تبدو خارطة الاهتمامات، في عالمنا العربي والإسلامي مزدحمة بجملة من القضايا والتحديات، وأعينها متجهة غالبا نحو الهم السياسي وما يرتبط به من صراعات وقضايا ومشكلات، فيما يبدو لنا أن المسألة الاجتماعية أكثر إلحاحا وأشد أهمية، كونها نقطة ارتكاز لبقية الفاعليات التنموية. ونحن لا ننكر هنا الصلة العلمية، فالعمل الاجتماعي هو أحد فروع العلوم الاجتماعية التي تهدف إلى دراسة حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات وتحسينها، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بباقي فروع العلوم الاجتماعية الأخرى، لاسيما السياسة، ويتحد معها كوسيلة لتحسين الظروف والأحوال الإنسانية. كما أن العمل الاجتماعي على وجه التحديد، يعد ركنا ركينا في الحياة السياسية نظرا لأهميته القصوى لكافة أعضاء المجتمع، وهو الأمر الذي يدعونا إلى القول بحاجتنا كأمة للاهتمام بالعمل الاجتماعي، إنما تأتي لاعتبارات متعددة، في مقدمتها المردود السياسي والتنموي لهذا العمل. كما وأننا نريد، مع ما سبق، التأكيد على الأولوية في خارطة اهتماماتنا، فالعمل الاجتماعي، لم يعد عملا تكميليا بل أصبح جزءا أساسيا في معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، ومن أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة الإنسان والمجتمعات، ويستند لتحقيق أهدافه على خطط وبرامج تنموية. وإذا ما كان العمل الاجتماعي يرد، في استعمالات الباحثين والمهتمين، بعدة صيغ ومفاهيم، تختلف في التراكيب والمباني، فإنها تكاد تكون من باب تعدد الأسماء لمسمى واحد، والخيط الناظم الذي تنتظم فيه هو المقصد التنموي الإنساني. والعمل الاجتماعي، بهذا المعنى يقوم على مجموعة من المقومات والركائز منها الإيمان بقيمة الفرد وكرامته التي دعتها إليها جميع الأديان السماوية، والاعتقاد بأن الإنسان هو الطاقة الفريدة في أحداث التغير الاجتماعي ولابد من مساعدته على تأدية الأدوار المنوطة به. وتكمن أهمية العمل الاجتماعي كون الخدمات التي يقدمها تستطيع القيام بثلاث مهام أساسية في نطاق دفع الإنسان على طريق التطور. وتتمثل أولى هذه المهام في كونها تشكل إطارا يُنظم من خلاله البشر من أجل المشاركة الفعالة داخل المجتمع، ومن ثم فهي من محفزات العمل والإبداع لدى الإنسان.