تعريف التراويح هو الصلاة التي تصلى في جماعة في ليالي رمضان والتراويح جمع ترويحة سميت بذلك لانهم كانوا اول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين، كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله، وتعرف كذلك بقيام رمضان وحكمها سنة، وقيل إنها فرض كفاية، وهي شعيرة من شعائر المسلمين في رمضان ويحرص كثير من المصلين على تأديتها في المسجد لينال اجر قيام الليل كما جاء في الحديث الصحيح، وتكتظ بعض المساجد بأعداد كبيرة من المصلين (نساء ورجالا)، وتتحول الساحات الخارجية للمساجد الى اسواق يعرض فيها كثير من اصناف المآكل والمشارب والكماليات تزامنا مع هذه الشعيرة. وقد اصبحت هذه العبادة عند البعض واجبا من الواجبات التي يجب عليه تأديتها في المسجد حيث نجد ان كثيرا من المصلين يبحثون عن الائمة الذين يتمتعون بأصوات حسنة وسرعة في الانجاز وفي المقابل نجد بعض المساجد رغم كبير حجمها الا ان عدد المصلين لا يتجاوز اصابع اليد واغلبهم من كبار السن والسبب ان الامام يطيل في الصلاة او ان الصوت لا يعجب البعض من المصلين وجمال الصوت وحسنه موهبة من الله يهبها لمن يشاء من عباده. وازدحام المساجد في هذه الليالي المباركة مر يشرح الصدر ويسر الخاطر والخير في هذه الامة الى قيام الساعة ولكن من خلال متابعة هذه الشعيرة تظهر بعض السلبيات التي تصاحب تأدية هذه العبادة ولو انها موجودة من قبل ولكن تزداد في هذه الليالي ومنها ان البعض من المصلين -هداهم الله- عندما يأتي للمسجد متأخرا يعمد الى ايقاف سيارته في اي مكان دون مراعاة لحقوق الآخرين ويتسابق مع الريح لكي يلحق بالامام علما بان الهدوء والسكينة من الواجبات التي حث عليها المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عند الحضور الى الصلاة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا. والعجب كل العجب، ان البعض من المصلين تجده في الصفوف الاولى اثناء صلاة التراويح والقيام بينما الصلاة المفروضة يؤديها في المنزل واحيانا بعد خروج وقتها، ومن الامور اللافتة للنظر جهل بعض المصلين بأمور دينهم فتجد جماعة تقيم صلاة العشاء والامام قد شرع في صلاة التراويح ويجهلون كراهية إقامة جماعتين في المسجد في وقت واحد اذ ينبغي عليهم الدخول مع الامام بنية العشاء واذا سلم الامام يقومون لتكملة الركعتين الاخيرتين وبهذا ينالون فضل الجماعة الاكثر وتطبيقا للسنة ومن الامور الاخرى الملاحظة ان البعض يأتي للمسجد وقد ملأ معدته من انعام الله واثناء الصلاة يبدأ في التململ ويكثر الحركة من كثرة الاكل ويتجشأ وبهذا يضايق الآخرين بروائح الاكل المنبعثة منه ولا يعلم ان القليل من الاكل يعينه على الخشوع وتخف حركته للركوع والسجود ايضا من الملاحظات ان بعض الناس يتأثر بدعاء القنوت ويخشع وتسمع بكاءه ونحيبه متأثرا بصوت الامام والسجع المصاحب للدعاء علما بان هذا الاخ قد سمع للتو آيات تهتز منها الجبال الراسيات ومع ذلك لم تؤثر فيه.. عجبا! ايضا قرب المساجد من بعضها البعض وارتفاع اصوات مكبرات الصوت اثناء صلاة التراويح والصلوات الجهرية يجعل الاصوات تتداخل مع بعضها البعض فكم، من الناس فقد الخشوع والتركيز مع الامام وكم من الناس ركع وسجد على صوت المسجد المجاور؟ كذلك بعض النساء هداهن الله تأتي للمصلى بكامل زينتها وكأنها ذاهبة الى مناسبة زواج تمر بجانب الرجال ليجدوا رائحة العطور والعباءة الضيقة والمخصرة تلفت انظارهم والبعض منهن تأتي باطفالها الى المسجد لتشغل نفسها ومن حولها باصوات وصراخ الاطفال وهذه صلاتها في بيتها خير لها ودور العبادة لها خصوصيتها التي يجب مراعاتها. كما ان بعض المساجد اصبحت ميدانا للعب الاطفال ولا يخلو مسجد من هذه الظاهرة التي اصبحت حديث المجالس وتزيد المشكلة مع اقتراب العشر الاواخر حيث لا يكتفي البعض باللعب وازعاج الآخرين فقط بل يتطور الامر الى استخدام الالعاب النارية المزعجة داخل مصليات النساء والرجال والتراشق بعلب المياه ولا ننسى تجمع الشباب في زوايا المساجد يتبادلون الضحكات والهمسات التي تشوش على المصلين وتفقدهم الخشوع والتدبر مع عدم وجود الرقابة. اخيرا اخي الكريم نعلم علم اليقين انك لم تأت لهذا المسجد الا للخير ولكن يجب عليك مراعاة مشاعر وحقوق الآخرين لتنال اجر الدنيا والآخرة وهذا الشهر الكريم علينا استغلاله الاستغلال الامثل ففيه ليلة عظيمة تعادل عبادة الف شهر. فلنغتنم هذه الفرصة بتجديد التوبة والتضرع الى الله بان يمن علينا برحمته وغفرانه ولا ننسى الدعاء لوالدينا وللمسلمين اجمعين. فقد يكون هذا الشهر اخر شهر في حياتك وقد لا تدرك الشهور المقبلة فكم من الناس فقدناهم في سنوات مضت فالفرصة ما زالت مواتية والسعيد من وعظ بغيره. اسأل الله ان يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين علي بن محمد العليان