سعادتنا إلا حين نرى ليبيا آمنة مطمئنَّةً تعيش الشريعة والحق والعدل قل عسى أن يكون قريباً وقل عسى الله أن يُهلك الله بشار وجنوده الذي قتلوا وأهلكوا بغياً وعدواً ولا يشكُّ عاقل أنَّ أيَّ نظام سيحلُّ بدل نظام بشَّار سيكون أرحم على سوريا من نظام بشَّار . وقلت بعد هلاك معمَّر: في زحمة الإجحاف والإرجاف *** آليت أن أُملي مراد هتافي من بعد ما نقلت لنا أنباؤهم *** خبراً بموت معمَّر القذافي خبرٌ أكيدٌ قد تناقله الملا *** إيهاً تهانينا أيا قذافي قد كنت يوماً في الرحاب معمَّراً *** فاليوم ما حال البناء الضافي؟ اني لأصدُقك المقال معمَّراً *** عُمِّرت لكن ما تعمَّر صافي وبطشت جبَّاراً ظلوماً طاغياً *** حتى أتاك البطش في إنصاف أين الهتاف الحر هل ماتت به *** عزماتكم في ثورة الآلاف؟؟ مزَّقت شرع الله بالقانون هل *** مزَّقته في نبرةٍ وهتاف؟ وسفكت أنواع الدماء فهاهنا *** سفكت دماءك كافئٌ ومُكافي؟ فالله يُمهِلُ للظلوم فإن ترى *** يوماً لظلَّامٍ فآخرٌ جافي أمَّا وقد حقَّ القضاء معمَّراً *** فلدي من رأي الكياسة وافي إنِّي رأيتك والجموع غفيرةٌ *** تشدوا بصوتٍ ثابتٍ نيَّاف وكأنَّ جيشك غالبٌ ومُهيمنٌ *** لكنَّه المهزوم ليس بخافي وأرى صراخك رغم ضعفك ثابتاً *** ذكَّرتني في نبرة (الصحَّاف) فالنصر قد وضحت معالمه لكم *** لكنَّكُم في همَّة المتعافي ورأيتم الناتو فلم تستسلموا *** في هجمة الناتو مع الآلاف سيُعدُّ هذا في مناقبكم غداً *** لم تهربوا كبقيَّة الأسلاف!! ويظلَّ ذكرك في الأنام معمَّرا *** وسيكتب التاريخ بعض الخافي وسيكتب التاريخ سوء صنيعكم *** وسيكتب التاريخ بعض خلاف وستنقل الأجيال قصَّة واحدٍ *** يدعى معمَّر من بني القذَّافي أيامنا دولٌ يبيِّن بعضُها *** بعضاً وترسمها يدُ الأخلاف دعني أوجِّه للعدوِّ رسالتي *** أعني به الناتو أولي الإنصاف!! أولم يروا بشَّار مع أنصاره *** سفكوا الدماء ومالها من كافي!! قتلوا الشيوخ وذبَّحوا أبناءهم *** وغدوا على الأعراض كالأضياف والشعب يُذبح والمآذن تشتكي *** والمجرمون غدوا لظلٍ وافي أمحرَّمٌ سفك الدم الليبي هل *** أضحى دم السوريِّ مثل خراف؟ فلأجل إسرائيل يأمن سِّيدٌ *** ولأجل أمريكا سيُعدم حافي ولأجل إسرائيل تَهلك أمَّةٌ *** ولأجل أمريكا يحرَّكُ خافي هل أحجم الغرب الشريف عن الأذى *** ورأى أذى بشَّار نوع خلاف؟ إن كان الثورات في ليبيا هدىً *** هل ضلَّت الثورات في الأرياف؟ مدَّت يد الأحلاف صولة غاضبٍ *** أعطت سلاحاً يقتلُ القذافي ما بالها قد عطَّلت قواتها *** لتكفَّ بشاراً عن الإجحاف إن كان جرم معمَّرٍ في ظلمه *** هل كان بشَّار هو المتعافي؟ ليست محبتهم لنا في نصرةٍ *** لكن محبتهم إلى الإخلاف يا قاتل الله الظلومَ وجنده *** من حلف أطلس أو أذى قذافي لا تحسنوا ظناً على أعداءكم *** فغداً يلاقوكم بكلِّ خلاف وغداً يشيحوا عن خفايا نصرهم *** وترون بعد الأمن بعض عِياف وأقول في ختم القصيدة إنَّني *** في فرحةٍ وترقُّبٍ وتلافي سبحان من يعطي وينزع ملكه *** وله الدوام وكل شيء عافي فالله قد جعل الهلاك علامةً *** في نصرة المظلوم والخوَّاف إني أهنى شعب ليبيا بعده *** بالأرض تلك سجيَّة الإنصاف فالسعد يملأنا على إنجازهم *** والخوف يملأنا من الأحلاف د. ناصر بن عبدالرحمن بن ناصر الحمد إمام وخطيب جامع الامام بن ماجه رحمه الله