المحسن يكتب.. وَهَبهم البطولة والإنتصار .. بأهدافه وتخطيطه المكّار    "الرياض وجدة" تعززان حضورهما السياحي والثقافي مع قرب انطلاق كأس آسيا تحت 23 عامًا "2026 السعودية"    لغة نصفق لها ولغة نستخدمها    الصراع الإسرائيلي الإيراني بين الضربات العسكرية وحسابات الردع    منهج الاحتلال.. استيطان وعنف    زيلينسكي يعتزم التشاور مع الحلفاء الأوروبيين    السعودية تبادر بعلاج فتاة فلسطينية مصابة بسرطان الدم في الأردن    رافينيا ويامال يقودان برشلونة لفوز ثمين في معقل فياريال بالدوري الإسباني    غدًا في الدمام.. "عمار العقارية" تُطلق مزاد بيع مخطَّطَي "وسن" و"جوهرة المنار"    القرشي يدشن "صقر قريش" في معرض جدة    قرارات تطويرية لتكامل المنظومة الدينية بالحرمين    الخريف: 790 مليار ريال مساهمة ندلب في الناتج المحلي    مهد ومسك يوقعان مذكرة تفاهم    14 ميدالية تتوّج القادسية بصدارة بطولة الجودو التأهيلية للمنتخبات    نائب أمير جازان يستقبل رئيس الجامعة و يستعرض المشاريع التطويرية    بر الشرقية تستعرض برامجها التنموية بمحافظة العديد    القبض على مواطن بتبوك لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    أمير حائل يطّلع على مشاركة أمانة المنطقة في معرض "خيرات حائل"    أمانة المدينة: نسبة أعمال جسر "الصافية" بلغت 56٪    أمير الرياض يستقبل سفيرة الجمهورية الهيلينية المعيَّنة حديثًا لدى المملكة    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    ارتفاع صادرات السيارات الكورية الجنوبية    HONOR تكشف عن هاتف MAGIC8 PRO في السعودية خلال حفل إطلاق في ذا أرينا    دله الصحية تضيف مستشفى المملكة إلى مجموعة مستشفياتها عبر الاستحواذ على الأسهم المتبقية في شركة درع الرعاية القابضة    تونس تحتفي بالعقد الأول لمهرجان القيروان للشعر العربي    افتتاح فعالية «السهي فيو» ضمن مهرجان جازان 26    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    ختام بطولة "WBC Boxing Grand Prix"    في نصفِ نهائي بطولة الجيل القادم.. بلوكس يواصل الانتصارات.. وتيين يُكمل عقد النهائي    الفريق يغادر اليوم لمواجهة الشارقة في «النخبة».. أزمة نيفيز تثير قلق الهلاليين… والحمدان يرفض العرض    الدبلوماسية السعودية النشطة تثمر.. نقلة تاريخية لسوريا بعد إلغاء «قانون قيصر»    أميركا تصادر ناقلة نفط إضافية قبالة فنزويلا    بريطانية تصعد على متن الطائرة بعد وفاتها    المركز الوطني للعمليات الأمنية يستعرض تجربة حية عبر تقنية الواقع لزوّار معرض "واحة الأمن"    المملكة.. إغاثة بلا حدود    الزايدي محاضراً    محافظ رأس تنورة يكرم اليامي    الماجستير لشروق    اجتمع بالملحقين التجاريين للمملكة..الخريف: تمكين فرص الاستثمار في الصناعة والتعدين    ارتفاع معدلات الإنتاج الغذائي    وفد أعضاء مجلس الشورى يطلع على أعمال هيئة تطوير محافظة جدة    ورشة عمل تبحث دور الإعلام في صناعة المبادرات    الحِرف السعودية.. تخليد مهارات الأجداد    القحطاني يكرم الجمعان    إلهام عبد البديع في«السرايا الصفرا»    «تقويم التعليم» تعتمد 51 مؤسسة أكاديمية    في افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025.. المغرب لتأكيد عقدته التاريخية لجزر القمر    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير خادم الحرمين في ماليزيا ومفتي رواندا    خطيب المسجد الحرام: إذا تولى الله عبدًا أكرمه وهداه    إمام المسجد النبوي: الإسلام يسمو بالأخلاق ويربطها بالإيمان    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُنقذ مراجعاً مصاباً بانسداد حاد نسبته "99 %" بالشريان التاجي الأيسر    تشغيل نظام الأرشفة الإلكترونية بمستشفى الأسياح    بيان مديراً لمستشفى الأمير عبدالمحسن    مشلول يتحكم في روبوتات بإشارات الدماغ    أداة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن سرطان الكلى    إنطلاق التصفيات الأولية لمسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم في جازان    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا تونُس الخضراء كيفَ خَلاصُنا؟
نشر في أنباؤكم يوم 18 - 01 - 2011


د. محمد بسام يوسف - نقل عن موقع المسلم
ثورة تونس أكان على الشابّ التونسيّ الثائر (محمد البوعزيزي) أن يُضرِمَ النارَ في جسده، فتبتلعه، لكي يصحوَ نظامُ القتل والقهر والاستبداد، على الحقيقة المُرّة؟!.. التي وصل بِوَحْيِها (البوعزيزي) ورفاقهُ الشباب إلى اقتناعٍ تامّ، بأنّ النار التي ابتلعته، أخفّ وطأةً من نار الظلم والاضطهاد والقمع، التي يمارسها نظام (الحزب الواحد) منذ عشرات السنين، فيسوم بها أكثر من عشرة ملايين إنسانٍ تونسيٍّ سوءَ العذاب؟!..
