كل منا رأى الوضع المخزي الذي آل اليه حال الرئيس التونسي زين العابدين بن على بالأمس حينما انقلب عليه شعبه وجعله يهرب كاللص الى خارج البلاد . لاشك بأن منظره وهو يهرب بالطائره مع عائلته ذاهابا الى فرنسا ومن ثم رفض الرئيس الفرنسي بمنحه الاذن بأن ينزل لاجئا في بلاده ,ثم دورانه لفترة طويله في الجو باحثا له عن ملجأ يأوي اليه هو وعائلته وكأن الارض ضاقت عليه بما رحبت , كان عنوانا من عناوين الذلة والمهانه والنهاية المأساويه , ان الطغاة المستبدين لهم لابد ان يكون لهم نهاية مخزية كتلك طال الزمن بهم أوقصر ان في الدنيا او في الآخره . قبل فترة قريبة كنت أفكر في أمره وكنت أرجو من الله بأن ينزل عليه أمرا من السماء ينقض عليه فيزيله ويزيل ملكه والحمد لله انه تحقق ذلك ولم يتأخر, كان الداعي لذلك هو رؤيتي مقطع تصويري لمسجد في تونس كانت السلطات التونسيه قد أمرت الناس بعدم الصلاة فيه وهجره ,فكانت الكاميرا تدور في انحاءه فرأيت فيه ما يجعل بدن الانسان المسلم يقشعر من ان يراه في بيت من بيوت الله , حيث أصبح مرتعا للكلاب والقطط والساقطين من البشر , وكانت المصاحف ملقاة على الارض والقاذورات البشريه تملاء جنبات المسجد موضوعة على ارض بيت الله والقمامات من علب الدخان وغيرها تملئ الارض , فعلمت بأن تلك الفعله الشنيعة هي كافية باذن الله بأن تهوي بابن على وزبانيته وتودي بهم , فهم رضوا بأن يكون ذلك في بيت من بيوت الله ولوكان معبدا يهوديا او كنيسة للنصارى لما سمحوا بذلك ان يحدث فيها اكراما لها ولأهلها ! ولكني حينما أدرت فكري وتبصرت وعلمت ان هذا يحدث في بلد يحكمه الطاغية المسمي بزين العابدين بن على علمت انه لاريب ان يكون ذلك , ومن هنا نقول من هو بن على ؟ انك لو أردت ان تدون افعاله الاجرامية في دواوين عدة لما اكتفيت فشره قد كل فرد من أبناء بلده , وهذا الرئيس له تاريخ اسود ليس في اضهاد البشر فحسب بل في اضهاد الدين ولجمه ومحاصرته واعتبار من يمارسه موضع شبهة جنائيه يعاقب عليها قانونه , وقد اصبحت ممارسة شعائر الدين تجلب الضرر والمتاعب على صاحبها في ظل تلك القبضه الحديديه لنظامه البوليسي , كما انه عاش محتقرا لشعبه ولم تتحرك في فؤاده يوما ذرة من المشاعر الانسانيه التي تجعله يرفع الظلم عنه ... وبن علي هومن حاصر المساجد في تونس وجعلها تئن من الفراغ وصعب من أمر الصلاة فيها , وقد زاد في طغيانه فأصدر قانونا أمر فيه بأن تصدر بطاقات ممغنطه لمن يريدون الصلاة في المسجد وعلى من اراد ان يصلي أن يختار المسجد الذي سيصلى فيه ولايسمح له بأن يصلى في غيره , وهو من أمر مباحثه بأن تراقب البيوت عند صلاة الفجر فمن شوهدت انوار بيته تضاء عند وقت الصلاة ولأيام متكرره , فالمعنى انه في طريقه لأن يكون ارهابي وهنا يجب جلبه للمباحث للتحقيق معه والبحث في أمره , وكل تونسي يعلم ان اقامة الصلاة في تونس ممنوعه وانها تبعث الشبهة لصاحبها , وفي فترة مضت قدر لي ان عرفت احد الاشخاص من تونس فكان يقول اني احببت بلدكم لاني أصلي فيه صلواتي المكتوبه مع جماعه المسجد بكل حريه وراحه, وانا تعودت الآن على ذلك فكيف افعل ان انا ذهبت الى تونس حيث اني ان فعلت ذلك لن يمر على ذلك