يذكر لنا التاريخ عبر عصوره ، كثيراً من القيادات الناجحة ، على اختلاف مستوياتها ومسؤولياتها وإذا بحثنا عن سبب تسجيل هذا أوذاك في قائمة الناجحين ، نجد أن العزم والحزم والجد كانت وراء نجاحهم . إن قوة الشخصية ، ومتانة الرأي ، والحزم صفات لا تنفك عن الشخصية المسئولة الناجحة ( المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) الحديث . يتغنى المسلمون وغيرهم بسيرة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بل اتخذها المسلمون نبراساً يحتذى ، وسيرة تقتدى ، كما درسها المستشرقون ، وما ذلك إلا لما اتصف به عمر ابن الخطاب من صفات الشدة والحزم والجدية وقوة الرأي ، فأصبح ناجحاً في نظر العارفين وكذا الناظرين في سيرته مع أنه لم يسلم من النقد عند أقوام ، وعدم الرضا عند أخرين ، فعندما بويع بالخلافة أظلمت المدينة لماذا ؟ لأنهم لا يحبون ولآيته لما بينه وبين أبي بكر من الفرق ! فعمر غليظ شديد ، وأبو بكر عطوف رحيم – رضي الله عنهما – . كان من أحرص الناس على العدل ، ومع ذلك قوطع وهو يخطب يوم الجمعة ليقال اعدل إنك تلبس ثوبين ( وكان طويلاً رضي الله عنه ) ، جلد قدامة بن مضعون ( من أهل بدر ) وعزل خالد بن الوليد ( سيف الله ) ، وضرب معاوية ( أمير الشام ) ، وطرد سعد بن عبادة ( سيد الخزرج ) ومع هذا كله كان هو المسئول الناجح بكل المقاييس وعلى اللسنة جميع المفكرين والمنظرين . لقد ترك العواطف خلف عقله ، كان ينظر بعين العقل دون عين العاطفة ، قراراته صارمة ، وأوامره حازمة في الكبير قبل الصغير ، والذكر قبل الأنثى ، والقريب قبل البعيد ، كان الصحابة يخافونه ويهابونه ويجلونه مع أن بعضهم مثله في المنزلة والفضل مات عمر ففرح بعضهم !!، ثم سرعان ما ندموا وتمنوا حياة عمر ، وليس كل حياته بل ساعة من نهار . ذهب وجاء الخليفة بعده وكان اللين مع الرعية ، العطوف عليهم ، يتجاوز عن مُسيئهم قابلهم بالإحسان وواجهوه بالإساءة ، وقالوا نريد عمر ! نريد عمر ! نريد عمر ! ولو ساعة من نهار مع شدته يريدونه ! مع غلظة عمر يطلبونه !!، لقد كان كبيراً في نفوسهم لما كان أميرهم ثم ظهر ما في نفوسهم على ألسنتهم بعدما إن ارتحل وانتقل . إلى كل مسئول أهدي هذه الكلمات وأزف هذه العبارات فالمسئول الناجح هو الحازم والعازم لأنه الكبير في النفوس حتى وإن أنكرتها ، وسوف تعترف ولو بعد حين . وإلى اللقاء .. كتبه فهد بن سليمان التويجري مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة