الارتفاعات الصاروخية لبعض المواد الغذائية الأرز ثم الهيل والقهوة مروراً بالسكر والطماطم وغيرها ثم انتهاءً بالبصل ، بل لا أدري –للأسف- هل سيكون لها انتهاء أم لا؟! هذه الارتفاعات الصاروخية لا تعرف إلا في حال الكوارث أو الحروب أو انعدام الأمن ولا أدري هل نحن نمر بكارثة أو حرب أو انعدام أمن ولا نعلم بذلك أم هناك أسباب تحتفظ بها وزارة التجارة ولاتريد الإفصاح عنها؟!! إن هذه الارتفاعات تبين لأول وهلة وجود خلل عظيم في منظومة العرض والطلب تلك المنظومة التي ينبغي أن تكون مسئولة عنها بالدرجة الأولى بل ومسيرة لدفتها وزارة التجارة . في المقابل لا أدري هل هناك منظومة متكاملة أو خلية أزمة في وزارة التجارة مخولة بمعالجة تلك الأزمات في سرعة خاطفة تقلل من الخسائر المتوقعة التي يمكن أن يمنى بها المواطن وخصوصاً البسيط ويتخللها برنامج إعلان حالة الطوارئ لتقطع الطريق على من يصطاد في الماء العكر وتكون كالعصا يؤدب بها الذين يستغلون الأحداث وينهبون أموال الناس . قد تتعجبون أيها الفضلاء من تسميتي لارتفاع سلعة مثل البصل \"بأزمة \" وأقول نعم لإنها جزء من أزمات كونت طوفاناً جارفاً لدخل المواطن البسيط بل إن ذوي الدخول المرتفعة أصبحوا يتوجسون خيفة وأصبحت حساباتهم لمستقبلهم أكثر دقة مما مضى . نعم لقد كان المواطن البسيط يحاول جاهداً الادخار لبعض وارداته المالية لبناء منزل يقيه حر الصيف ويكنه مطر الشتاء ويريحه من حجامة متكررة للدم الفاسد-الإيجار- كما يسميه بذلك العامة، لكن ذلك الطوفان اقتلع ما كان يدخره أو حاول ادخاره بل اقتلع مجرد الحلم بذلك . معالي وزير التجارة – وفقك الله لكل خير- لا أدري هل تلمست أوضاع وأحوال من يعملون بوزارتك ممن لا تتجاوز دخولهم الألفي ريال أو تزيد قليلا أو حتى من دخولهم تبلغ الخمسة والستة آلاف وسألتهم كيف يتدبرون أمورهم بل وكيف يؤمنون ميزانية حليب أطفالهم الذي يؤثر تأثيراً بالغاً على دخلهم مع أنه مدعوم، ذلك الدعم الذي لم نر له أثراً للأسف !!، أجزم أنك فعلت ذلك فمثلك يحسن به الظن لكن إن كنت غافلاً بسبب كثرة مشاغلك فأنا أكفيك ذلك وأقص عليك قصة زميلنا\"أبي فهد \" ذلك الشاب المكافح الذي يعمل بالمرتبة الثانية والثلاثين براتب مقداره 2500 ريال تقضم منه الأقساط بسبب مصاريف زواجه مبلغ 1000ريال ويعول مع أسرته التي رزقت بمولود حديثاً أمه وإخوانه البالغ عددهم 8أفراد مطمئناً إياك بأنها تتقاضى راتباً من الضمان يبلغ 2700 ،لكن مع ذلك قل لي- بربك - ماذا تفعل الأربعة آلاف ببيت يقطنه أحد عشر فرداً مع موجة الغلاء الصاروخية الفاحشة لكثير من المواد الأساسية والتي بلغت نسبة ارتفاع بعضها أكثر من 100% والتي لم يسلم من التأثر بها أي منزل وأما غيرها من المواد كمواد البناء وغيرها فسنغض الطرف عنها الآن مكرهين غير مختارين لأنه ليس من العقل الكلام في إنشاء بيت وأهله لا يجدون مايكفيهم أويعانون في إيجاد الحد الأدنى لما يكفيهم من الغذاء . معالي الوزير ليتك رأيت زميلنا \"أبا فهد \" ومدى تأثره البالغ بسبب عدم صرف راتبه الذي لايجاوز الألف وخمسمائة ريال حيث حالت دون ذلك بعض الإجراءات وسمعت شكوى حاله لنا \"وفوَحان\" صدره بالألم الذي لم يستطع كتمانه فصاحب البقالة يريد ماله ،بل وحتى صاحب محطة البنزين قد أدانه (سجلها لديك من العجائب بل والطرائف) ويقول :إن الحليب والحفاظة للولد -أكرمكم الله –يكلفاني 400ريال في الشهر فمن أين لي المال والحال هذه؟ معالي الوزير إذا لم ترق قلوبنا لمثل حال \"أبي فهد\" فمتى ترق،بل وإذا لم تذرف الأعينُ دمعاً فمتى تذرفه؟! قد تقول وما شأني به وبأمثاله فلست وزير الخدمة المدنية ولا أختها المالية ؟!فأقول إن شأنك أولاً أنك مسلم والرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: \" مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى \" رواه مسلم ،وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً:\"المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر\" صححه الألباني في صحيح الجامع . ثم إنك- ثانياً- على رأس هرم المواطنة وأنت مسئول مسئولية مباشرة عن جزء كبير من المشكلة فالألف ريالٍ كان لها وزن لدرجة أنها كانت تعادل شحنة \"ونيت\" من المواد الغذائية في زمن ليس ببعيد وأما الآن فلا تعادل ملء واحدة من العربات في الأسواق وكل ذلك بسبب ارتفاع الأسعار الذي نفجأ به يوماً بعد آخر وسلعة بعد أخرى وكأن الحال بالتناوب وكأن هناك هواميراً غير هوامير سوق الأسهم يتنقلون بين السلع فيرفعوا إحداها تارة ولانلبث إلا وقتا قصيراً فتلحقها أخرى حتى وجدنا السلع تستعصي على المشترين في الدخول إلى بيوتهم بعد أن كانت تتوسل لهم بأن ينظروا إليها فضلاً عن أن يشتروها. معالي الوزير هناك قاعدة فقهية تقول :\"الضرر يزال \" مأخوذة من من توجيه حبيبنا صلى الله عليه وسلم بقوله: \"لاضرر ولاضرار\" نعم لانريد الضرر للباعة والتجار بالتحجير عليهم ومنعهم أرزاقهم لكن لانريد في الوقت نفسه ضرر المستهلكين بترك التجار يصولون ويجولون ويرفعون متى يشائون مستغلين بعض الأحداث ثم يتكرمون على المستهلكين \"المساكين\" بتخفيضات مكشوف حالها ومعلوم مرادها . نريد العصا المتمثلة \"بزيادة المعروض\" أن ترفع في هذه الحال تأديباً لمن تسول له نفسه بأن يجمّع في حال الغفلة ويصرّف ماجمعه في هذه الأحوال ونريد الإفصاح عن أسباب الارتفاعات ليدفع المستهلك ماله بطيب نفس منه غير مكره. مشيداً في هذا المقام بمؤشر أسعار السلع الاستهلاكية الذي أطلقته وزارة التجارة والصناعة وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان –يحفظه الله- ، و الذي يعتبر امتداداً لمؤشر أسعار السلع التموينية والاستهلاكية الذي أطلقته أمانة منطقة الرياض بداية عام 1429ه لكن هذه الخطوة الجبارة - في نظري - تحتاج إلى أخرى وهي توفير العرض عند الحاجة عبر آليةٍ ضمن خلية أزمة وإعلانٍ لحالة الطوارئ كما سبق وأسلفت لأن المؤشر سيرتفع في جميع الأسواق إذا كان العرض قليلاً لكن اكتمال نجاح الخطوة في نظري هو آلية توفير العرض عند الحاجة . ...........وإلى اللقاء على خير وكتبه : خالد بن ناصر العلي [email protected]