لكل زمان دولة ورجال رجالُ رحلوا دون أن يبرحوا ذاكرة المكان والزمان لقد ظلت أسمائهم عالقة في الأذهان نظير ما قدموه من عطاء وتضحية , مع هؤلاء يكون الإبحار مختلفا .. إختلافُ يصنع من مفارقات كثيرة صورة الرمز المثالي وهو في الحقيقة ما حفّزني للبحث والتقصي عن هذه الشخصية التي أردت أن يكون الحديث عنها اليوم , ولكم أن تتخيلوا صعوبة الأمر فالكلام عن الكبار مرهق ومكلف خصوصا أمام قلة الوثائق وندرة الصور وشتات المعلومة , لكنه حتما جهد المقّل ليس إلا , لقد وجدت نفسي أمام شخصية مثيرة للإعجاب وللتعجب في نفس الوقت ! إذ يصفه المقرّبون والعارفون بأنه ظل حتى اللحظات الأخيرة من حياته يُؤثر الأخرين على نفسه ,ساعيا نحو مصلحة البلد نصيراً للضعفاء, مهتما لمطالبهم ملازما لهمومهم صامدا من أجل حقوقهم لا تأخذه في الحق لومة لائم لذلك لم يكن مستغربا أن يتعرض للمساءلة والمخاطرة وأن تتكالب عليه المكائد والشكاوى والعراقيل وهو بالإضافة لكل ذلك كان يدعم شباب أملج ..يحفزهم نحو النجاح والتفوق .. يمنحهم كل الوقت والإهتمام لذا تجد أن اغلبهم حتى اللحظة في ذكر لا ينقطع عن مواقفه معهم فيالعظمة هكذا إنسان عريق بمبادئة كبير بقيّمه إنه المرحوم بإذن الله الاستاذ عبدالله عطا الله المرواني الذي ولد في املج وترعرع فيها قبل أن يتركها ليكمل دراسته في جدة ويحصل على الثانوية ويعمل في الجمرك بميناء جدة الإسلامي ويعود إلى محبوبته أملج من جديد بعد أن عيّن فيها مديرا للمالية تقريبا عام 94م.
ولعل من الصدف الجميلة أن يأتي الحديث عنه مناصفة بين أصدقاء كانوا قريبين من تفاصيل حياته ليتسنى لنا التعرف عليه عن كثب لقد شاركنا مشكورا كل من العميد متقاعد عبدالحميد بكر العليان والأستاذ فهد خضر المحلاوي و أخيه الكابتن حسن عطالله والدكتور فوزي خضر المحلاوي , لقد تطرقوا جميعا عبر لقائي بهم لجوانب عدة من حياة ومواقف عبدالله عطا الله , ظللنا مدة الساعتين و أكثر نتجاذب أطراف الحديث دون ملل .. نقف لبرهة .. نسترسل في أخرى وهكذا دون أن يُشبعنا الكلام عن هذه الشخصية النادرة حقا.
الأستاذ فهد خضر والعميد بكر العليان
يقول عبدالحميد العليان في بداية الحوار لقد كانت ثقافة البلد في ذلك الزمان بدائية أو ربما في طور التكوين , كانت أملج مدينة صغيرة محدودة الإطار لا تتعدى الحياة الإجتماعية فيها الروتين القائم على تأمين لقمة العيش ليأتي هذا الرجل من جدة بفكره وثقافته محدثا فينا ذلك التغير الملموس , كانت العادات والتقاليد تفرض احترام الصغير للكبير لكننا كنا نلحظ في هذا الإنسان صورة عكسية لهذا النمط اذ كان ينزل بفكره لمستوى الصغير قبل الكبير مبدياً كل الإحترام للعقول التي يتعامل معها , كان عبدالله عطا الله موظفا في جمرك جدة عام إلى ما قبل 94 ه إلى أن جاء إلى أملج فيما بعد وعين فيها مديرا للمالية . كنا نحن في المتوسطة , إبتدأ منذ تلك اللحظة من خلال إجتماعه اليومي معنا يؤثر فينا ثقافيا كان يجلب لنا الهدايا من الكتب ونحن جيل مبتدئ في المتوسطة ولك أن تتخيل أننا كنا نقرأ ل خالد محمد خالد ومصطفى محمود والمنفلوطي والعقاد كانت تلك مواضيع معقدة وكتب صعبة على شباب في المرحلة المتوسطة , منذ تلك اللحظة أدركت أنني أمام كنز حقيقي و إن كان لي اليوم أن أختصره في كلمات فهو بصدق ضمير الوطن أو ربما أمين القرية أو ناصر المظلومين سمّه ما شئت.
