ألقى الشيخ عبدالرحمن بن حامد عطي إمام وخطيب جامع عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطبة بليغه تحدث فيها عن شباب الأمه ومايرفع من شأنهم وعن مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته للشباب مستشهدا بقصص لصفوة صحابته رضي الله عنهم ومنها قصة عبدالله ابن حذافه وتباثه العظيم أمام الفتن ثم تحدث الشيخ عطي عن واقع شبابنا اليوم وكيف أصبح حالهم في عصر العولمة من ضعف في العقيدة والأخلاق وأمور الدين ثم وجه الشيخ رسائل تربوية لكل ولي أمر لإرشاد الشباب للعودة لطريق الحق خصوصا في أعظم أمر من الله عزوجل وهو الصلاة وتطرق الشيخ أخيرا للخطوة الإيجابية التي قدمتها وزارة التربية والتعليم بمتابعة الطلاب في أداء الصلوات. وإليكم نص الخطبه كامله:
يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون أن المتمحص في تلك الآية الكريمة يسال ربه الثبات على الاخره الثبات على الإسلام في كل حين في حياته قال الله تعالى (( احسب الناس أن يتركوا إن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )) نعم يصبح الرجل مؤمن ويمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم أوصى بالثبات حتى للميت عند دفنه ففال اسألوا له الثبات فانه الآن يسال بحاجه المسلم للثبات حتى على الصراط يوم القيامة يوم تزل الأقدام فقلب العبد اشد انقلابا من القدر عند الغليان وان قلوب بني ادم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء خاطب الله تعالى نبيكم في كتابه فقال (( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا )) هذا سفيان الثقفي رضي الله عنه يسال النبي صلى الله عليه وسلم قل لي في الإسلام قولا لا اسأل أحدا بعدك ، قال : قل أمنت بالله فاستقم أو قال ثم استقم فاللهم يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على طاعتك نسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين أيها الأحبة انقل لكم صورة من صور الثبات على الدين الحق انقل لكم ثبات شاب في الرعيل الأول فعمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل رأس هذا الشاب انه عبدالله ابن حذافة شاء الله أن يقع هذا الشاب أسيرا في أيدي الروم فحملوه إلى مليكهم وقالوا إن هذا من أصحاب رسول الله السابقين انه قد وقع أسيرا في أيدينا فأتيناك به نظر ملك الروم إلى هذا الشاب وقال له اعرض عليك أن تتنصر فان فعلت خليت سبيلك وأكرمت مثواك فان أجبتني إلي ما اعرضه عليك أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني عروض مغريه من اجل ماذا ؟ وهو أسير لايملك شيئا وفي قبضتهم كل ذلك ياعباد الله من اجل أن يرد هذا الشاب عن دينه كيف يبدل دينه كفرا وهذا ديدن الذين كفروا فضحهم القران بقوله تعالى ( ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) تبسم عبدالله بن حذافة تبسم المؤمن المعتز بدينه وقال والله لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما يملك العرب على أن ارجع عن ديني مافعلت ،، إنها إجابة طالب تخرج من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال والله لو وضعوا الشمس عن يميني والقمر عن يساري ماتركت هذا الأمر او كما قال صلى الله عليه وسلم لم تجد الإغراءات ثم بدأ يساومه في نفسه لأقتلنك فقال : له أنت وما تريد ثم أمر به فصلب وقال لقناصه ارموه قريبا من يديه ورجليه ولاتصيبوه برميه ثم دعى بقدر عظيم فصب فيها الزيت ورفعت عليه النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسرى المؤمنين فأمر بأحدهما أن يلقى فيها فألقي فإذا لحمه يتفتت من الحرارة وعظامه تبدو عارية (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) ثم التفت إلي عبد الله بن حذافة