اليوم الا وانا معتقل في المباحث . ومباحث بن على لها بطولات وقصص يشيب لها الرأس واذكر قصة عن شيخ اعتقل وكان عضوا في حزب النهضه الاسلاميه التونسي فلما اودع السجن قام افرادا من المباحث بفعل الفاحشة به وتصويره ثم وزعت صوره على اهل مدينته لفضحه ولجعلهم ينفرون منه . وكان من اسلوب زبانيته في تعذيب المعتقلين وخصوصا الذين أفرج عنهم بعد انتهاء محكوميتهم بأن يأمروا الواحد منهم بعدم لقاء زوجته وأولاده ويتم نقله الى مدينة أخرى ثم يطلب منه الحضور لتسجيل خنوعه ومهانته يوميا في قسم الشرطه , وللامعان في تعذيبه تتم ملاحقته والطلب من أصحاب الاعمال عدم تشغيله ليموت من الكمدوالقهر . وهو من جعل من تونس مرتعا لعائلته وعائلة زوجته ليلى الطرابلسي , فهيمنوا على كل مقدرات البلاد من فامتلكوا العقارات بصورة غير قانونيه , وسيطروا على خطوط الطيران والبنوك وامتلكوا الشركات الكبرى والوكلات التجا ريه وأدخلوا انفسهم جبرا في اي مشروع صغير كان ام كبيرا ليمتلكوا نصيبا منه , فأ صبحوا كا الكلاب المسعورة التي تجوب البلاد فتسرق مايعجبها من املاك خاصة بالمواطنين . ان ثورة الشعب التونسي المغلوب على أمره وذهاب مثل هذا الطاغيه هو نتاج طبيعي لما كانت تعيشه تونس , فالظالم المستبد الذي فرض على الناس الانسلاخ من دينهم وسلبهم كرامتهم وحقوقهم لابد ان يكون له يوم يحاسب فيه , وهو قد استعدى الكل ونال ظلمه كل شرائح الناس , فأهل الدين قد نالوا منه نصيب الاسد وكانوا من ألد اعدئه حتى انه لم يجعل لنفسه معهم ولوخيطا رفيعا ليواجهوا به الشعب حينما ثار عليه لتهدئته من فورانه , لانه قد منع الصلاة فأمرهم بألا يصلوا ومعلوم ان ولي الامر يطاع ويستسلم لأمره مالم يأمر بترك الصلاة , ومن غباء نظامه انه قد سلب الشريحة التي يعتبرها كل حاكم ضمانا له في تثبيت حكمه وهي الطبقه الوسطى رخاءها فجعلها معدمة , فأصبح شعبه مكون من طبقتين طبقة ارستقراطية ثرية ثراء فاحشا وهي لاتشكل 5% من الشعب وهم اقربائه وزبانيته , وطبقة كادحة معدمه وهي تشكل غالبية الشعب وهي التي ثارت عليه , وما بقي من الشعب اما في السجون او هارب الى الخارج في لاجئا في دول اوربا , وعند وقوع الامر لم يجد من يواسيه ويدعمه فالكل كان عدوا له , وكان قد علم مسبقا ببواطن الامور وبأن الكل ضده فقرر الهرب سريعا وبدون مقدمات في طريقة لم يتوقعها اقل المتفائلين لأنه يعلم بأن الهرب هو الاجدى , وربما كان فعله هذا يترجم خوفا من أن يكون مصيره كمصير الرئيس الروماني تشاوشيسكو الذي ثار عليه شعبه فقبض عليه وأعدمه مع زوجته امام الناس في عام 1989م , ومن المفارقات العجيبه ان زين العابدين كان سفيرا لتونس في عهده فوعى ويبدوا انه قد وعى الدرس جيدا فقررالهرب سريعا ولم ينتظر عندما قامت عليه المظاهرات . انها رسالة لكل من قبض على شعبه قبضة حديديه وعامله بالارهاب والتعذيب ومنعه من اداء شعائره الدينيه , ومتى اجتمع في نظام الاستبداد والسلب ومحاصرة الدين فانه يكون قد آذن نفسه بالانهيار, وليعلم ان الشعوب تثور وتنتقم ومخطئ من ظمن انها رحيمة به ان ثارت , والحمد الله الذي جعلنا في بلد نمارس فيه الدين بحريه وراحه. تركي الربيش [email protected]