! في مجالسنا ومنتدياتنا ونوادينا لا تكاد تمر فرصة إلا ونسمع فيها من ينتقد التغيرات التي تطرأ على المجتمع في بعض الأحكام الفقهية والتي اعتاد الناس على رأي معين تجاهها بسبب أحادية الرأي التي كنا وربما مازلنا نعاني منها .. كذلك قد تسمع انتقادات من هنا وهناك لبعض التغيرات الفكرية التي حصلت وتحصل لفلان وعلان من الناس سواء كانوا من العلماء أو المفكرين أو المثقفين أو من غيرهم . حتى أصبح التغير سُبّة , والثبات فضيلة وشجاعة ! وكأن من الواجب والمفروض على الجميع أن يكونوا مجرد روبوتات يسيرون بحسب ما يُبرمَجون عليه أو ببغاوات يرددون ما يسمعون دون وعي ولا فرز ولا إدراك ! إن المشكلة تكمن في أن عقلنا الجمعي حدي الرأي وضيق الأفق كما أنه كثير الثوابت والقطعيات ! ولهذا فإن هذا العقل الجمعي بحاجة ماسة إلى إعادة تشكيل من جديد , بحيث يتم فيه تكريس النظرة النسبية للأشياء ومحاربة القولبة والتصنيم وتوسيع رقعة الثوابت . وللإنصاف بعض الانتقادات لهذه التغيرات قد يكون لها ما يبررها , إذ أن التقلب في الآراء والتحولات الفكرية الحادة أو غير المنضبطة قد تدل على عدم نضوج فكري .. ولكن للإنصاف أيضاً بعض هذه التغيرات لها ما يبررها شرعاً وعقلاً , إذ في ظل ما نعيشه من متغيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية , لابد أن تنعكس كل هذه الأمور المتغيرة على الأفكار والآراء , وبالتالي فمن الخطأ أن تبقى جميع آرائنا دون تغير وكأنها قوالب مجمدة , فنحن بشر ومن الطبيعي أن تتغير آراؤنا تجاه ما حولنا مما هو قابل للتغير . فكل أمر متغير لا يصح أن تثبت آراءنا تجاهه . والضابط في هذه المسألة هو طبيعة الأمر الذي يُتخذ فيه رأي , فبعض المسائل الفقهية – مثلاً – قد يتغير رأي المرء فيها إما لتغير الزمان والمكان والظروف أو لوجود دليل جديد عليه لم يكن يعلم به أو حتى لنمو عقل وإدراك الإنسان . كذلك الحكم على الأشخاص الأحياء قد يتغير بتغير أحوالهم , ولهذا فمن الخطأ أن يبقى رأي إيجابي - مثلاً - في شخص قد أخطأ أو انحرف لمجرد أن له سابقة في جهاد أو عمل خير أو ماشابه , فالإنسان بطبيعته متغير وهو غير مأمون الفتنة بل هو معرض للزلل والانحراف عن جادة الصواب كما هو معرض للهداية والصلاح . إبراهيم بن سليمان السدرة [email protected]