ودعاه إلى النصرانية فكان اشد ايباءن له من قبل فلما يأس منه أمر أن يلقى في القدر التي القي فيها صاحباه فلما ذهب به دمعت عيناه فقال رجل قيصر لملكهم انه قد بكى فظن انه قد جزع وقال ردوه إلي فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأباها فقال ويحك ما الذي أبكاك قال بكيت لما رأيت احد هؤلاء الأسرى يلقى في القدر وقد كنت أنا وإياه في سباق دائما في العبادة فكان إذا صلى ركعتين في الليل صليت أربعا وظنت أني اسبقه إلي الجنة وقد سبقني فمن هذا بكيت ونظرت إلي حالي فإذا لي نفس واحده إذا ماتت ذهبت وتمنيت أن يكون لي بعدد شعر جسمي أنفس فتلقى كلها في القدر وذلك في سبيل الله فلتفت الملك إلى وزرائه وقال فتناه في الدنيا فلم يجب وفتناه في الموت فلم يجب فماذا نفعل ؟ فقالوا له لو فتنته بالجنس فانه يجيب لأنه شاب وفي نفس الوقت غريب وله فترة عن أهله فقال قيصر علي بأجمل فتاه في مملكتي لعلي افتنه بها فتعرت تلك الفتاه من ثيابها ثم دخلت عليه فلما رآها غض طرفه وقال معاذ الله قالها كما قالها يوسف عليه السلام فأصبحت تأتيه من اليمين فيلتفت إلي يساره وتأتيه من يساره فيلتفت إلي يمينه ولما يئست منه خرجت وقالت للملك لست ادري أأدخلتموني على بشر أم أدخلتموني على حجر فلما علم هذا الطاغية ليس معه حيله يحتال بها على هذا المؤمن الصادق دعاه وقال له هل لك أن تقبل راسي واخلي عنك ؟ فقال له عبد الله دعني أشاور نفسي وأتيك غدا ثم عرض عبد الله هذا الأمر على أسرى المسلمين الذين معهم فقالوا له افعل ذلك فلما دعاه من اليوم التالي فقال له لعلك وافقت قال نعم وتطلق سراحي وكذلك أسرى المسلمين قال نعم فوضع عبد الله بن حذافة على رأس القيصر وقبله ثم أطلق سراحه وسراح أسرى المسلمين فلما رجع هو والأسرى استقبله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقبل رأس عبد الله وقال حق على كل مسلم أن يقبل رأسك وانا ابدأ بك ياعباد الله جميل ان ترى رجلا ثابتا على دينه ولكن الأجمل ان ترى شابا ثابتا على حق خاصة في زماننا هذا الذي تلاطمت فيه أمواج الفساد وكثرت الفتن فأصبح الشاب كالحمل الوديع في ارض مسبعه إن نفل عنه تخطفته السباع الغارية والوحوش الكاسرة فهناك فتية تخطفتهم بهرجة الحضارة البراقة وآخرون سقطوا في فتنة الإرهاب والتنكر للوطن وحكامه وعلمائه وآخرون سقطوا في مستنقع المخدرات والمسكرات وآخرون ضحوا بدينهم وأخلاقهم وقيمهم وبالأمس سمعتهم لذاك الشاب الذي تنكر لدينه ونبيه صلى الله عليه وسلم السؤال ياعباد الله هل الأسر والبيوت والمؤسسات التعليمية بمقدورها اليوم بعد توفيق الله أن تحمي الأبناء من الفتن والمصائب وبهرجة العولمة فالأبناء اليوم يعيشون في عالم العولمة بمفهومها الظاهري وأبعادها الثقافية والفكرية والعلمية والعملية كم هم الذين سقطوا في مهاوي الرذيلة والخنا في عصر العولمة يفوق ماسقطوا في ألازمنه الغابرة فهل يجدي اليوم منع الأبناء من استخدامهم للاجهزة (لا وإلف لا) فأجهزة التقنية اليوم هي قلم ومحبرة التعليم والتعلم فمن لايجيدها فهو أمي وهل قفل الأبواب وعدم الخروج من المنزل وسيله مجديه اليوم لتربية الأبناء فالتقنية والتكنولوجيا تسلقت سطوح المنازل وخرقت الجدران ونفذت إلي المنازل أكثر من نفوذ شعاع الضوء والصوت فابنك اليوم يكون بجانبك أنت وهو في غرفة واحده في بيت واحد ولكن هو في عالم وأنت في عالم أخر والفتاه قد تكون في بيت أهلها ولكنها تعيش في عالم الضياع وهي لم تخرج من البيت قط عباد الله لابد من الاجابة على هذا السؤال عمليا لا قوليا لماذا عبد الله بن حذافة وغيره من السلف الأول استطاع أن يثبت ويقف كالجبل ضذ المغريات التي قدمت له هل لأنه قد عاش في عالم غير عالم العولمة وما عرض لأبي حذافة يفوق ما