يضيف هنا الأستاذ فهد خضر ويشاركه حسن عطاالله
عبدالله كان حريصا على ترسيخ العلاقة بين الاشخاص, كان يزرع الخصال التي يمتلكها فيمن حوله وكان يرى بأنها لابد أن تستمر وتقوى دون أن يسمح لأحد مهما يكن أن يبث الفتنة أو يذم في أحد حتى عندما يقع سلوك معوّج تراه حريصا على تقويمه وحثنا على الذهاب واصلاح الخلافات ..
حسن عطاالله أثناء حواره بالمحرر
لقد أسس نادي الأمل الشهير والذي كان من شروط الإلتحاق به أن يكون الطالب متفوقا في دراسته وكان يتأكد من ذلك من خلال ذهابه شخصيا إلى المدرسة والسؤال عن درجات وتقيّم الطلبة , كان حريصا على أن يكون المنتمين لنادي الأمل على مستوى من الخلق والعلم والمعرفة لأنه كثيرا ما يؤكد بأن النادي في مضمونه ثقافي إجتماعي رياضي فكان هذا مبدأه الأهم وفعلا إذا ما أردت الرجوع ومعرفة سيرّ أعضاء فريق الأمل لوجدتهم كذلك فمنهم أطباء ومهندسين و ضباط وجميعهم كما ذكرنا على مستوى عالي من التحصيل العلمي. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا ترى لماذا أطلق على هذا النادي إسم نادي الأمل . لقد كان عبدالله عطا الله متفائلا دوما ولديه أمل في الحياة رغم أنه لم يكتب له أولاد إذ كان عقيماً يرحمه الله لكنه كان في نفس الوقت يحمل بين أحلامه أملاً في أن يرزقه الله مولودا ذات يوم لذا سمى النادي بهذا الإسم ( الأمل )
.. ولعل الكثيرين يعرفون بأن هناك من أسأؤوا فهم عبدالله عطا الله وكانوا يعتقدون بأن ناديه هذا مناهض لنادي الحوراء وكانت ثمة برقيات وشكاوى كيدية ترفع ضده تتهمه بأنه يغرر بشباب أملج وأنه أنشأ هذا النادي كي يناهض النادي الرسمي للبلد والحقيقة ان المتفحص في أعضاء نادي الأمل في حينه سيجد بأنه أمام نخبة متفوقة و هواة ليس لديهم الوقت الكافي للإلتحاق بنادي الحوراء والإلتزام بتمثيله في الدوري والمباريات الرسمية فكان من باب أولى جمع هذه الصفوة من أبناء المحافظة وأن يكونوا جميعا في نادي واحد للهواة .. .. ولعل مما يذكر في جانب وقفاته مع شباب البلد أيضا أنه كان يترصد للمدرسين اللذين يأتون بأسئلة تعجيزية للطلبة ولعل من أشهر المواقف موقفه مع أستاذ للغة الإنجليزية اسمه الأستاذ عبدالرحيم عندما طلب من الطلاب التعبير باللغة الإنجليزية عن موضوع يحمل العنوان التالي ( تخيل العالم بدون بترول!) بعد أن كان قد حدد لهم ثلاثة موضوعات فقط مؤكدا أن الإختبار لن يخرج منها ليتفاجئ الطلاب بهذا الموضوع الذي لم يكن ضمن المواضيع الثلاثة المحددة وهو ما دعى عبدالله عطا الله لأن يحتال عليه بعدما واجهه قائلا إن الذي كنت تعنيه من موضوعك هذا هو (تخيل السعودية بدون بترول) وأنا سوف أخبر المباحث عن ما تعنيه .. الأمر الذي جعل المدرس يتراجع سريعا ويقوم بمساعدة كل الطلبة ليتخطوا امتحان الإنجليزي وينجحوا جميعا.
