حمل الشيخ الداعية "سلمان العودة "وسائل الإعلام والفضائيات والإنترنت مسؤولية الصراع المذهبي بين السنة والشيعة، بعد أن سمحت تلك الوسائل لأي فرد بأن يتحدث ويسمعه الآلاف بعد أن كان عدد مستمعيه لا يتعدى العشرات، داعيا الى العودة إلى صياغة خطاب إسلامي ناضج ومعتدل بعيدا عن ردود الأفعال والانفعالات، مؤكدا أن الخطاب الديني يجب ألا يساعد على زيادة الصراع، واصفا الخطاب الديني الرشيد بخطاب يحافظ على التوازن. وأعلن العودة خلال مشاركته في الصالون الثقافي السعودي «المقعد»، وبحسب جريدة اليوم السابع والذي أقامه سفير السعودية لدى مصر هشام الناظر، عن مؤتمر يعتزم شيخ الأزهر د.أحمد الطيب الإعلان عنه يشارك فيه علماء ومفكرو الأمة الإسلامية من مختلف بقاع العالم الإسلامي للحديث عن مشاكل الأمة في الوقت الراهن، متمنيا أن يكون الحديث في هذا المؤتمر ليس حديثا أكاديميا، وإنما حديث يكشف الحقائق والمشكلات ويطرح حلولها ويتحدث عن الواقع». وحول الحوار بين المذاهب وأتباعها، أشار الداعية الاسلامي إلى أن هذا الأمر موجود في مؤسسات ومنظمات إسلامية كبرى، مثل رابطة العالم الاسلامي، التي تستضيف مراجع وعلماء جميع المذاهب الإسلامية، مؤكدا في الوقت ذاته أن ضم ممثلين للمذهب الشيعي إلى الهيئات الدينية السعودية لن يقدم أو يؤخر سواء بالنسبة للشيعة أو السنة. وتطرق العودة في حديثه إلى العلاقة بين الشيعة وإيران، وقال «المشكلة تتمثل في أن ولاء البعض من الشيعة أصبح للسياسة الإيرانية وأصبح هذا الولاء يفوق ولاءهم للمذهب أحيانا». وأرجع العودة هذا الأمر إلى نظرية ولاية الفقيه التي دمجت المذهب في الدولة، وأصبحت إيران تمثل ولاية الفقيه وأصبحت الدولة هي المذهب وهى الحامية للمذهب، واصفا هذا الأمر بأنه «استبداد وتسلط باسم الدين»، مشيرا إلى أن الكثيرين من اتباع المذهب الشيعي لا يؤمنون بولاية الفقيه، وهى النظرية التي ساعدت في نجاح الثورة، ولكن عندما تحولت الثورة إلى دولة أصبحت ولاية الفقيه عبئا على الدولة الإيرانية. وأوضح العودة أن الدين يعد جزءا رئيسيا للهوية، مشيرا إلى أن الإسلام تاريخيا كان وعاء يستوعب كل الذين يعيشون داخل حدود الحضارة الإسلامية، بل إن الكثيرين من أتباع الديانات الأخرى ويعيشون ضمن حدود الحضارة الإسلامية كان ولاؤهم الأول والأخير لتلك الحضارة. وشدد العودة على ضرورة أن يكون الدين حافزا للجودة وإتقان العمل، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال خطاب ديني يدرك أن إتقان العمل مرتبط بالإيمان بالله. وأوضح أن الخطاب الديني يجب أن يتسم بالاستقلالية حتى يساهم هذا الخطاب في تشكيل هوية إسلامية، واصفا تلك الاستقلالية بأنها «القداسة التي يتمتع بها هذا الخطاب»، وقال «الخطاب الديني يتعامل مع القضايا الدينية ويتعامل مع الله سبحانه وتعالى»، موضحا أن الخطاب الديني ليس خطاب معارضة أو رفضا مطلقا.. وليس خطابا للتأييد أو المباركة وإنما خطاب له شخصيته واستقلاليته». وتوقف الداعية الإسلامي أمام قضية العروبة وعلاقاتها بالهوية، وقال «العروبة مكون رئيسي من مكونات الهوية»، مؤكدا أن العروبة ليست نقيضا للانتماء للإسلام، معتبرا أن كل من تكلم العربية هو عربي، بل كل من عايش المجتمعات العربية هو عربي، وحذر من تحول العروبة إلى عنصرية أو قبلية تتسبب في اشتعال الصراعات، وتحشد الشعوب ضد بعضها البعض. ودعا العودة إلى الاعتراف بالشباب على كل المستويات، الأسرية والمجتمعية والسياسية، محذرا من التعامل مع الشباب باعتبارهم يمثلون خطرا أمنيا ومجتمعيا. مؤكدا ضرورة الاهتمام بالشباب والتعامل معهم باعتبارهم المستقبل، وذلك من خلال التقويم وبناء الثقة والقناعة لديهم وليس من خلال الحظر والمنع والحجر. وأكد أهمية استمرار الحوار بين الأجيال، والاستماع إلى الشباب، حتى لا تكون هناك قطيعة بين الأجيال. وتساءل العودة عن السبب في تخلف الشعوب العربية عن نظرائها من شعوب العالم، مؤكدا أن هناك مشكلة في البيئة العربية تعوق عملية التنمية والنهضة وتجهض الكثير من المشاريع الكبير، مشددا على احتياج العالم العربي إلى «النموذج» الذي يمنح الأمل ويضيق الفجوة الواسعة بين الحلم الذي يعيشه الكثيرون والواقع.