هل على العرب إعادة النظر بنسيجهم .. وهل تغربّنا وبسرعة قياسية عن ثقافتناو تسللت الثقافات الغريبة إلى وجداننا لدرجة اختلطت علينا المفاهيم وصرنا نناقش بالبديهيات.؟ لم يمت بعد جيل النكبة وقبله جيل خاض جهاداً طويلاً للاستقلال حتى نفقد ذاكرة الاحتلال وظلمه.وحتى من وقت قريب لم يكن عربي يختلف على أنّ الكيان الصهيوني هو كيان استيطاني غاصب احتلّ فلسطين وأجزاء عربية بقوة السلاح وبتواطؤ دول عظمى كانت حينها. جميعنا تربينا على اسم فلسطين وحلم العودة ..تربينا على حلم الوحدة العربية ..وكلنا نشأنا من ذات الثقافة ( ما يؤخذ بقوة لا يُسترد إلا بالقوة ). كانت الثقافة الشائعة هي ثقافة رفض أيّ ظلم وأيّ محتلّ *ثقافة رفض المساومة على الوطن . وكان كلّ من يصرّح بغير هذا الفكر كان يغدو نشازاً يحارب من أقرب الناس إليه لأنه يعتبر أقرب للعميل.. ولمن خان قضية وطنه . والآن نجد *السجالات تمتدّ من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج .. وينقسم العرب هذه المرة ليجدوا أنفسهم وقد تمت عملية فرزهم فرزاً سيؤدي إلى خلق أجيال متباينة التوجهات. وغدا فكر المقاومة أمراً قابلاً للسّجال .. وبدل أن كان المقاوم له طابع القدسية والنبالة صار ملاحقاً تترصده أعين النقد بكلّ مفصل. صارت الحكمة تعني عند العرب أن يساوم المظلوم مع الظالم .. وصارت المقاومة حماقة ومتى استعدنا أراضينا وحقوقنا دون تضحيات ..؟ وكيف تشوّه هذا الفكر المقاوم عند بعض الساسة وكيف صارت الثقافة المساومة تملك صوتاً وأقلاماً مسخرة لمسح تاريخ نضالنا تاريخ شهداؤنا واستبدالها بفكر لا طعم له ولا لون غرّبنا عن أنفسنا وليته حقق مكاسب لنفكرّ قليلا ً بتبنيه. لكن نجد أنفسنا في دوامة الفوضى المنظمة كيانات معزولة تتناحر بسخيف الأمور وتفاصيل القضايا و لا تعرف أنَّ العدو ينتظرها لتستهلك قوتها .ثمّ يأتي وافد جديد لا ندرك ربما خطورته الآن ولكن كل شيء في وطننا الكبير بشرذمته بتخبطه بفوضويته اللابناءة تهيأ له القدوم وبقوة. فمتى يبدأ المثقّف العربي بمشروع حماية ثقافتنا العربية. ومتى يفرغ المثقفين من استعراض تجارب الشعوب وتجربتها ولا يؤسس لثقافة تمدّ جسوراً بين العرب وللأجيال التي ستجد نفسها بلا هوية بلا مثل أعلى بلا رمز وربما بلا وطن..؟ *