رؤى صبري * من المعروف أن مسابقة ملكة جمال العالم (miss world) التي تعقد سنويا في إحدى مدن العالم منذ 1951 وحتى الآن والتي تتبارى فيها فتيات تم اختيارهن كملكات للجمال في بلدانهن، بحيث تتسابقن للحصول على تاج "ملكة جمال العالم تتضمن مشاركة فتيات حاصلات على ألقاب ملكات الجمال في بلدانهن من مختلف مناطق العالم ( وهذا مايمنح صفة العالمية للمسابقة لكن في الحقيقة هناك ثلث دول العالم لاتشترك فيها ) أي بعبارة أخرى المسابقة تضم أجمل امرأة من كل دولة تجري فيها هذه المسابقات وأثناء الحفل يقوم الحكام بتصفية المتسابقات من مرحلة لأخرى للوصول للمرحلة النهائية التي تتضمن السؤال الأخير الذي من المفترض أن تفوز به صاحبة أفضل إجابة ومن المفترض أيضا أن تكون متحدثة لبقة واسعة المعرفة والثقافة والإدراك، والشيء الملفت انه إذا كان الأساس في الاختيار هو الاعتماد على مدى ذكاء ورجاحة عقل تلك الفتاة فلماذا عليهن جميعا أن يتعرين من بداية المسابقة إلى آخرها؟ وماذا يمكن أن يضيف العري إلى عقل الفتاة المتسابقة زيادة أو نقصان؟ فأغلب الظن أن السيدة جوليا مورلي الرئيس المساعد لمؤسسة ملكة جمال العالم وقبلها زوجها ايريك مورلي منذ الخمسينيات ، ولجان التحكيم هم أدرى لناس بذلك وما التعري إلا وسيلة للفت أنظار المشاهد وجعله يتسمر على مقعدة في القاعة أو أمام الشاشة لا يغادرها، وبذلك يضمن القائمون على المسابقة الحصول على الإعلانات والرعاية للمسابقة باهظة التكاليف والنتيجة هي ترسيخ هذه المفاهيم في عقل ووجدان الرجال ، ولهذا صار اغلبهم اليوم يصورون المرأة بهذه الصورة الدونية ، حيث تتركز اهتماماتهم بشكل وتضاريس الجسد لا غير، فرجل اليوم اعتادت عينه أن تميز بين الأجساد بالرغم من أن التركيب الفسيولوجي لايختلف عند النساء جميعا! وعندما يكون هذا هو الدرس الذي يشاهده الرجل أكثر من مرة في اليوم الواحد فالنتيجة هي فشل اغلب الزيجات وكثرت حالات الطلاق والمعاملة السيئة التي تتلقاها المرأة إذا كان جسدها دون المعايير المطلوبة عالميا ، وهو الشيء الذي لاياتي إلا من الرجال الحمقى الذين لايدركون أن القائمين على المسابقة ولجان التحكيم يختارون الأذكى وليس الأجمل حتى لو كانت هناك من هي أجمل منها لأنها في النهاية سوف تمثل جميع ملكات جمال العالم بل ربما يسند لها مهام دبلوماسية دولية كسفيرة للنوايا الحسنة في منظمة الأممالمتحدة مثلا ، وهذه المهام بالتأكيد لاتستطيع القيام بها صاحبة الجسد الأجمل والرأس الفارغ . وهذا يعني أن مقولة الجمال جمال الروح لم تعد تواكب العصر الذي نعيش وحري بنا إعادة النظر بهذه العبارة ونقول : أن الجمال اليوم هو جمال الذهن والعقل الناضج ،فكفى الجمال ضلماً عندما تم ربطه بالجسد، لأن الجسد فاني و الجمال الحقيقي باقي للأبد والبقاء لايكون إلافي صورة إنجازات لاينساها الكون أما جمال الجسد الذي يلهث ورائه اغلب البشر فدور الموضة والأزياء ومباضع الجراحين لم تقصر في أن تظهر كل يوم صورة لما قد يسمى جمالا حتى وصل الأمر مؤخرا ببعض الفتيات الراغبات بالاشتراك في مسابقة ملكات الجمال قيامهن بإجراء عمليات تجميلية، وعندها سيصبح هذا الجمال جمالا صناعيا، والعاقل من سيدرك الفرق بين اللؤلؤ الصناعي واللؤلؤ النادر في أعماق البحار. وحقيقة أني لا أنفك أضحك عندما أرى مدونا بجانب كل متسابقة وزنها وطولها ولم يتبق إلا أن يكتبوا سعرها في أسفل الشاشة والغريب أن كل واحدة منهن سعيدة جدا بهذا الأمر غير عالمة أنها تعامل كسلعة رخيصة وكوسيلة لكسب المال ليس إلا ولو زادت كيلو واحد لأحترق كرتها كما يقولون في العامية لكن في النهاية تظل طبيعة البشر التي تنجذب للأشياء الفانية ذات الألوان البراقة والمضمون الخالي. • كاتبة سعودية