هنا يضيف د. فوزي : أذكر أنني أنا و عبدالعزيز ناصر وعبدالعزيز عزازي وعبدالله الحضرمي وأخرين كنا جميعا في السنة الأولى من المرحلة الجامعية وقتها أذكر أنه أقام لنا مأدبة عشاء احتقاء بنا إذ فرحاً بنافرحة عارمة ولعل من المفارقات أمام نزاهة هذا الرجل أنه في ذات الليلة عندما رافقناه أنا وخالي عبدالعزيز عزازي إلى بيته الجديد في جدة و الذي لم لم تكن قد وصلته الكهرباء بعد تصله حينها أستخدم(إتريك) وأراد من ذلك ان يُرينا اجزاء من عمارته وقال لنا أنني مديون بسبب هذه العمارة بمبلغ 90 ألف ريال وليس لدي مال لتسديدها ..يومها أتذكر موقفا آخرا قد مر به و أخذ يحدثتنا عنه مرارا كانت هنالك شركة كبيرة أرادت مساومتهحيث كان يعمل في الجمرك في ميناء جدة الإسلامي , كان لديها جهاز تود أن تمرره دون أن تدفع قيمته الجمركية العاليةو أمام ذلك ساومته على دفع ديون عمارته بالكامل دون أن يكلفها هو كمسؤول جمرك دفع القيمة الجمركية العالية للجهاز هنا ثار وغضب متسائلا كيف لهؤلاء أن يساوموه .. لولاء أن يكون هنالك من يتواطئ معهم ويخون الامانة
فهد خضر وعبدالحميد العليان أثناء حديثهما مع المحرر
عبدالله عطالله لم يكن في يوم من الأيام يبحث عن مصلحة خاصة عبدالله عطا الله في ذلك الزمان قبل خمسة وثلاثين عاما كان يطالب بإنشاء مكتبة عامة في محافظة أملج .. نحن نتسأل الأن منّ كان في ذلك الزمان يدرك أبعاد انشاء مكتبة في أملج كي يقرأ الناس .. فعلا عبدالله كان يطالب بها بل وكان يطالب بأن يخصص موقعها في الأرض الكائنة بجوار مخبز عم بدري يرحمه الله على أن تُنشأ على أحدث طراز وأن يتولى هو تزويدها بكافة بالكتب ..
.. هنا يردف عبدالحميد لقد كان هذا الرجل مثالا للإيثار كان يفكر كيف يعطي دوما دون ان ينتظر رداً من احد , أذكر في عام 1404ه كان أن كرمت إبان تخرجي وقتهتا فقط لم أجد من يستحق هذا التكريم سوى عبدالله عطا الله قلت له لدي هدية سوف أقدمها لك لانك بصراحة كنت ملازما لكفاحي وكنت معي خطوة بخطوة .. كنت رفيق دربي من البداية وحتى النهاية فهذا أول تكريم أشعر أنك أنت الأحق به وبالفعل أخذت هدية التكريم وأضفت معها ساعة ثمينة فقال لي أنا لدي شخصان عزيزان على نفسي هما من يستحق التكريم أحدهما ابن والثاني انسانة غالية علي جداقلت : التكريم لك يا عبدالله فقال هؤلاء اغلى عليّ من نفسي حينها أعطى الساعة لفهد خضر قائلا فقط أود من فهد أن يكون عصاميا وفي نفس طموحك وإصرارك والهدية الثانية كان أن أهداها لزوجته فأنظر كيف للرجل ان يتنازل عن تكريمه لغيره
العقبات .. هنا يقول الدكتور فوزي ربما كانت أميز العقبات التي واجهت عبدالله كونه لم ينشأ لفترة طويلة في أملج لأنه ذهب إلى جدة مبكرا ولذا كان في نظر البعض دخيل على المجتمع وهي الإشكالية التي واجهها يرحمه حتى من ناس جيدين ومحترمين ناهيك عن السيئيين .. اقول الناس المحترمين الذين كان لهم دور في البلد من شباب أحيوا البلد ثقافيا واجتماعيا , عبدالله جاء وأستحوذ على اهتمام الناس في الوقت الذي كان يرى هؤلا في أنفسهم بأنهم هم من ساهموا في بناء البلد في الرياضة والفن و ثقافة المهرجانات .. لقد جاء ولفت الاضواء نحوه بل وأستلم أدوار كبيرة عنهم بالرغم من أن هدفه ونواياه كانت في موافقتهم والمشي معهم على نفس المنوال ولعل من المهم هنا أن نذكر أن عبدالله كان عضوا بارزا في المجلس البلدي لمحافظة أملج
