أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين أن يغضوا ابصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا الا إلى ما اباح لهم النظر إليه وأن يغمضوا عينهم عن المحارم وان وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً ولم يختص الله عز وجل الرجال بذلك بل أمر النساء قال تعالى في محكم كتابه العزيز (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها) الآية 30 ، 31 النور. وقال سيد الخلق أجمعين سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (اياكم والجلوس على الطرقات فقالوا يارسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا ابيتم الا الجلوس فاعطوا الطريق حقه قالوا وما حق الطريق يارسول الله فقال: غض البصر وكف الاذى ورد السلام ، الأمر بالمعروف ، النهي عن المنكر) اخرجه البخاري ومسلم. وغض البصر يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر حتى لا يدع الشيطان يورد الإنسان موارد الهلاك بسببها. فاذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وارادته وإذا اطلق بصره اطلق القلب شهوته. وان من فوائد غض البصر كثيرة ومنها تخليص القلب من الم الحسرة ويورث القلب نوراً واشراقاً ويورث صحة الفراسة ويبدل الله صاحبه نوراًَ يجد حلاوته في قلبه وفيه طاعة الله ورسوله وهي من أهم الصفات التي يتحلى بها المسلم وفيه راحة النفس والبدن ويصون المحارم والوقوع في الزلل ويجعل المجتمع آمناً ويصون المجتمع من انتشار الزنى ويستجلب العفة ويضر بالشيطان. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حفظ البصر اشد من حفظ اللسان. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تتجاوزك. وقال الشاعر: كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة بلغت من قلب صاحبها كمبلغ السهم بين القوس والوتر وقال سيد الأولين والآخرين سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (النظرة سهم من سهام ابليس المسمومة فمن تركها متخوف من الله عز وجل اثابه الله ايماناً يجد حلاوته فيقلبه. قال أهل العلم ان مبدأ طريق الزنى بخطوة ، وان نعمة البصر هي من عند الله سبحانه وتعالى وهي تحتاج إلى شكر فمن شكرها حفظها عما حرم الله تعالى. فياسادة ياكرام لنعلم أبناءنا وبناتنا اجتناب قدر الامكان الاماكن التي يخشى الانسان فيها من فتنة النظر مثل الاسواق والطرقات والاكثار من النوافل والعبادات وصحبة الاخيار من الناس لان الصاحب ساحب كما يقال. ولا يطلقوا بصرهم يمينا وشمالاً فيقع فيما لا يستطيع سرعة التخلص منه من تأثير النظر إلى ما فيه فتنة ، ومن منا غني عن رحمة الله ولطفه حتى يعصيه ومن منا يخرب أعماله الصالحة بأعمال المعاصي والذنوب وتذكرهم بقول الله تعالى دائماً (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) (الاسراء 36) اللهم اعصم شبابنا وشاباتنا انك سميع مجيب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين.