تعد المملكة في مقدمة الدول المانحة والداعمة لقضايا الشعوب الإنسانية والساعية لتخفيف آثار الأزمات والكوارث وذلك بفضل مبادراتها الإنسانية والتزامها الأخلاقي تجاه شعوب المناطق المنكوبة أو المحتاجة،واهتمت المملكة العربية السعودية بالغ الاهتمام بمساعدة الدول الأخرى الأكثر احتياجا وبما يتجاوز بمراحل النسب الدولية المنشودة وقد أكد التقرير الصادر عن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن المملكة العربية السعودية تصدرت دول العالم في مجال التبرعات لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية عام 2008م.(صحيفة الندوة) أقول: لاشك هي جهود جبارة وسخاء منقطع النظير ذلك الذي جعل بلادنا في مقدمة ركب الدول الباذلة لسد رمق الجوعى وإغاثة اللّهفى في مختلف دول العالم ،وحق لقيادتنا الكريمة- أيدها الله- وشعبنا المعطاء أن يتبوءا قلوب أولئك الفقراء ويتصدرا فيها محبة كما هي الصدارة في البذل؛ لأن الصدارة في القلوب فرع عن الصدارة في البذل فالقلوب جبلت على حب من يمد لها اليد بالعطاء ،لكن في وقتٍ أصبحت القوة الإعلامية في هذا المجال هي المؤثرة أبلغ تأثيرٍ في صوغ العقول وحشوها بكل ما يخطر على بال سواءً كان نافعاً أوضاراً كان لزاماً أن تصحب تلك الجهود الجبارة في الإغاثة جهوداً إعلاميةً مماثلةً وفِرقٌ بل جيوشٌ من المراسلين تنقل الحدث أولاً بأول من مكانة ثم تنقل جهودنا في إيصال المساعدات كذلك وتستمر التغطيات الإعلامية على مدار الساعة حتى ينتهي الحدث ،لا نريد أن تكون التغطية موجهة لنا فقط بل نريد أن تشترى ساعات بث في قنوات التلفزة في تلك الدول المتضررة وتعرض من خلالها جهودنا في الإغاثة متزامنة مع التغطية الموجهة لنا . نعم لابد أن تعرض جهودنا في الإغاثة على أهل تلك البلاد حتى يعرفوا حقيقة اليد التي تمد لهم ومقدار بذلها فيعرف أولئك المنكوبون مقدار التضحيات التي تقدم لهم ويعرفوا أن إخوانهم في هذه البلاد ملكاً وحكومة وشعباً يقفون معهم قلباً وقالباً وأن أخوّة المعتقد جعلت قلوبهم تتفطر لمآسيهم، فهملت الدموع مصحوبة بسخاء جعل حتى من يثقل عليه الثناء على حكومة هذه البلاد وشعبها يتغنى به ويشدو ويردده في الآفاق . نعم لابد أن يشعر المنكوب بكرم أهل هذه البلاد حكومة وشعباً ليحفر في قلبة اسم هذه البلاد وحتى لاتفارق مخيلته- مابقي على قيد الحياة- صور السخاء التي بذلت من أجله، بل وليورّث في عقبه هذه الصور من بعده فتنعم هذه البلاد بمحبة كل مسلم في هذه المعمورة بل وغير المسلم ؛ حيث جهودنا في الإغاثة لم تقتصر على المسلمين فقط بل شملت غيرهم من غير المسلمين الذين ربما أثرت فيهم الإدانات بمجرد التهم لهذه البلاد وأهلها من قبل وسائل إعلامهم الحاقدة. لقد رسم أعداءنا في عقول بعض البشر إن لم يكن أكثرهم - مسلمهم وغيره- صورةً مشوهة لنا فعند بعض المسلمين نحن وهابيون متشددون وعند غيرهم إرهابيون وإدانتنا يكفي لحصولها مجرد التهمة فقط ،مما يؤكد أهمية إشهار بذلنا لنمسح به تلك الصورة المشوهة لنا ولترسم الصورة الحقيقية والناصعة البياض في عقول أولئك المغرر بهم وغير ممكن حصول ذلك مالم يصحب جهودنا الإغاثية حملات إعلامية تنتج بعدُ تلك الصورة الطيبة . إني أكتب هذه الكلمات بعد أن رأيت أن ثمرة بذل هذه البلاد قد يقطفها من لم يغرس شجرتها ويؤبر طلعها ويرعاها تسميدا ًوسقياً . نعم إن قناة الجزيرة توشك أن تقطف ثمرة البذل الذي قدمه أهل هذه البلاد لإخوانهم المنكوبين في باكستان ثم يكون شعار القناة وشماً في جبين كل باكستاني؛ حيث إنهم تواجدوا في الموقع من بدء الحدث، ثم كثفوا التغطيات الإعلامية له بطريقة تأخذ بالألباب ؛ ولقد بهرني ذلك القالب الجميل الذي عرضت الجزيرة من خلاله المأساة وأنا أستمع لها عبر الراديو ولما رأيت التغطية- مصادفةً- في التلفاز ازددت انبهاراً وتعجباً. إن مجرد إظهار الشعور بالفقير- منكوباً وغيره- يوجد محبة لمن شعر به وانتبه لعوزه وفقره وإن لم يقدم له إلا التسلية بالقول فكيف إذا تبنى قضيته وأصبح يرددها- مرتلاً- ليل نهار وهذا مافعلته قناة الجزيرة فلم تقدم عوناً وإنما عرضت القضية بطريقة جميلة وتواجدت في مكان الحدث فكسبت- وأكاد أجزم بذلك- قلوب كثير من المنكوبين في الباكستان وأكاد أجزم- أيضاً - أنهم يمتنون لها فقط دون غيرها في تفريج كربتهم حتى ولو لم تقدم من الدعم أقله لأنهم يعتبرونها السبب؛ حيث تواجدت أولاً ونقلت المعاناة فكانت المكافأة لها دون غيرها وكأنها من تبرع بالمال . في المقابل لم نر من وسائل إعلامنا مبادرةً كهذه ولاتواجداً قوياً - يماثل قوة البذلً- من بدء الحدث، بل وحتى بعد الحملة المباركة لجمع التبرعات توقف الأمر عندها فقط وهذا – لعمري–لايحقق الهدف المنشود بتمامة بل يسبب هدراً لبعض الجهد وإخفاءً للبذل الذي يحسن في هذا المقام إظهاره . إن أهل هذه البلاد ملكاً وحكومة وشعباً لايريدون إلا وجه الله ببذلهم وهو المكافئ –سبحانه- لكنّ حرقة في القلب تبقى حينما يجيّر البذل لغير أهله وينسى الباذل الحقيقي ولو لم يكن هذا المحذور موجوداً لهان الأمر قليلاً . نعم نحن أهل الصدارة في البذل ولابد أن نكون كذلك في تواجدنا الإعلامي من بدء الحدث إلى منتهاه . .........وإلى اللقاء على أطيب حال وكتبه : خالد بن ناصر العلي الأمين العام لجمعية الغاط الخيرية [email protected]