ولكن وللحق حتى أولئك الذيم كان لديهم حساسية نحوه أخيرا اقتنعوا أن عبدالله لم يكن يسعى أو يهدف لمصلحة خاصة لقد كان وطنيا ينظر لمصلحة البلد وهو في تكوينه حساس للغاية و أنت عندما يكون لديك مقياس معين في حياتك وتنظر لأي خطأ وتعتبره خطأ فادح بينما الأخرين ينظرون له على أنه أمر عادي هنا يكون الصدام وتنشأ الخصومة ! .. وهو ربما ما كان مثاراً لسؤاله الدائم كما يقول عبدالحميد حيث ذلك السؤال كان يسأله دائما ترى لماذا انا لست سعيدا ؟ يقول عبدالحميد : كنت أقول له لأن ميزانك يا عبدالله يختلف عن الأخرين أنت شخص متعلم ومثقف ومتبحر وثقافتك عالية وأنت دوما تريد أن ترتقي بحياة من حولك إلى مستوى ثقافتك بينما المجتمع من حولنا لا يتطلع سوى أن يجمع لقمة عيشه ويعيش .. أنت تطلب حرية رأي وديمقراطية .. المقياس الذي تنظر منه يختلف تماما عن ميزان الشخص الآخر لذ أنت دائم التوتر والغضب أمام أصغر الاخطاء .. عبدالله كان رجل ضمير .. إنسان لا يستطيع أن يخون أو يكذب و أي صفة سيئة يراها كبيرة لذلك الأخرين كانوا لا يتقبلون منه ذلك
هو ذات الشعور الذي يجعل المحبين له يلومونه دائما وهنا يذكر فهد قصتة مع الشاعر محبوب الجميدي يقول أذكر أننا ذهبنا ذات يوم أنا وعبدالله إلى مزرعة محبوب الجميدي في الجنوب وكان محبوب قد أقام مأدبة عشاء إحتفاء به ولعل من نافلة القول أن عبدالله كانت لديه ميزة وهي أن رسائلة وبرقياته كانت تصل مباشرة للجهة المعنية دون أن تفتح من أيشخص وهو في بعض أحيان كان يكتبها بأسلوب حاد لا يعرف المجاملة الأمر الذي كان يجعله عرضة للتحقيق والمساءلة يقول : أذكر يومها بعد أن عاد من تبوك لذات الغرض أن محبوب يرحمه عاتبه عتاب محب قائلا نحن في حاجة إليك لماذا لا تعير خوفنا عليك إهتماما ونحن من نحبك ونحتاتجك, نحن يا عبدالله لا نريد أن تخسرك , البلد في حاجة إلى من يطورها ويثقف شبابها فما كان من عبدالله ومحبوب إلا أن تعانقا عناقا شديدا وبكوا بكاء مؤثرا ما زلت أذكر تفاصيله حتى اللحظة .. كانت مشاعر أخوة وصداقة ومحبة حقيقية
يقول عبدالحميد : عبدالله عطا الله كان قاعدة انطلاق و القاعدة دائما ما يكون لديها كل المقومات بمعنى أنها لا بد أن تكون مجهزة بالمعلومة والمعرفة. عبدالله من الناس الذين زرعوا فينا الطموح و في ذلك الوقت لم يكن أحد يشعر بأهمية طالب الجامعة كان يٌنظر لمرحلتنا تلك بأنها مرحلة روتينية لم يكن أحد يحس بقيمة تخرجنا وتطلعنا للمستقبل لقد كان يحفزنا قائلا أنتم غدا ستتولون أعلى المناصب في البلد وسوف تعلون إسم البلد كنا نستغرب من كلامه لكننا اليوم فقط أدركنا ما الذي كان يقصده
يقول فهد هنا : عندما توفي يرحمه الله كان لديه احساس بأنه سيموت كان يود أن يدرسّني مادة الكيماء وأخذ الكتاب مني وقال لي أنا سوف أذهب إلى جدة وسوف أعود في الغد بإذن الله على رحلة العصر والمغرب أنتظر مجيئك كي نبدأ بالمذاكرة كان في حينها يريد رقم معاملة خاصة بالأستاذ علي أبوعطي مدير ثانوية هارون الرشيد وقد أوصاني أن أجلب له الرقم وقبل أن يطلع سيارته ويسافر قال لي بأن البيت والمزرعة بين يديك وأنا لو لم أعرف موقفك الرافض لكل ما أعطيك لأهديتك كل ما أملك قال لي قبل أن يرحل أرجوك ان تستسمح لي من كل من أخطئت في حقه أو تظن أنني أخطئت في حقه وقال لي الإنسان لا يدري إلى متى يعيش وانا مسافر قال لي حينها أنا لدي امل أنني سأعود غدا وندرس الكيماء سويا
