الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين والسراج المنير محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الغر الميامين أعلام الهدى ومصابيح الدجى بهم قام القرآن وبه قاموا وبهم نطق القرآن وبه نطقوا فرضي الله عنهم وأرضاهم وأخزى من تنقصهم وآذاهم أما بعد : إن من نعم الله علينا الكثيرة في هذا الزمان هو انتشار وسيلة النقل عبر السيارات ولاشك أنها نعمة عظيمة يستطيع الإنسان فيها قطع المسافات الطويلة والاتقاء فيها من الحر والبرد أثناء المسير ونقل المرضى إلى المستشفيات ، فنحمد الله جل جلاله على تيسيره وتوفيقه لهذه النعم وهذه النعم ابتلاء من الله جل وعلا واختبار لنشكره على نعمه قال تعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } الأنبياء35 ، وفي تفسير هذه الآية : كل نفس ذائقة الموت لا محالة مهما عُمِّرت في الدنيا. وما وجودها في الحياة إلا ابتلاء بالتكاليف أمرًا ونهيًا, وبتقلب الأحوال خيرًا وشرًا, ثم المآل والمرجع بعد ذلك إلى الله - وحده - للحساب والجزاء. ولقد حصل من بعض المسلمين اليوم هداهم الله من المظاهر الغير مقبولة والمؤسفة والتي تخالف الشرع في قيادة السيارة وعدم التحلي بالأخلاق الفاضلة التي حثنا عليها ديننا الحنيف من صبر وحلم وغض بصر وغيره عند السير في الطرقات ، فعليك أيها السائق المسلم أن تنتبه لهذه الأمور المهمة لتسعد برضا رب العزة والجلال والذي هو مبتغى كل مسلم أن يرضى عنه رب العالمين . فعلينا أن نتمثل الأخلاق الفاضلة والحسنة عند السير في الطرقات وهذه بعض الوصايا لإخواننا السائقين نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها : 1- قيادة السيارة أخلاق وأدب واحترام للآخرين : إن المسلم إذا ركب السيارة عليه أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة والحسنة والتي تعطي انطباعا للآخرين وحتى غير المسلمين بأنه على خلق عال ، كيف لا والرسول صلى الله عليه وسلم حثنا على ذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن ) رواه الإمام أحمد ، فالمسلم وهو يقود سيارته لا يسب أحدا في الطريق ولا يضيق على أحد لماذا ؟ لأنه مسلم يعتز بإسلامه يسير على منهج النبوة ويحتسب الأجر عند الله عز وجل ، إذا رأى كبير السن أو طفلا ً أو امرأة ً يقطعون الطريق يتمهل ويوقف سيارته احتراما للكبير ورحمة ورأفة بالصغير والمرأة وهي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين وتذكيرا لهم بحقوق الكبير والصغير ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا ليس منا ) رواه أبو داود . ، وكم سمعنا من وفيات في الطريق بسبب السرعة الزائدة وتهور السائق هداه الله ، وأيضا ما يقوم به بعض شباب المسلمين هداهم الله من اتخاذ الطريق للتنزه والتسلية فيقومون بسد الطريق والسير بسرعة خفيفة جدا والأخر من يقوم بالتفحيط واللعب بالسيارة ، وبذلك قد يعطلون مصالح الناس فكم من مريض يريد الذهاب للطبيب وكم من لديه ظروف الله أعلم بها . فاتقوا الله ولا تؤذوا المسلمين ، فكم من امرأة توفيت وتركت أطفالها وهم بحاجة إليها ، وكم من والد ترك أسرة يعولها بسبب هذا السائق المتهور الذي لم يشكر نعمة الله عليه وتسبب بضياع أسر وفرق بين حبيب ومحب ، قال تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) سورة الأحزاب . ( وفي تفسير الطبري : ) فإياكم وأذى المؤمن ، فإن الله يحوطه ، ويغضب له ) . 2- إن السائق المسلم لا يدع شيئا في الطريق يؤذي المسلمين إلا وقد أزاله أو ساهم في ذلك بتبليغ من هو مسئول عن ذلك ، ( عن أنس قال كانت شجرة في طريق الناس كانت تؤذي الناس فأتاها رجل فعزلها عن طريق الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد رأيته يتقلب في ظلها في الجنة ) مسند أبي يعلى . والمسلم حينما يقود السيارة عليه أمانة عظيمة وهي أمانة النفس والمال ، قال تعالى { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } الأحزاب 72 ، فأمانة النفس أنه يجب أن يجنبها الضرر والمخاطر قال تعالى ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إنه يحب المحسنين ) البقرة ، فلا يقود السيارة بتهور وسرعة عالية ويعرض نفسه للخطر والحوادث الأليمة التي قد يصاب فيها بعاهات مستديمة أو قد يموت فيها وكم سمعنا بحالات مؤلمة من جراء السرعة الزائدة والتهور على الطرقات فاللهم أصلح شباب المسلمين وردهم إليك ردا ً جميلا . وما يفعله البعض أيضا من إطلاق ضوء سيارته شديد التوهج في وجوه الآخرين في المدن وفي حال السفر ليلا ً وهذا فعل سيء ذميم لايفعله قاصداً ذلك إلا من استهواه الشيطان وضعف الايمان في قلبه فاحذر يا أخي من عقوبة الجبار جل جلاله ، فكم من مريض و كبير في السن قد آذيته بضوء سيارتك فاتق الله فإن الظلم ظلمات يوم القيامة . فيا عبد الله لا تكن سببا في ضياع أسرة وتيتم أطفال وشقاء مصاب وأعلم أن الله مطلع عليك فاحذر غضب الجبار جل جلاله . 3- السائق وإشارة المرور : عباد الله , إن من الأمور المهمة والتي تنظم سير الناس في الطرقات هي إشارة المرور , وإن إشارة المرور وضعت بأمر من ولي أمر المسلمين وفقه الله وذلك بعد الدراسات التي أثبتت فائدتها ومن أجل تنظيم السير في الطرقات ومن أجل ذلك ينبغي للسائق المسلم طاعة ولي أمره في ذلك قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } النساء59 ، فيقف ولا يقطع الإشارة المرورية لأنه قد يتسبب في حوادث خطيرة ويكون سببا في قتل المسلمين والضرر بهم والمآسي في ذلك والأحزان لا تخفى على كل ذي لب وقلب سليم ، فالإنسان يغضب على من يتعدى عليه فإذا لماذا يا أخي تتعدى على حقوق الناس بغير حق !!! وللأسف نشاهد بعض الناس سواء شبابا أو كبارا لا يبالون ولا يشعرون بالمسئولية فتجدهم يقطعون الإشارة المرورية دون أدنى مسئولية وأمام الناس بدون احترام لمشاعر المسلمين فاللهم اهدهم إلى سواء السبيل . 4- ومن الأمور المهمة أيضا ً غض البصر وكف الأذى : قال تعال { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } النور30 ، وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها قال فأما إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا يا رسول الله فما حق الطريق : قال :غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعرف والنهي عن المنكر.رواه الإمام أحمد فغض البصر من صفات المسلمين المتقين ، وللأسف أن بعض الناس يطلق لبصره العنان في الطرقات وهو يقود سيارته فتجده ينظر يمينا وشمالا وخاصة إذا كانت سيارته قريبة من سيارة أخرى ، لماذا يا أخي أليس لديك محارم وتغار عليهم ؟ فالذي يطلق بصره متعمدا ً ليس فيه مروءة المسلم وتقواه فاتق الله ولا تطلق لبصرك العنان واعلم أن الله يعلم ما تخفي وما تعل وأن كل ما تفعله يكتب عليك قال تعالى ( إن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) سورة الانفطار ، وأيضا ما يفعله البعض من رمي القطع الحديدية لهوا ً وعبثا ورمي الفضلات من أكل وشرب وأوراق في الشوارع بصورة تشمئز لها النفوس ًوقد يتأذى بعض المسلمين من هذه الفضلات من أكل ومشروبات فارغة ومناديل ورقية والبعض هداهم الله يرمي العلب الفارغة الكبيرة من صناديق وغيرها فيعرض الناس للخطر بالاصطدام بها أو أن يتجنبها السائق فجأة فيتعرض للخطر بانحرافه عنها وهذا العمل لا يجوز من وجهين : الأول : أن المسلم نظيف ويحافظ على بيته نظيفا وأيضا على الطريق الذي يسلكه فبعض الناس نراه لا يهتم لهذا الأمر فلو وضع أحد أمام بيته شيئا تراه يغضب وينفعل !!! أما في الطريق الذي يسلكه المسلمون لا ينزعج بل هو من يرمي هذه المعلبات في الشوارع !!! فهذا خطأ فادح فكما تحب لنفسك النظافة أيضا لابد أن تحب لإخوانك المسلمين ذلك عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). رواه البخاري ، فعلى المسلم أن يدرك مسئولياته ويعلم أن هذا العمل غير جائز وغير مقبول لا شرعا ولا عرفا . الثاني : أن فيه ضرر على المسلم في نفسه كما أسلفنا وفي سيارته من جراء هذه المخلفات الملقاة في الشوارع إما جهلا منه أو عدم مبالاة فلا حول ولا قوة إلا بالله ، فكم من تعطيل للمصالح وأذى قد أصاب المسلمين في ذلك وضياع للأوقات في تغيير الإطارات وقد يكون الإنسان معه عائلته فيتعرض للانتظار في الشوارع فإنا لله وإنا إليه راجعون . إخواننا وأحبابنا السائقين إن ديننا العظيم يأمرننا بأسمى الأخلاق والفضائل والسلوك الجميل ولنا أحبتي في الله في رسول الله أسوة حسنة لنتبعه ونسير على نهجه وسنته صلى الله عليه وسلم فقد وصفه الله في كتابه العزيز ( وإنك لعلى خلق عظيم ) سورة القلم ،أما آن لنا أن ندرك واجباتنا ومسئولياتنا كمسلمين واجبنا تجاه أنفسنا وأسرتنا ، وواجبنا تجاه بلدنا بلد التوحيد والخير والعطاء إنها جملة من الأمانات فهل نتفكر فعلا ونراجع ونسأل أنفسنا ونتوب إلى الله من ذنوبنا هل ظلمنا أحد ، هل آذينا أحد ، هل نام احد في هذه الليلة وأنا قد سببت له ضيقا في نفسه وفي ماله ، هل كنت سببا في شقاء أحدا هذا اليوم ، هل تعطلت بسببي مصالح المسلمين ، هل تعرض مريض بسببي للمضاعفات في الطريق ؟؟؟ لنراجع حساباتنا و نتوب إلى الله عز وجل من كل الذنوب والمعاصي قبل أن نسأل عنها يوم القيامة ( ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا ً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) رواه مسلم . فأعطوا الطريق حقه 000فأعطوا الطريق حقه 000 والحمد لله رب العالمين .