يناقش مجلس الشورى في جلستين يعقدهما غداً وبعد غد لمداولة وضع المنافسات والمتشريات الحكومية وأداء مجلس المنافسة، سعياً لبحث حلول إشكالية المشروعات التنموية المتعثرة والمناقصات التي تسند لتنفيذها، بجانب العمل على كسر عمليات الاحتكار التي تؤثر على المنافسة المشروعة، حيث وضع المجلس على لائحة أجندته التقرير السنوي لمجلس المنافسة للعام المالي 1433 / 1434 ه غداً، ومقترحا لتعديل بعض مواد نظام المنافسات والمشتريات الحكومية قدمه عضو المجلس الدكتور سعد مارق استناداً للمادة 23 من نظام مجلس الشورى بعد غد. يأتي ذلك في الوقت الذي يبدي فيه الكثير من الموطنين تذمراً متواصلاً جراء تعثر إنجاز المشاريع وتأخر الانتهاء منها في ظاهرة أصبحت واضحة، حيث يحمل المواطنون الشركات المقاولة المسؤولية، في ظل تزايد وعود المسؤولين والمقاولين بالتزامهم بتنفيذ تلك المشاريع، في حين يعاود السخط المجتمعي بحسب ما تنقله مواقع التواصل الاجتماعي بعد تنفيذ تلك المشروعات وفق جودة متدنية بحسب ما يتداوله الكثيرون من مشاهد لمشروعات انتهى إنجازها وتعرضت لمشكلات من في الجودة. من جانبه، أكد عضو المجلس البلدي في مدينة الرياض الدكتور عبدالعزيز العمري على الضرورة الملحة التي تستوجب إعادة النظر في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وأهمية تعديل مواده بشكل يواكب ما تعيشه المملكة من طفرة في المشاريع التنموية المسندة، مشدداً على أهمية أن يكون منح تلك المشاريع التنموية وترسيتها على أساس العروض الأفضل وليس وفق ما هو معمول به في معظم عمليات الترسية بحيث ينال تنفيذ تلك المشاريع الأقل سعراً. وأوضح العمري أن الكثير من الآثار السلبية يتكبدها الاقتصاد الوطني وكذلك التنمية في البلاد جراء تعثر الكثير من المشاريع التي تستهدف تشييد البنى التحتية ورفع مستوى المملكة على المستوى الاقتصادي، مؤكداً أنه دائما ما تتم ترسية تلك المشاريع المهمة على خارطة التنمية إلى مقاولين أقل سعراً، وهو ما يصل بتلك المشاريع إلى نقطة التعثر إما لسوء جودة تنفيذه أو تعذر استكماله والانتهاء منه، مطالباً في الوقت ذاته بضرورة حل المشكلة من جذورها بتعديل البنية التنظيمية الخاصة بتلك المشروعات بشكل يرفع من جودة التنفيذ ويحفظ ميزانيات الدولة والمليارات المرصودة لتلك المشاريع، ويحد من تسليمها لمقاولين يعمدون لتقديم الأقل سعراً. وكان المجلس البلدي في مدينة الرياض قد ناقش في أكثر من اجتماع سابق له موضوع تعثر مشاريع التنمية ورداءة تنفيذها، وهو الأمر الذي ينتظر أن يناقشه مجلس الشورى خلال جلسته بعد غد عبر طرحه لمقترح تعديل مواد نظام المنافسات والمشتريات الحكومية. ويستهدف المقترح المقدم من الدكتور سعد مارق، تعديل 16 مادة من مواد نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، مبررا التعديل للنظام الصادر في رمضان عام 1427ه، نتيجة الكثير من الثغرات النظامية التي شكلت نافذة لتعثر وتأخر كثير من المشاريع الحكومية، وألحقت الضرر بميزانية الدولة، مؤكداً أن دلالة عدم قدرة النظام على مواكبة حجم ونوعية المشاريع الكبيرة التي تنفذها المملكة حاليا، هو أمر خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، وزارة المالية بتنفيذ جامعة الأميرة نورة في وقت محدد وبأعلى المواصفات الفنية مع استقطاب كبرى المكاتب الاستشارية الهندسية العالمية، ومع التعميد المباشر لمجموعة من المقاولين من ذوي السمعة الطيبة والخبرة الطويلة، ولهذا قامت وزارة المالية باستثناء المشروع من النظام، وأن ذلك تكرر في أكثر من مشروع منها إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، وتكليف شركة أرامكو السعودية بتنفيذها، وإسناد مهمة الإشراف على مشروع تصريف السيول في جدة، واستاد مدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة التي افتتحت مؤخراً، والمدينة الاقتصادية في جازان واستثنائها من نظام المنافسات. وأكد سعد مارق في وقت سابق أن تعثر المشاريع يعد من المشكلات التنموية التي تزايد التركيز عليها والحديث حولها مؤخرًا. أمام ذلك كشفت دراسة حكومية أن 48 % من العاملين بإدارة المشروعات الحكومية أقروا بأن هنالك مشكلات في تنفيذ المشروعات، بينما 64 % يقرّون أن مرحلة التنفيذ والإنشاء هي الأكثر حدوثا للتعثر، فيما تشير إحصاءات حكومية أخرى أن ما نسبته 77 % من المشروعات تأثرت في جودة التنفيذ، وأن 40 % من المقاولين غير ملتزمين، أمام 69 % من البلديات تفضل إسناد المشروعات إلى جهة إشرافية، وتبين إحصاءات أخرى أن الكثير من المشروعات المتعثرة سنوياً تصل قيمتها إلى 100 مليار ريال، أمام تدني نسب الإنجاز في الوقت المحدد لبعض المشروعات لتصل إلى 25%، في حين أن 50% نسبة المشاريع المتأخرة عن موعدها. وفي سياق مناقشة المجلس للتقرير السنوي لمجلس المنافسة للعام المالي 1433 /1434ه، أكدت لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة -إحدى لجان المجلس المتخصصة- على أهمية إيجاد كيان قوي يقوم بدور فاعل في مجال المنافسة كالعديد من الممارسات الدولية في هذا المجال، نظراً لأهمية المنافسة العادلة وتشجيعها ومكافحة الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على المنافسة المشروعة، وضخامة الاقتصاد الوطني وتنوع الشركات العاملة فيه، حيث أوصت في تقريرها بتحويل مجلس المنافسة إلى هيئة عامة ترتبط برئيس مجلس الوزراء، وتوفير الدعم المالي والكوادر الفنية المتخصصة اللازمة لها، وحثت على العمل على نشر ثقافة المنافسة، وزيادة الوعي بأهميتها.