يا راحلين إلى منى بقيادي *** هيجتموا يوم الرحيل فؤادي سرتم وسار دليلكم يا وحشتي *** الشوق أقلقني وصوت الحادي بين فرحة اللقاء الأولى وأبعاد الاشتياق ... بعد التقلب بين قراءة الكتب والاستشارة .. بعد أن استودعوا الله أنفسهم وأهليهم وأحبابهم .. غادر الحجيج وهم على شوق لأداء هذه الشعيرة .. بين طفل لايكاد يعقل وشاب أدرك إتمام أركانه .. وكهل حُمل على ظهر بنيه ..وأم تركت صبيتها الصغار لتلحق الركب .. أعراق وأنساب رجال وأطفال ونساء تجمعوا في مكان واحد وساحة واحده وعلى كلمة واحده ... لم يهابوا الموت ولم يخافوا التوعد .. بل استجمعوا قواهم ووهبوا أنفسهم لله سبحانه ثم لمملكة نذر حكامها وأولياء أمورها على أنفسهم سلامة من يرتادها..فكان الأمن وكان الأمان . صبية كشافة انتشرت على المداخل والمخارج .. مواصلات ذات تقنية عالية سُخرت لهم .. مصاحف مطبوعة .. أغذية متنوعة .. مترجمين بكل اللغات .. استعدادات طبية .. تخطيط وتنسيق متقن وتوحيد رأي ومشورة بين جميع القطاعات .. والأهم من ذلك .. عسكرٌ طوقوا كل مكان لسد الحاجات وتلبية النداء .. ونايف وصقوره أعين تتابع كل صغيرة وكبيرة.. وولي أمر ترك أحزانه جانباً وأولى عنايته وأصدر أوامره بأن لا يُعكر صفو الحجيج بأي أمر كان .. وسيضرب بيد من حديد على من يتعدى الحدود ويعكر صفو المكان . يقال إن الإمام أبا حنيفة كان يراوده تردد في تحديد أفضل العبادات الإسلامية.. وعندما حج قال: أيقنت الآن أن الحج أفضل العبادات.. وأقول .. وبكلمات تسلم من عيوب الإطالة وتبرز فيه عذوبة التسلسل المغموس بنور المحبة .. أني ترددت بين أكثر الدول أمناً وأماناً وراحة بال.. فلم أجد أأمن من مملكتي ومملكة كل مسلم عربي كان أو أجنبي .. مملكة شُرُف أولياء أمورها بخدمة الحجيج وكان هدفهم الأسمى سلامتهم وأمنهم .. مملكة فتحت ذراعيها لتحضن الوفود وتكرم نزلهم بالرغم من ألامها وأحزانها بفقد ولي عهدها.. مملكة جعلت الكل تحت مظلة واحده في هذا الموسم .. مملكة رفعت ذكر الله عالياً فرفع الله ذكرها بين الجميع .. فطوبى لنا ولهم ذلك. هند المسند