الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وبعد الأصل بالوصية هي ثباتها واستمرارها و مما يلزم لذلك عدم تجاوزها للثلث أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ونصه " ......فقلت: يا رسول الله بلغني ما ترى من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قال: قلت: أفأتصدق بشطره قال لا الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ... إلى أخره " وحيث أن هذا الشرط يغفل عنه بعض الموصين – من الآباء- جهلا أو رغبةً بإثبات الوصية بالبيت - أو غيره - وهو قد يفوق قيمه الثلث وهذا لايصح شرعا إذ لاحق للموصي إلا بالثلث ما لم يأذن الورثة البالغين بذلك . وحيث أن الحق ثابت للورثة شرعا بما زاد عن الثلث فلذا فقد يطالب الورثة أو بعضهم بهذا الحق فتخرج الوصية من هذا البيت - أو غيره - بالبيع وخروجها يعني في الغالب ضياعها لأن بعض الناظرين عليها لا يقوم بالواجب تجاه الوصية بحيث يضعها في موضع مشابه لما تم ذكره من الموصي بوصيته بل يضعها بأقرب وأسهل عمل خير وان كان هذا فيه خير إلا أن الواجب على ناظر الوصية أن يكون فعله فيه موافقة لفعل الموصي بوصيته وهو وضعها في مكان مشابه لها . وحيث الأمر ما ذكر أعلاه فإني اكتب عن هذا الموضوع مستعيناً بالله أولاً وأخراً وظاهراً وباطناً ثم ما تبين لي - من وجهة نظري - من خلال ممارستي لعملي على النحو التالي: أولا:- أن الواجب على الأبناء إعمال وصية آبائهم في حال تجاوزها للثلث لأن ذلك من البر و المشاركة في إثبات واستمرار الوصية في مكانها الذي ارتضاه الأب أو الأم وهو من البر الدائم من الأبناء للآباء لا ينقطع بوفاة الأبناء. ثانيا :- أن ينص الموصي في وصيته على أن تنقل الوصية من البيت - أوغيره - لأقل قيمة في حال زيادة الموصى به عن الثلث وهذا الشرط من الموصي يجب العمل به ولا يجوز مخالفته من الناظر على الوصية إلا إذا تعذر ذلك وبعد أخذ إذن الحاكم الشرعي . ثالثا:- أن ينص الموصي في وصيته على أنه في حالة نقلها من البيت - أو غيره -الموصى به وعدم استطاعة شراء مماثل لها بقيمتها فإنها تكون بعد ذلك مثلاً في بناء المسجد أو تزويج أو غير ذلك من أوجه الخير الذي يرغب بها الموصي لان عدم ذكر الموصي لذلك يجعل تنفيذها على رغبة الناظر عليها. رابعا: أن ينص الموصي في وصيته انه في حالة تجاوزها الثلث أن يأخذ الورثة حقهم شرعا من الأجرة المتحصلة من الوقف على أن مصارف الوصية تتوقف حتى يستوفى الورثة حقهم من الوقف ويسرى ذلك على موافقة الورثة البالغين لأنه حق ثابت لهم شرعا ويجوز لهم إنظار الواقف – الآباء – بعدم أخذ حقهم مباشرة وإعمال هذا الشرط هو أقل البر للآباء وفيه خير ومشاركة لهم في استمرار وصية آبائهم على الوجه الذي ارتضاه في حياته ويعتبر من الواجب على الأبناء اتجاه آبائهم . خامساً:- يجب على الموصي الاهتمام بوضع الوصية بيت - أو غيره - يعمر طويلا لأن وضعها في أماكن قديمة قد يعرض الوصية لتوقفها وعدم الاستفادة منها وهذا يعارض رغبة الموصي في وصيته . سادسا :- أن ينص الموصي في وصيته على أن إصلاح وترميم الوقف من ريعه لأن إصلاح وترميم الوقف هو استمرار له وهو أهم من تنفيذ الوصية لان تنفيذها متعلق بالوقف والوقف يلزم له هذه الإصلاحات فيكون مقدماً على تنفيذ مصارف الوصية . هذا ماتم كتابته حول هذا الموضوع سائلاً الله التوفيق والسداد للجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . د /علي بن محمد السواجي محامي ومحكم معتمد من وزارة العدل نائب رئيس لجنتي المحامين والتحكيم بمنطقة القصيم [email protected]