أما كان على الرئيس الفارّ من وجه العدالة: (زين العابدين بن علي)، أن يُفكِّر في لحظة صفاءٍ وتأمّل، يختلسها من سنوات حكمه المستبدّ التي بلغت ثلاثةً وعشرين عاماً.. بأنّ الظلم لا يدوم، وبأنّ الظالم –لا شك- سيقف يوماً وراء مكبِّر الصوت، يخطب في شعبه المقهور، مُسترضياً له، مُستعطِفاً، شاحبَ الوجه، مُرتَجِفَ القلب والصوت، مُصطَكّ الأسنان، مُرتَعِشَ الساقين؟!..
ربما وحدنا –نحن السوريين- نَعي تماماً، معنى أن يُزَجّ آلافُ الأحرار في السجون عشرات السنين، لا يعلم عن مصيرهم أحد من ذويهم أو أبناء شعبهم.. ونحن الذين نعرف معنى سرقة قوت الإنسان ولقمة عيشه وحبّات عَرَقِه.. ونعرف كيف تُهدَر الكرامةُ الإنسانيةُ في أقبية الأجهزة الأمنية.. وكيف تتمرّعُ عصاباتُ الحاكم ومافياته بخيرات الوطن وثرواته، فينشأ فتىً من فتيان العصابة ك (رامي مخلوف)، لا يبلغ الثلاثين من العمر، وفي أرصدته ما يزيد على ثلاثةٍ وعشرين مليار دولار!.. ونحن الذين نعرف كيف تتحوّل البلاد –بِطُولِها وعَرضها- إلى مفرخةٍ للفاسدين، ومَصنعٍ للّصوص، ومزرعةٍ لمافيا العائلة الحاكمة، في الوقت الذي تزداد فيه أعدادُ المحرومين والجائعين والفقراء والمُعدَمين، من أبناء شعبنا، بمتوالياتٍ هندسية.. ونعرف معنى أن تُختَصَرَ الشامُ -بمجدها وتاريخها وحضارتها- بشخصٍ عسكريٍّ استولى على الحكم، بالدبابة التي دفعنا ثمنها من كَدحنا وعَرَقنا ودمنا، لتحرير أرضنا المحتلّة.. ونعرف معنى أن يُحكَمَ بالقهر على أجيال الذراري، للانتقام من الآباء، وعلى الأحفاد، للتشفّي من الأجداد.. ونعرف كيف يُحرَم الرضيعُ الوليدُ من كل حقوقه المدنية والإنسانية قبل أن يولَد، فيُدرَج في القوائم السوداء لأجهزة النظام الحاكم، التي تُمنَع عنه –بموجبها- وثائق إخراج القيد وجواز السفر والهوية الشخصية الوطنية.. نعرف معنى ذلك كله، ونُحسّ به، وتلسعنا أسواطه.. وربما –لشدّة ما نحن فيه- نغبط شعباً كالشعب التونسيّ الشقيق، على (نعيم) زين العابدين بن عليّ، الذي ثار بوجهه أحرارُ تونس، فكان لهم ما أرادوا، بالتضحيات والإصرار، خلال مدةٍ قياسيةٍ لم تتجاوز بضعة أسابيع!..
* * *
عندما شاهدنا الرئيس الغارب (زين العابدين بن عليّ) يسترضي شعبَه في ساعةٍ فات فيها الأوان.. تذكّرنا (حافظ الأسد)، الذي ثار عليه شعبه في الثمانينيات من القرن الماضي.. تذكّرناه وهو واقف يخطب مرتعداً، ويُقسم بالله يميناً مغلّظة، بأنه يؤدّي الصلاةَ منذ ثلاثين عاماً!.. فلماذا يضع هؤلاء الحكّام أنفسَهم في مثل هذه المواقف، فلا يتّعظون من سُننِ التاريخ التي لا تتغيّر ولا تتبدّل؟!..
