انتهيت مؤخرا من قراءة الرواية العظيمة للكاتب التركي الحائز على جائزة نوبل أورهان باموق، هو أصغر كاتب يحصل على نوبل ورواياته عموما تحظى بشهرة عالية، بعد أن أغلقت الكتاب جلست أفكر في تركيا وفي الأتراك ..الكتاب يتحدث عن الهوية، وهي ليست الرواية الوحيدة التي يتساءل فيها أورهان عن الهوية، فرواية (إسمي أحمر) كما أتذكر أيضا تحمل هذا التساؤل، يبدو أن سؤال الهوية هذا سؤال كبير يخطر ببال الكتاب الكبار، فأمين معلوف كتب أيضا كتاب الهويات القاتلة ومن وحي هذا الكتاب كتب روايته البدايات .لكن بالنسبة لي أمين معلوف واضح أكثر أو أنه قد وصل في كتابه الهويات القاتلة إلى من هو وماهي هويته، بينما أورهان في رواياته لايزال يتساءل عن هويته، أو ربما عن هوية التركي بشكل عام .. حين أغلقت الكتاب بعد أن قرأت آخر سطر فيه، فكرت في تركيا، في الأتراك، في هذا الإرث الضخم الذي ينظرون إليه، الماضي العظيم، وأتساءل، إذا كنا نحن العرب الذين فقدنا قوتنا منذ مدة طويلة جدا، لازلنا نتكئ في معظم الأحيان على ما كناه في وقت من الأوقات، ونتطلع بحسرة وألم إلى زمن مضى منذ وقت بعيد، كيف يفكر الأتراك في ماضيهم، ماهي الهوية التي ينتمون إليها، في أشكالهم وديانتهم وطباعهم وعاداتهمم هم أقرب لنا، للشرق الأوسط، وفي طموحهم وسياستهم يحاولون الوصول إلى أوروبا، هل هم مترددون في اللحاق بالركب الأوروبي؟ هل يخافون مثلنا من فقدان الهوية الاسلامية بالكامل إذا هم تبنوا الشكل الأوروبي في الحياة، ولماذا يفقد الإنسان هويته إذا أراد التمثل بالأمور الجيدة في الآخر .. كل هذه الأسئلة بعثتها في رواية أورهان باموق، لمحت في روايته رغبة قوية في التمسك بهوية واضحة للتركي كما يجب أن يكون، لكن من هو التركي كما يجب أن يكون؟ من هو العربي كما يجب أن يكون؟ من هو الإنسان كما يجب أن يكون .. أثناء ذلك كنت استمع إلى الصديقات والأقارب يتحدثون عن مهند ونور، عن لميس ، عن التركيات الجميلات وعن الأتراك الشقر، عن البيوت الفارهة والرومانسية التركية ..كنت أنظر إليهم وأتذكر رواية باموق وأقول، ترى ما هو رأي أورهان باموق في غزو المسلسلات التركية لعالمنا العربي، وماهو رأيه في هذه المسلسلات التي ندرك أنها لا تمثل الشعب التركي بهمومه التي وردت في الكتاب الأسود ..كم أتمنى لو أستمع إلى رأيه في هذه المسألة هناء حجازي