أذكر حين خروجي من الإختبار في اليوم التالي أن فقدت رقم المعاملة التي يريدها من الأستاذ علي فذهبت اطلب الرقم مرة أخرى من الأستاذ علي أبو عطي الذي كان قد وصله نبأ وفاة عبدالله لكنه فضل عدم مصارحتي بذلك فقال لي سوف أعطيك اياه في المساء أو في الغد ! وأنا في طريق عودتي إلى البيت قابلت صديقي عبدالله الحساني الذي فاجئني بخبر وفاة عبدالله وإذ بي أهرع دون وعي سريعا للشرشورة وأرى تلك الجموع الحاشدة وأعين الناس التي قد اغرورقت بالدمع على فراق عبدالله عطا الله الإنسان كان موقفا مهيبا لن أنساه ما حييت
أذكرفي يوم وفاته يرحمه الله أن املج كلها اهتزت ودخلت في حزن عميق أذكر أن أتى لبيتنا نساء الحي أم محمد أبو عابد وأم فيصل خير الله وجمع من النساء اللواتي يعرفن من هو عبدالله عطا الله أذكر أنهن جاؤوا الى بيتنا وبكوا على موته وكأنه أحد أبنائهن .. لقد كان رجلا كريما يقف مع الفقير قبل الغني.و الضعيف قبل القوي
الخاتمة إننا ومن خلال هذا المنبر نأمل أن يتحقق حلم عبدالله عطا الله في إنشاء مكتبة بإسمه تزود بالكتب .. أو على الأقل أن يدون أحد شوارع البلد بإسمه تقديرا لدوره الكبير في المجتمع
نحن على يقين بأن من حاربوا عبدالله سيقولون ويعترفون بكونه إنسان عظيم سوف يقولون بان أملج لم تنجب مثله حتى لو تسألهم عن يوم فقده سيقولون بان أملج اهتزت لفقد ذلك الرجل .. في يوم وفاته كنت تسمع صدى خبر وفاته في كل بيت .. لقد كان إنسانا يحمل مبادئ سامية .. عدالة .. يقين وقبل كل شيء ضمير حي ..
هنا يظهر عبدالله عطا الله بجواره حسن قعيّد ومن ثم أخيه حربي فالأستاذ ناجي المرواني في إحتفاء بليلة زفاف حربي عطالله
هنا صورة للأستاذ عبدالله في أحد أرياف مصر
كلمات قيلت في حق عبدالله عطا الله يرحمه االله
عبد الله عطا الله عبد الخير المراني رحمه الله رحمة واسعه هذا اإسم الذي لايكاد أي فرد في محافظة أملج إلا ويعرفه وإن لم يكن قائله فقد سمع عنه , من الصعب أن نتحدث عنه في عجالة عابره الا أن نختصر مانعرفه في سطور فقد كان علما ورمزا ورجلا من رجالات أملج اأوفيا كان يربطني بهذا الانسان علاقة وطيدة ومحبة أخويه وكان من أقرب الناس إلى نفسي يآنس بي وأستانس بوجوده ويزورني كثيرا ويثق بي وقد جمعني به حبه للرياضة والثقافه , إنسان كان يحمل فكرا ومباديء وأخلاق عاليه .. حبه لاملج لامثيل له . عندما كنت مديرا لمتوسطة نور الدين وجدت له مطالبات لانشاء مكتبه عامة وملف بهذا الصدد وكان يطالب بأرض للمكتبه وقد لبي طلبه والذي حوّر فيما بعد لأرض لمتوسطة الامام وهي تقع الأن جوار الجمعية الخيريه وهو من أول المطالبين والمؤسسين لجمعية البر الخيريه ويعتبر صاحب الفكره مع الشيخ حامد عايش الحمدي كان لايمل رحمه الله من الكتابه والطلب لكل مايخدم محافظته حتى أنه يوم أن عين مديرا للماليه كان عضوا فعالا وممن تبنى فكرة توزيع الأراضي بالتساوي وبطريقة القرعه ومن أشد المعارضين للمحسوبية والوساطات بهذا الشان وأذكر ان لي ارض مشبكة وقال لي سوف أبدا بازالة ارضك لانك صديقي وفعلا حدث . هذا كان في بوم ما يقيم مباريات بين فرق الحواري