تظل غزة حالة كلاسيكية للاستغلال الاستعماري في حقبة ما بعد 48 ، فيما تظل المستعمرات اليهودية حالة غير أخلاقية ، وتعتبر رمزاً للاحتلال المكروه . وفي ظل هذا الاستغلال يعيش الغالبية من الفلسطينيين بفقر ، و التي يتجاوز فيها إهانة للقيم المتحضرة الذي قد يفوق التصور بمشاركة غربية إسرائيليه على منع كل الاحتياجات الإنسانية ، ولكن الغريب بأن هذا المنع الذي تصورته إسرائيل قد يضعف من عزيمة الإنسان المنكوب ، ولكنه لم يتصور للحظة بأن الحرمان هو المحرض الأساسي للمقاومة وأرض خصبة لإنجاح العملية الديمقراطية . منذ نشأت إسرائيل وهي تحب أن تصور نفسها \"المدينة الفاضلة \" الغارقة في بحر الديمقراطية ، ولم تعي بأنها غارقة في بحر من التسلط والجهالة عندما تسلم مقاليد الحكم إلى رجل طاغية ، يقضي على المدينة بجهله للحرية الحقَة . وطوال تاريخها نجحت في إجهاض العملية الديمقراطية في العالم العربي وكانت الأساس من مؤيدي القمع على الشعوب ، وحاولت أن تقمع النزعة الفلسطينية القومية ولكنها فشلت في قمعها ، ونجح الشعب الفلسطيني في بناء الديمقراطية الوحيدة الأصيلة في العالم العربي . وبعد الانتخابات التشريعية ونجاح \"حماس\" في الانتخابات حاولوا إسقاطها ولم يفلحوا ، ومن ثم اتجهوا إلى فرض العقوبات الاقتصادية عليها ، وبعدها اتجهوا إلى فرض دعاية يهودية بأن الإسلام لا يوائم الديمقراطية ، وأنهم شعب يرفض التعايش ، ولكن الحقيقة بأن الشعب الفلسطيني هو شعب صاحب تطلعات إنسانية طبيعية ، وإن ما يتطلعون إلية هي قطعة من الأرض وهي (الوطن) تحفظ كرامتهم وحريتهم . إن المنطق والواقع يقول بأن غزة هي \"المدينة الفاضلة \" والتي تتصف بصفاتها السقراطية : وهي الحكمة - والعدالة - والشجاعة- والعفة . وأن وحدة الدولة لا تكون إلا بسن قوانين تضمن بعض الأمور : اشتراكية النساء والأطفال ، التربية العلمية والسياسية ، تأمين قيادة الدولة من الحكماء والعقلاء . غزة لم ينقصها القوانين ولكن ينقصها وحدة الصف الفلسطيني ليكون رمز مصغر لديمقراطية تمتاز بالوحدة الوطنية أولاً والمقاومة والنضال ثانياً . كانت إسرائيل تحمل على عاتقها شعار \" فرق تسد\" مع الفصائل الفلسطينية كانت تدعم حماس وتضغط على فتح في بداية نشأت حماس ، والآن حولت ضغطها على حماس ومؤازرة فتح وشكلت تدخلاتهم العامل الرئيسي في انهيار الوحدة الوطنية ، وبدأت الحرب الغير الأخلاقية ليس مع حماس بل مع الشعب الفلسطيني بأكمله والتي كانت نتاج تراكمات وصدامات مع حماس . ولكن كان الهدف الرئيسي من الحرب هو إضعاف حماس ، وحتى يجبر العالم على مشاهدة الوضع الإنساني في غزة على أنة يستدعي إلى الاستغناء عن النضال والمقاومة وإبدالها بالدولة والاستقلال بوجهة نظر إسرائيلية .سجلت إسرائيل طوال عقودها على أنها دولة (فاقدة للضمير ) ، وتنتهك القانون الدولي ، وتمارس الإرهاب على المدنيين لأغراض سياسية . ولكن لم يبقى إلا أن نقول أمام كل هذه الكوارث غزة باقية في \"المدينة الفاضلة \" إلى الأبد . سديم الضراب