تعرضه العولمة اليوم ملك وسلطان وغير ذلك ،،، بينما شبابنا تنزلق أقدامهم لكل عرض مقدم ولو من وراء الشاشات إلا من رحم ربي اذا رأوا فنانا قلدوه في لبسه وسوالفه وإذا رأوا غربيا قلدوه في إطاحته بنطاله فأصبح الجيل اليوم كالمرآة تعكس كل ما يقع عليها لنبحث إنا وأنت أيها الأب ويا أيها المربي إلي إجابة لهذا السؤال كيف نجعل من أبنائنا اليوم شبابا يجيدون السباحة في بحر التقنية والعولمة والغوص في أعماقها ولا نخاف عليهم من الغرق في هذا البحر وأرجئ البحث في هذا السؤال في الخطبة الثانية عباد الله : إذا لم تجدوا جوابا شافيا فخذوا هذا الجواب من أفواه أبناءنا وجدته مكتوب بالقلم العريض في صحيفة عكاظ ليوم الثلاثاء السادس من هذا الشهر خذ هذا الجواب من احد الأبناء الذين سقطوا في دومة الضياع يجيب وهو داخل قضبان السجن يقول لم نفكر في العواقب إلا بعد فوات الأوان وضعف الوازع الديني السبب
صدق والله هذا الشاب السبب ضعف الوازع الديني إن تلك العبارة المكتوبة بالقلم العريض رسالة للآباء للأمهات للأسر للمعلمين للمؤسسات التعليمية وكأنه يقول بطريقة غير مباشره مازلت أقدامنا في مهاوي الرذيلة إلا بسبب تقصير الآباء تجاهنا ياعباد الله : الوازع الديني في نفوس أبناءنا قريب من الصفر
ياعباد الله : أبناءنا يشكون من أمراض هشاشة ليس هشاشة في العظام بل هشاشة في العقيدة هشاشة في التوحيد ضمور في أركان الإسلام فقر وليس فقر في الدم بل فقر فقر في الولاء لدينهم ولسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم والبحث في هذا الأمر يحتاج إلي وقت أطول فلذلك ترى على الأبناء ذبول العقيدة جفاف التوحيد لم تجر في عروقهم محبة الله ورسوله وفضائل العبادة لم تأخذ سيقانها حظها من النصح والبيان لم تجد من يؤازرها فاستغلظت سوقها على عوج فأعراض تلك الأمراض ظاهرة عيانا بيانا على أبناءنا إلا من رحم ربك من أعراض تلك الأمراض ترك الصلاة أين الأبناء ياعباد الله في مساجدنا في الجمع والجمعات لماذا استفحل هذا الأمر إلا يعلم الأب ماعاقبة ذلك إلا يقف على حديث أبو هريرة رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول (لينتهين أقوام من ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) إن الدائرة تدور علينا نحن الآباء نحن المعلمين هل أخذنا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم مروا أبناءكم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (أنها دورة تربوية ) هل أخذنا بمبدأ الجد عندما أمرنا بقوله تعالى ( وأمر اهلك لصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة لتقوى ) هل أخذنا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم الا نخاف على أبناءنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم (من سمع النداء يوم الجمعة فلم يأتيها ثم سمعه فلم يأتيها ثم سمعه فلم يأتيها طبع الله على قلبه وجعل قلبه قلب منافق أنرضى ذلك لابناءنا الا يردعن هذا الحديث الا نترك الأبناء وراء ظهورنا في أوقات الصلوات نذهب للمساجد ونتركهم نياما أو هم يلعبون لقد خطت إدارة التربية والتعليم خطوة ايجابيتا عندما أوصت المدارس بمتابعة الطلاب للصلوات الخمس من خلال إصدار بطاقة متابعة لكل طالب أنها بادرة خير فاهبب بالائحة والآباء متابعة تلك البطاقة والصبر على المداومة كما قال تعالى واصطبر عليها ففيها الخير وسوف يقطف ثمارها الابن وال الاسرة والمجتمع والوطن فاللهم اهدنا والأبناء الى سواء السبيل وأصلح نياتنا وذرياتنا
خطبة الشيخ / عبدالرحمن بن حامد عطي إمام وخطيب جامع /عمر بن الخطاب بأملج بتاريخ / 9/4/1433
نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يجعله في موازين حسناته ويجزي عنا كل الجزاء