عندما تنظر إلى الواقع اليوم وتريد أن تطرح رأيا أو تبدي وجهة نظر أو تشارك في نقد … فيجب أن تضع أمامك أمورا مهمة وقواعد تبني عليها مشاركاتك واطروحاتك. إن المسلم المستقيم لا يغيب عنه أبدا منهج الكتاب والسنة لينطلق منهما إلى ميادين العمل وفنون العلم وجهاد الكلمة وأمانة القلم (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه) رواه مالك في الموطأ وحسنه الألباني، ولا غرابة أن من تمسك بهما بإخلاص واقتفاء أثر سيحسن عمله ويبدع قلمه ويسلم قوله من زلات اللسان وسقطاته. ومن الأمور المهمة التي أشار إليها الكتاب وقررتها السنة المطهرة أن الهداية هدايتان: دلالة وإرشاد، وتوفيق وإلهام ؛ فالأولى وهي التي يقدر عليها الرسل وأتباعهم، وهي المعنيُّ في قوله تعالى (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) (7- الرعد) أي: لكل قوم هاد يدلهم ويُرشدهم إلى سُبُل الحق ، والثانية لله وحده سبحانه ، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى لخاتم رسله صلى الله عليه وسلم (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ) (272 – البقرة) ، ويقول جل ذكره: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (56 – القصص)، إذا علمْتَ هذا فلا عليك إلا أن تبذل الجهد والعمل في دلالة الناس وإرشادهم للخير والحق ولا يثنيك قلة المستجيبين ولا كثرة الضالين ؛ بل ولا سخرية الساخرين وتحريف المبطلين … ثم اعلم أن الرضا التام من الناس محال وليس هو دليل صوابك وصدقك ؛ فقد تصيب الحق فتجد الممانعة ممن استحكمت عليهم شهواتهم وقادتهم أهوائهم ، وقد تحيد عن الصواب فتجد الرضا ممن مانعك إبّان صوابك ، والعكس بالعكس (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) (116 – الأنعام )، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمت رسالته الثقلين وجاء بالحق المبين من رب العالمين ولم يسلم من صدود قومه وإيذائهم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يقودنا لدرس عظيم أكد عليه صلى الله عليه وسلم في فعله وقوله فروى ابن حبان وصححه الألباني من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس). فليتك تحلو والحياة مريرة .:. وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر .:. وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين .:. وكل الذي فوق التراب تراب أيها المسلم : قواعد مهمة استحضرها في كل عمل أو مقال أو كلمة أو غير ذلك من مجالات العلم والدعوة واملأ قلبك إخلاصا لله واسلك طريق السالفين من أهل السنة والدين أسوة بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، فاكتب بسم الله ولا تنظر للشانئين فيشغلوك عن هدفك الأسمى ، وأحسن الظن ولا تنتظر الأثر ؛ فإن عليك إلا البلاغ. د. ماجد بن عبدالرحمن الطويل