يخطيء الكثير في تعريف الثقافة فيعتقد البعض انها تعريف للكم الهائل من العلوم والمعارف التي يتقنها الشخص ويرى البعض أن الثقافة هي تنميق العبارات وصف الألفاظ البديعة وإدخال بعض المصطلحات الأجنبية بجانبها أحيانا . والحقيقة هي أن الثقافة هي مجموع القيم والتقاليد والمباديء التي ينشأ عليها الفرد أو يسيّر عليها حياته . فالمثقف عند العرب هو من صار حاذقاً خفيفاً فطناً . واخذت كلمة " ثقافة " من تثقيف الرمح ، أي تسويته وتقويمه . وتُقاس ثقافة الشخص بسلوكة و حسن تصرفة وليس بحسن منطِقه فقط وتنتقل القيم والعقائد والمباديء بتعاقب الأجيال . ويتم تقويمها بالتجارب والخبرات . فبعضها يزيد انتشاراً في المجتمع وبعض ينحسر رويداً رويداً حتى يصبح من الماضي . وعندما نرى العديد من السلوكيات الخاطئة من بعض الشباب الذين يمثلون جيل المستقبل يتحسر المرء على مستقبل ستستمر فيه كثير من العادات الخاطئة والتي تشوه صورة المجتمع وتدل على إنعدام للوعي وعدم إحترام حقوق الأخرين . لايكاد المرء يخرج للتنزه في الأماكن العامة إلا وتزعجه ظاهرة التفحيط وعدم إحترام كثير من الشباب لحق الطريق ومرتاديه . ويزعجك شغل البعض للطرق بالوقوف فيها وتبادل الأحاديث دون أي إحترام لحقوق عابري الطرق . ويزعجك إحتقار البعض للمقيمين الاجانب وإيذائهم و مضايقتهم ضاربين بمشاعرهم وحقوقهم عرض الحائط . المشكلة ليست في مشاهدة هذه التصرفات فحسب ، بل هي ممارستها من قبل شباب يمثلون النواة الرئيسية لمجتمع المستقبل . وهو مايعني عدم تلاشي هذه التصرفات أو السلوكيات في المستقبل القريب ، أو ربما إنتقالها لأجيال من بعدهم . ولعل دور المنزل والمدرسة في محو هذه السلوكيات هو المحور التي ترتكز عليه تطلعاتنا لخلق مجتمع واعٍ بمسئولياته وواجباته وممثل لما تم تنشئته عليه خير تمثيل . فتصرفات الشخص تعكس البيئة التي تم تربيته فيها . وهذا الدور أغفله الكثير من اولياء الأمور الذين أعتقدوا ان ولاية أمر الأبناء تتمثل في تأمين الإحتياجات الحياتية اليومية فقط دون مراقبة أو تقويم وتهذيب للسلوكيات والمباديء . وهو ماجعلنا نجني ثمار هذا الإهمال في مشاهدة هذه التصرفات التي ليس من المفترض وجودها في مجتمع هو أكثر المجتمعات تمسكاً بعيقدته الدينية القويمة . وهو الأمر المؤلم أن تكون هذه ثقافتنا وهذه الصورة التي نرسمها لأنفسنا . ولعله من المهم تنظيم دورات لقواعد التربية الصحيحة للأباء والأمهات على حد سواء حتى ننعم بجيل قادم يخرجنا من الأزمة الثقافية التي وضعنا أنفسنا فيها .