وكان يشجعها بتوزيع الجوائز وشراء الملابس للاعبين وقد اختارني حكما لاحد المباريات النهائية وأهداني بهذه المناسبه ساعه راديو كان يلبسها خلعها بعد نهاية المباراة وسلمني اياها ولا زلت احتفظ بها في مقتنياتي الخاصه ولا أنسى وقوفه في جانبي في مرحلة تاسيس نادي الانتصار المسمى لاحقا نادي العقيق ثم نادي الحوراء فقد سمع بقدوم مندوب رعاية الشباب حمد الشريف لتقييم النادي وكان في طور طلب التسجيل المبدئي ويالتحديد في منزل محمود بركه العلاطي عام 93 وكان ينقصنا التأثيت والمكتبة فجاء بكامل مكتبته من منزله وجاء بأثات منزله من مفارش وكنبات وبالفعل اعتمد تسجيله مبدئيا ولم يكتفي بهذا بل جاء باللاعبين في فرق الحواري لان له شعبيه وحضور وتم تسجيلهم في كشوفات النادي كان قريبا من جميع ابناء المحافظه وكريما في كل شيء ويجمع الناس في منزله ويشجع الشباب لارتياد مكتبته في منزله وللترفيه كان يوجد في منزله طاولات تنس يتدرب عليها الشباب ولا أنسى انه شاعرا يجيد الكسره وله كسرات جميلة وياتي بها بكل سهولة وعلى الفطره كان رحمه الله يشترك في الاعمال التطوعيه على مستوى العسكريه والدفاع المدني وقد أتى بصورته بالزي العسكري حيث أنه كان متطوعا به ويمارس مهمة الانقاد والمشاركه في الكوارث وطلب مني أن أكتب عليها أبيات شعرية بما معناه ان غبت فهاهي صورتي تذكارا ولكن لم يمهله اأجل فما هي الا أيام وتوفاه الله في رحلة خير كان معه طلاب يريد مساعدتهم للقبول خارج املج وبفقده فقدت املج ابنا بارا وقلبا حانيا وقلما جريئا وصوتا مسموعا رحمه الله رحمة واسعه واسكنه محمود عزازي العنزي
عبدالله عطالله المرواني، وتقفز الى المخيلة ذكراه العطرة التي تملأ القلب سرورا ممازحا بالحزن!! ولعل القارئ يستغرب من سرور وحزن لعمرالله كيف يجتمعان؟! وأقول؛ إن من لا يعرف عبدالله عطالله قد يستغرب هذا! ذلك أن هذا الرجل الذي أتحدث عنه هو مزيج من بهجة وفرح وألم ومعاناة، لا يعرفها إلا المقربين منه، كل هذه المتناقضات هي التي شكلت شخصية عبدالله عطالله، وجعلت منه صديقا للجميع، وهذا مبعث السرور إذا يغبط المرء نفسه أذ عرف هذا الرجل. أما الحزن فمبعثه فقدنا له في عمر مبكر، بعد أن كان يملأ الحياة بهجة. عبدالله عطالله استطاع ان يبني في قلوب محبيه نزلاً تختلي فيه معه ساعة تريد ان تعرف معنى التضحية، وبالرغم من إقلاله الشعري إلا انك لا تكاد تلتقي بمحبٍ للكسرة إلا و ترد على لسانه الكسرة الأشهر من شوارد الكسرات التي يعد عبدالله عطالله من شعرائها، فمن لا يحفظ قوله : اللي بنا بيت من فضة... و أسسه من حجار الماس يجوز يرحل لأجل عضة ... و يعيش لاجي ما بين الناس ذلكم هو عبدالله عطالله الشاعر الذي يحمل بين جنبي قامته السامقة العريضة قلب طفل يفرحه قريب او صديق ، و يطول حلمه فإذا ما نفد صبره ثار حدّ الألم و لقد رأيت ذلك و شهدته أثناء الأحداث التي جرت بين لاعبي نادي الحوراء و لاعبي نادي الميناء من ينبع اثر اعتداء احد لاعبيهم على لاعب الحوراء الأخ العزيز محمد عزازي ، ولقد رأيت ذلك العملاق كيف بتصرف عندما ينفد صبره. تلك صورة لفقيد املج عبدالله عطالله، تقربه لمن لا يعرفه من الأجيال الجديدة، وهو وفاء من صحيفة املج ان تتذكره في هذه اللفة غير المستغربة منها، فلها جزيل الشكر. محمد بن صديق الحربي