أثناء خطاب القَسَم، حين أقسم (بشار الأسد) اليمين، في شهر آب منذ أكثر من عشر سنين (فحسب)!.. وَعَدَ شعبَه –الذي تغاضى عن الطريقة التي نُصِّب بها بشارُ حاكماً- بالرفاء والحرية والديمقراطية والحداثة والتحرير والازدهار والإصلاح السياسيّ والاقتصاديّ والانفراج والانفتاح.. لكنه –خلال كل هذه السنين- ما زاد هذا الشعبَ إلا شقاءً وقهراً وفساداً وفقراً وضَياعاً وانتهاكاً لأبسط الحقوق الإنسانية، وضَعفاً وإحباطاً، واستقواءً على دِين الأمة وأصوله وثوابته وتعاليمه وفروضه وواجباته.. فماذا ينتظر (بشار) وأسرته المتسلّطة على البلاد والعباد؟!.. بعد أن رأى بأمّ عينه فرار صنوه (ابن عليّ)، وهو يتنقّل بطائرته في أجواء الأرض، لا يجد مَن يقبل بهبوط طائرته الخاصة -المسروقة من قوت الشعب التونسيّ-.. في أحد مطاراته، حتى من بين أولئك الذين كانوا يدعمون ثباته على كرسيّ الحكم، من الدول الاستعمارية المعروفة!.. فتحوّل البيت الأبيض الأميركيّ بقيادة الرئيس (أوباما) –بقدرة قادرٍ- إلى أكبر مُدافعٍ عن حقوق الإنسان التونسيّ، وهو يصفعنا بتصريحاته المعسولة: [ إنّ أميركة تُشيد بشجاعة الشعب التونسيّ لانتزاع كرامته]!.. وذلك عشية إرسال (أوباما) نفسه، سفيره الجديد إلى دمشق، لتدشين عصرٍ جديدٍ من العلاقات الأميركية مع النظام المستبدّ الحاكم في دمشق!..
* * *
أهي مصادفة أن يتوجّه الدمشقيّ الأصيل (نزار قباني) منذ عشرات السنين، إلى تونس.. تونس التي تُسطِّر اليوم ملحمةَ الحرية في المنطقة، فيخاطبها بقوله:
يا تونُس الخضراء جئتكِ عاشِقاً = وعلى جَبيني وردةٌ وكِتابُ
إنّي الدمشقيُّ الذي احترفَ الهوى = فاخضوضَرَت لِغِنائه الأعشابُ
أحْرَقْتُ مِن خَلفي جميعَ مَراكِبي = إنّ الهوى أنْ لا يكونَ إيابُ
ثم يزهو (نزار) بانتسابه إلى دمشق.. دمشق العروبة والإسلام، والمستقبل، فيُفرِّغ ما في جعبته من حُبٍّ لعاصمة الأمويّين، ومن مرارةٍ لما آل إليه أمرُها:
قَمَرٌ دمشقِيٌّ يُسافرُ في دَمي = وبَلابِلٌ وسنابلٌ وقِبَابُ
الفُلُّ يبدأ من دمشقَ بَياضُهُ = وبِعِطْرِهَا تَتَطَيَّبُ الأطيابُ
مِن أينَ يأتي الشعرُ حين نهارُنا قَمْ عٌ وحينَ مَساؤنا إرهابُ
سَرَقوا أصابِعَنا وعِطْرَ حُرُوفِنا = فبأيّ شَيءٍ يَكتُبُ الكُتّابُ
والحُكْمُ شُرطيٌّ يَسيرُ وَرَاءَنا = سِرّاً، فَنَكْهَةُ خُبْزِنَا أستجوابُ
ويعودُ (نزار قباني) إلى مخاطبة العروس التونسية: (قرطاجة)، التي لا يغادرها شبابُها:
بَحْرِيَّة العينين يا قرطاجةٌ = شاخَ الزّمانُ وأنتِ بَعْدُ شبابُ
قرطاجة.. قرطاجة.. قرطاجة = هل لي لِصَدْرِكِ رجعة ومَتَابُ
ثم ما يلبث أن يُذكِّر بالحال المؤسفة التي وصلت إليها دمشق.. أمّ التاريخ العربيّ الإسلاميّ.. وأبوه:
مَاتَت خُيولُ بَني أميّة كلّها = خَجَلاً، وظَلَّ الصَّرْفُ والإعرابُ
* * *
نتساءل اليوم، ونحن نراقب الأحداث في تونس الشقيقة: هل سيتّعظ الحكّام في دمشق من سيرة (زين العابدين بن عليّ)؟!.. أم سيشقّ الشعبُ السوريّ الأصيل طريقَه، مُقتدِياً بشقيقه التونسيّ، وهو يهتف بما هتفه العملاق (أحمد شوقي) منذ عشرات السنين أمام الدمشقيين، مُحرِّضاً إيّاهُم على انتزاع حرّيّتهم بجهدهم ودمائهم، مذكِّراً، بأنّ الحرية لها ثمن باهظ، لكنّه -في كل الأحوال- لا يصل إلى قيمة الأثمان التي تدفعها الشعوبُ من كرامتها وإنسانيّتها، حين تسكتُ على اضطهادها وإذلالها والاستبداد بها؟!..
كأنّنا اليومَ ب (أحمد شوقي) يصرخ في وجوه أهل الشام بكلماته الذهبية:
سَلامٌ من صِبا بَردى أرقُّ = ودَمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
وللحرّيةِ الحمراءِ بابٌ = بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.