الأيّام تمشي والشهور تسير والسنون تمضي؛ والبصير من بصّره الله .. أسأل الله أن يُعيد علينا وعليكم مثل هذه الأيام المباركة أعواماَ عديدة وأزمنة مديدة.. ونحن في خير وصحة وعافية وسلامة وأمن .. إخوتي ،، العاقل والحصيف الذي يربأ بنفسه؛ يتفكر في قول الحق سبحانه: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآياتٍ لأولي الألباب" وفي قوله سبحانه : "يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار"؛ فاختلاف الليل والنهار وتقلبهما له حكمة بالغة ما يدركها إلا ذوو العقول الراجحة التي تعلم أن الله ما خلقنا إلا لعبادته وهو غني عنا وعن أعمالنا، وهو المتفضل علينا جميعاً بأن خلقنا على هذه البسيطة لعبادته. يقول الحسن البصري رحمه الله: "يا بن آدم إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يومك ذهب بعضك" ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمت يومًا مثل ما ندمت على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه عمري ولم يزد فيه عملي" يقول الحق : "وكل إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً* اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً*من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه". والمتدبر في هذه الدنيا يعلم أنه لم يُخلق لأجلها أو للخلود فيها؛ وإنما هي ممر ليس إلاّ!! كما قال الحق سبحانه على لسان مؤمن آل فرعون: " يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار" ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". أهل الطاعة يستمتعون بهذه الدنيا على قدر ما يستمتعون بها وينالون أجرهم في الدار الآخرة ويعلمون أن فيها الخلود والعطاء؛ كما يقول تعالى ذكره: "كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية" ويقول تعالى: "وأما الذين سُعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلاّ ما شاء ربك عطاءً غير مجذوذ". إخوتي ،، الوقت هو الحياة؛ فمن استغله فإنما استغل حياته، ومن فرط فيه فهو لما سواه أضيع!! ومحاسبة النفس بالتأكيد ليس فقط في نهاية العام وإنما في كل أوقات العام فقد تكون بعض المناسبات سببًا للمراجعة والمحاسبة مثل شهر رمضان المبارك وبعض الأيّام الفاضلة وحج بيت الله الحرام وغير ذلك.. كل هذه أسباب لذلك؛ ولأنها هي التي تزود المسلم بالطاعات إلى أن يلقى الطاعات التي تليها. لنتذكر مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال في خطبته : "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ". وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجعل أوقاتنا عامرة بذكره.. وأن يشغلنا بطاعته وأن يُبعد عنا شياطين الإنس والجن.. وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته محبكم المستشار الأسري/ رائد بن صالح النعيم