ينعتون هذا العصر بأنه عصر التكتلات والتجمعات كما ينعتونه بأنه عصر التخصص .. ويرهنون النجاحات المتحققة للكثير من المؤسسات والشركات لهذين العنصرين مضافاً إليهما عنصر ثالث يدخل في لحم العملية التنظيمية والإجرائية وهو ما يسمى بالجودة واختصار وتطوير وهندسة العمليات . هذا المفتاح السحري للنجاح أين نحن في مؤسساتنا منه ؟.. وما موقعنا في خارطته ؟.. وإلى متى سنبقى بعيدين عن الإفادة من معطيات العصر ومستجداته ؟!! مع أن التميز والريادة ليست لمن يستفيد فحسب بل لمن يصنع .. ولكنها خطوات في السلم الحضاري تحتاج إلى تغذية المسير والجد والمواصلة بأقصى ما نملكه من طاقات وإمكانات . لن أتكلم عن المؤسسات الخاصة فهم دون أنفسهم .. ولا عن المؤسسات الحكومية التي تغط في سبات عميق ؛ حتى أحلامها باتت أحلاما تأسرها البيروقراطية .. لكنني أتحدث عن المؤسسات والجمعيات الخيرية والتي تعد العدة من الآن لاستثمار شهر رمضان .. بجمع التبرعات والإنفاق على البرامج الموسمية خصوصا برامج رمضان والعيدين والحج .. وأذكركم سوف تطالعنا الإعلانات في الشوارع والقنوات والمنشورات والكتيبات في المساجد والدوائر وسوف تتزاحم بشكل كبير على أسطح البنايات وعند الإشارات .. ولن أتحدث عن رسالة الإعلان وجودته .. وسوف تكون موضوعاتها على النحو التالي : ( إفطار صائم رعاية اليتيم زكاة الفطر هدية العيدين إطلاق سراح السجناء من ذوي الحق الخاص إطعام الأسر الفقيرة وكسوتهم تحجيج الشباب لحوم الهدي والأضاحي تزويج الشباب وقف الوالدين تحفيظ القرآن الكريم .. ) ولن تعدو عن هذه المرتكزات الأساسية .. وسوف تدعو معظم الجهات لهذه الموضوعات بغض النظر عن المسميات والتخصصات ؛ فكل جهة لديها أكثر من ثلاثين تخصصا تزيد أوتنقص قليلا .. فمن النادر أن تجد لدينا جهات خيرية متخصصة .. ومن النادر أن تجد لدينا جهات خيرية تشتغل على الأولويات وتقيس وتقدر التكاليف على شكل مشاريع مقننة محددة الأهداف والمستهدفين و بصورة دقيقة قابلة للقياس و برؤية واضحة تسندها رسالة محددة . لا أخفيكم استبشرنا باللقاء الأول للجهات الخيرية على مستوى منطقة القصيم لتحقيق هدف التخصص والاندماج وهو الهاجس الذي يسعى له مدير جمعية البرالخيرية ببريدة الدكتور محمد الثويني و يشكل هاجسا لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم .. وهاجسا لنا أيضا .. كما لا أخفيكم باستبشاري أنا شخصيا خيرا بنشوء جمعيات مستقلة تنضوي تحتها شبيهاتها بالتخصص كالجمعية الخيرية للزواج والرعاية الأسرية ببريدة و انضواء كافة اللجان ذات النشاط المتشابه تحتها .. والجمعية الخيرية لمكافحة التدخين بالقصيم و انضواء كافة المراكز واللجان ذات النشاط المتشابه تحتها .. وكم نتمنى أن يأتي اليوم الذي تتحصص فيه كافة الجمعيات ذات النشاط المتشابه تحت راية وإدارة واحدة .. وهي الخطوة الأولى التي أتمنى أيضا أن يتبعها خطوات ولعل تحديد موضوع ( الجودة Quality Management System) في ملتقى الجهات والمؤسسات الخيرية على مستوى المملكة والذي يقام في الأشهر القادمة في المنطقة الشرقية يكون بمثابة دفع تلك الجهات الخيرية للعمل بالدقة المتناهية ومنتهى الدقة ؛ فطموحنا تطبيق ( 6 SIGMA ) وأعلى معايير الجودة .. كما طموحنا أيضا أن نعيد دراسة الأولويات في المجتمع بصورة علمية .. ما أدري أعتقد أن وضع برنامج تربوي متكامل تتبناه الجهة الخيرية صاحبة الاختصاص يهتم برعاية الشباب المترددين على الساحات البلدية التي أحسنت أمانة منطقة القصيم صنعا في تهيئتها في بريدة ولها شبيهاتها في المناطق الأخرى تحتاج إلى تنظيم أنشطة الشباب الرياضية والترويحية وتوفير ما يحتاجونه من أدوات وحتى أطعمة خفيفة ومياه ومشروبات وربطهم بأبائهم وإخوانهم في الحي و توجيههم للمحافظة على مكتسبات الوطن وتعزيز جوانب الانتماء لديهم وتربيتهم على المعاني والقيم والأخلاق الإسلامية أهم بكثير في نظري من تفطير مجموعة من العمال في المساجد تحت مسمى تفطير صائم ترصد له الأموال وتوجه له الطاقات والدعايات وتحشد له وتجيش الجهود وتصرف عليه الأموال .. هذا مثال للبحث في المستجدات والأولويات . وبالجملة أعود لأقول نحتاج للتخصص ونحتاج لتطبيق الجودة ونحتاج لإعادة النظر في الأولويات .. دعوة قبل أن نبدأ لعلها تهز في جذع الثابت المتجذر فينا فتساقط علينا ثمرا جنيا تستفيد منه مجتمعاتنا ويؤتي أكله كل حين .