ركبت قطار القاهرة متجها ً الى مدينة الأقصر التاريخية برفقة سائح ياباني كان يجلس بقربي وكانت مسافة الألف كم كافية لأخذ الدروس والعبر والقيم والمبادئ من ذلك السائح . ابتدرته بالكلام كعادتنا نحن العرب مع المبادرات وأخذت أتجاذب معه أطراف الحديث ( بإنجليزيتي ) المكسره وفهمت من خلالها أنه طالب من جامعة طوكيو عمره عشرين عاما فقط (هنا الشاهد) أعطته الجامعة عشرة آلاف دولار للذهاب لأي مكان بالعالم سائحا ًحرا ً (دون قيود) . كان طوال الرحلة لبقا ًمهذبا ًًوحسن التصرف ، ينحني برأسه وهو يحدثني ويستأذنني عندما يريد القيام من مكانه وإذا غلبه النعاس نظر الي مبتسما مؤشراً بيديه على خده كي يستأذنني بالنوم، وكان كل لحظة وأخرى يقرأ كتيبات أحضرها معه . وجدته حينما ينتهي من أكله يجمعه بكيس ثم يذهب بنفسه ليضعه بصندوق القمامه ..!! كانت رحلة ( سلوكية ) مبهرة وفي نفس الوقت مخجله لمشاعري التي تندب حظها على ما يفعله قومنا وبعض شبابنا بالخارج .* ولم انتهي عند ذلك الرقي بالتعامل ، فعند وصولنا لمدينة الأقصر قابلته ببهو الفندق وأصرعلى ضيافتي وعرفت أنه ينام التاسعة مساء ويستيقظ الخامسة فجرا ًليمارس الرياضة وأخبرني بأنه يكره أماكن اللهو ولايتناول المشروبات الكحولية كان شابا ً منضبطا ً يسير مثل الساعة لا يلتفت يمنة ويسره ليطالع خلق الله بفضولية ممقوتة فجّه ..! بالفعل إنه أسلوب عيش حياة راق جدا جدا . ولكن ... فجأة وذات صباح قابلته وكان عابس الوجه مع مرشد سياحي برفقته حدثني دون خوف وحياء مني بأنه نقل للشاب الياباني وجهة نظره حول السائح السعودي بشكل عام من أنه فوضوي ويبحث عن ملذاته ولا يلتزم بآداب السفر والسياحه . عندها نهرته وأنا غاضب قائلا ً: لماذا التشويه والافتراء ؟ فرد بتلقائية للأسف يا فندم ما هوّا دا اللي حاصل ) عند تلك اللحظة رمقني الشاب الياباني بإبتسامة صفراء وودعني بعد أن أخذ تصورا عاما عما يفعله السائح السعودي وأنا في قرارة نفسي مقتنع جدا جدا بما قاله المرشد السياحي ..!؟ * مع تقديري للسائح السعودي الملتزم بقيمه وسلوكه الراقي وما أكثرهم ... عبداللطيف التويجري الطرفيه