تنتشر اللغة الانجليزية في أنحاء العالم، وتسيطر على كافة الميادين فهي لغة المعرفة والعلم والتكنولوجيا في كثير من بلدان العالم، ومنها البلاد العربية عامة وبلادنا خاصة حتى أن كثير من جامعاتنا السعودية بدأت تدرس موادها بها في العديد من التخصصات، ونحن نتفق مع القائلين بأهمية اللغة الانجليزية في جميع مجالات الحياة كضرورة عصرية ولكن لا نتفق معهم على تدريس العلوم البحتة والتطبيقية فضلا عن الإنسانية والاجتماعية بتلك اللغة لما له من تأثير سلبي على المستوى العلمي، وعلى اللغة العربية. قد يقول قائل أن المعرفة الحديثة لا يمكن استقائها الا من مصادر باللغة الانجليزية وبالتالي فان الخريج الذي لا يتقن اللغة الانجليزية سوف يكون معزولا عن آخر المستجدات في مجال تخصصه، وسيحرم نفسه من التواصل مع كل جديد في مجال تخصصه، ومن يقول ذلك يخلط بين أهمية تعلم اللغة الانجليزية وإتقانها والقراءة فيها وبين تدريس العلوم بها، كما يغفل دور الترجمة. إن تدريس العلوم باللغة الانجليزية يعني قتل اللغة العربية ونحرها من الوريد إلى الوريد وهي لغة القرآن ورمز الهوية العربية، في حين تعلم اللغة الانجليزية جنبا إلى جنب مع اللغة العربية يتيح للطالب التواصل بها دون مساس باللغة العربية.. لو نظرنا إلى دول متقدمة مثل الصين واليابان وروسيا وفرنسا وغيرها لوجدنا انها لا تدرس العلوم باللغة الانجليزية، بل بلغتها الأم، ولكي لا تحرم نفسها من تلك المنتجات المعرفية أنشأت مراكز قوية للترجمة بحيث لا يصدر كتاب جديد في اللغة الانجليزية إلا ويتم ترجمته فور صدوره، وقد سمعت من أحد الأساتذة أن دولة الكيان الصهيوني المغتصبة يترجمون الكتاب من اللغة الانجليزية في اليوم التالي لنشرة.. ومن المبررات التي يسوقها مؤيدو تدريس العلوم الهندسية والطبية باللغة الانجليزية المستوى العلمي للخريج وهذا ما يدحضه مستوى خريجي الجامعات السورية وخاصة جامعة دمشق التي تدرس الطب باللغة العربية ومع ذلك فان خريجي البكالوريوس فيها يتفوقون عالميا في نسب القبول في الدراسات العالمية وعلى رأسها الجامعات الأمريكية والكندية حيث يحتلون المراكز العشرة الأولى كما أنهم يعملون في مراكز طبية متقدمة في بريطانيا وأمريكا ويحققون نجاحات كبيرة لم يمنعهم من ذلك التلقي باللغة العربية إن الدارس لمادة علمية معينة بلغة غير لغته الأم سيقع تحت ضغطين ضغط المادة العلمية نفسها وضغط اللغة الأجنبية خاصة في سنوات التكوين الأولى وهذا يؤثر على المستوى الدراسي ولذلك نجد تسربا كبيرا في السنة التحضيرية والسنوات الأولى من الدراسة الأكاديمية وفي ذلك خسارة وقتل لكثير من المواهب.. اذا ونحن نشهد اندفاع جامعاتنا نحو تدريس كثير من التخصصات باللغة الانجليزية وما لذلك من تأثير سلبي على الثقافية العربية وتهميش للغة العربية لغة القرآن الكريم وحتى لا نكون بدعا من الأمم الأخرى التي تدرس العلوم بلغاتها فانه من العار أن نستمر بذلك بحجة مواكبة العلم في حين العلم لا يتطلب التنكر للغة الأم كما أثبتت كثير من الأمم. لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال التقليل من اللغة الانجليزية بل على العكس هي مهمة جدا وضرورية جدا، ويلزم إجادتها ولكن من خلال برامج موازية في الجامعة وما قبلها كمادة علمية تقدم بشكل مستقل بعيدا عن المادة العلمية المتخصصة التي يجب أن يدرسها الطالب باللغة العربية دون تشويش باستثناء المصطلحات لكل علم من العلوم على أن يتواكب مع ذلك إيجاد مراكز للترجمة سواء في الجامعات أو خارجها تترجم ما تقذف به المطابع من كتب ودراسات وبحوث أولا بأول بحيث يتوفر الجديد في كل مجال علمي مترجما الى اللغة العربية فور صدوره.. وأخيرا أتوجه بطلب لمعالي وزير التعليم العالي د خالد العنقري الذي شهد فيها التعليم العالي إبان توليه الوزارة قفزات كبيرة كماً ونوعاً حتى وصل عدد الجامعات الى عشرين جامعة بعد أن كان متوقفا عند العدد سبعة لعشرات السنين، ونوعاً حتى صار لدينا جامعات دخلت ضمن أفضل 500 جامعة عالمية على أقوى المعايير العالمية، أناشده فيه أن يحد من اندفاع جامعاتنا في تدريس العلوم البحتة والتطبيقية وعلى رأسها الطب والهندسة باللغة الانجليزية ، على الأقل حتى يتم إجراء دراسات متعمقة تضمن عدم تأثير ذلك على الهوية واللغة العربية فضلا عن وجود جدوى تربوية وعلمية لذلك.. قطرة مطر : مما قاله حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية: َوسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً iiوَغايَةً وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ iiآلَةٍ وَتَنسيقِ أَسْماءٍ iiلِمُختَرَعات أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ iiكامِنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي