من بين زلازل الفتاوى المتتابعة التي ضربت بعض ضواحي ديننا ، قلت لأحد زملائي : أشعر بأن هنالك شيئًا ما ( غلط ) ، فإما أن يكون أتى بعده صلى الله عليه وسلم من نصّبوا أنفسهم أنبياء مرسلين فأحدثوا في ديننا أمورًا ليست فيه ، وأزالوا أخرى ، وإما أن يكون بيننا من يحاول ( تمييعه ) على حسب أهوائهم ..! قال : قرأت عن أحد العلماء الثقات قوله: ( إن دائرة الحرام في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت ضيقة جدًا ، ودائرة الحلال شاااسعة ، وبفعل الاجتهادات التي حدثت في العصور المتوالية أخذت الشاسعة تضيق ، والضيقة تتسع إلى أن حدث الانقلاب العكسي فأصبحت دائرة الحرام هي الأوسع ) ..! قلت: إذًا ، شعوري في محله .. قال : وسأزيدك بمقولة أيضًا قرأتها عن عالمٍ ثقة ، يقول فيها : ( كان العالمُ في العصور الأولى يوسّع على الأمة ، ويضيّق على نفسه ، أما عالم اليوم فعلى العكس تمامًا إذ يوسّع على نفسه ويضيّق على الأمة ) ..! تأملتُ المقولتين اللتين أوردهما زميلي ، وأخضعتهما للعقل والمنطق ، فوجدتُ أنهما صحيحتان مئة بالمئة ، فلو كان ديننا بهذا (الضيق) الذي نراه اليوم ما دخل فيه أحد .. أما المقولة الثانية ، فأقسم بالله إنها صحيحة، فمن علمائنا مَنْ هو في بحبوحةٍ من العيش هو وأبناؤه ، مسكنه ( فندق ) خمس نجوم ، وسيارته آخر موديل من النوع الفاره ، ولا يرتدي إلا أغلى أنواع الملابس وتشم العودة تفوح منه وهو على بعد ميل ومع هذا يدعو الناس إلى الزهد والتقشف ..! أعود إلى زلازل الفتاوى ، فأقول رغم ما ترسّخ في نفسي من معتقداتٍ تجعلها في نظري شاذة وغير مستساغة إلا أنني أجزم أنها لم تأتِ من فراغ ..! أظن الزمن الذي يكون فيه المتمسك بدينه كالقابض على الجمر بدأت تتضح معالمه .. محمد السوادي - جدة